بين خطاب الكراهية وخطاب السلم الأهلي
سامان نوح
تعد الانتهاكات التي يقوم بها الصحفيون خاصة ما يتعلق بنشر الأخبار المُلفقة والمُحرفة وخطاب الكراهية، مشكلة كبيرة تواجه الصحافة في أجزاء عديدة من العالم،
ومع الدكتاتوريات التي تفرض الصوت الواحد، وأشباه الدكتاتوريات التي تفرض سياسات نشر مُقيدة، كما مع فوضى صراع المكونات في الدول غير المستقرة، وغياب أسس النشر المهني ومواثيق الشرف وادوات المحاسبة السليمة، تصبح المجتمعات مهددة في سلمها الأهلي.
مدخل تاريخي
– في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وفي ظل دولة تدار سياسيا بمركزية صارمة، وبوجود اقتصاد جيد مقارنة بالدول الاشتراكية الأخرى، عاشت شعوب يوغسلافيا المختلفة نوعا من الاستقرار، حيث لم يكن يسمح للانقسامات الثقافية والقومية والمذهبية بالظهور على السطح.
– في الثمانيات بعد وفات الزعيم تيتو (جوزيف بروز تيتو، حكم يوغسلافيا بين 1943 و1980، توفي في مايو 1980) بدأت الانقسامات والصراعات تظهر وفي نهاية الثمانينات حدث تفكك على عدة مستويات مع مطالبة العديد من الشعوب بالانفصال، حيث انقسم الاتحاد اليوغسلافي الى ست دول، وتحولت الانقسامات سريعا الى صراعات دموية في التسعينات.
– كان البعض يطالب بالانفصال وكان آخرون يطالبون بمزيد من مركزية الدولة للسيطرة عليها ومنع التفكك .. ومع استقلال بعض الدول عن الاتحاد اليوغسلافي بدأت الحروب في البوسنة والهرسك التي دفعت نحو مليون شخص من البوسنيين والكروات بصفة خاصة على الهجرة وترك مناطقهم، وكذلك فعل عشرات الآلاف من الصرب، وفي النهاية فرض المجتمع الدولي بناء دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة تتألف من كيانين هما جمهورية الصرب وفدرالية البوسنة والهرسك.
الدور السلبي للاعلام
– يرى صحفيون وسياسيون ونشطاء مجتمع مدني، ان الاعلام لعب دورا كبيرا في اشعال الانقسامات والصراعات والحروب في دول يوغسلافيا السابقة، فحين ضعفت الحكومة المركزية حيث كان الصحفيون والكتاب مضطرين للالتزام بتعليمات الحكومة وقوانينها ورقابتها الصارمة في البث والنشر، وكان جلهم بمثابة موظفين يدافعون عن سياسات الحكومة، بدأ الكثير من الصحفيين يكتبون وينشرون دون أية قيود مهنية او اخلاقية وتم استغلال المئات منهم من قبل الاحزاب للترويج والدعاية ونشر افكارها التي كان الكثير منها معادية للآخر بدوافع قومية او دينية او مذهبية.
– في ظل يوغسلافيا الاشتراكية ذات الحكومة المركزية القوية كان الصحفيون يخضعون لارادة تلك الحكومة وكان الخطاب الرئيسي هو الخطاب الشيوعي، وفي ظل الحكومات اللاحقة التي تشكلت في العديد من مناطق البلاد استمر التدخل في الاعلام واستغلاله وساد الخطاب ذو النزعة القومية.
ظهور خطاب الكراهية
– مراقبو الامم المتحدة اكدوا انه في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات وبسبب سياسات زعيم صرب البوسنة سلوبودان ميلوشيفيتش المتطرفة والساعية للوصول الى السلطة وفرض ارادة الصرب على كامل البوسنة، ظهر خطاب الكراهية بقوة، وبدء اعلام الصرب باستهداف الألبان أولا ومن ثم السلوفينيين والكروات واخيرا البوسنيين.
– يقول كاتب بوسني: قوة تأثير وسائل الاعلام تشبه قوة مفاعل نووي، هي تملك قوة هائلة في خلق النزاعات واشعال الحروب.
– لكن هناك جانب ايجابي لوسائل الاعلام ايضا، فأثناء الحرب وبعدها بدأ صحفيون بالتنسيق والتواصل لمواجهة الأخبار الكاذبة والملفقة والمحرفة وخطاب الكراهية الذي كان يساهم في زيادة الانقسامات واشعال الفتن وتأجيج الحرب، وكانوا يقومون في البداية بكشف تلك الاخبار والرد على خطاب الكراهية بشكل منفرد، ولكنهم بعدها تحولوا الى العمل بجهد جماعي مشترك لمواجهة القوى والاطراف والسياسيين والصحفيين الذين ينشرون خطاب الكراهية.
– وعمل الصحفيون على انجاز اللقاءات مع ضحايا الحرب والإغتصاب ليصبحوا صوت الضحايا، خاصة مع ترسخ القناعة لديهم بأن جرائم الاغتصاب حصلت من اجل بث الرعب واسكات الضحايا ومنعهم من الكلام ونقل الحقائق عن الابادات التي حصلت.وعملوا في مجال العدالة الانتقالية ومن اجل تحقيق العدالة في حدها الادنى بمحاسبة مجرمي الحرب ورفع اصوات الضحايا وتعويضهم معنويا ومساعدتهم قانونيا بما يساهم في اعادة بناء النسيج الاجتماعي.
الحقيقة صعبة الذكر
تقول Dragana Erjavec التي عملت لسنوات في توثيق التاريخ الشفوي لضحايا الحرب ومجال العدالة الانتقالية وزميلتها Jasmina Djikoli التي قدمت برامج تلفزيونية تتعلق بجرائم الحرب وضحاياها ومحاكمة المجرمين، عن تجربة الاعلام البوسني في مواجهة الحقائق الصعبة وتوثيق الابادات وانجاح مرحلة العدالة الانتقالية وبناء السلم الأهلي:-
– بعد الحرب بدأ عشرات الصحفيين يكتبون عن الجرائم التي حصلت، وعن أهمية ملاحقة المجرمين وعدم السماح لهم بالنجاة من العقاب، وتبنت صحف واذاعات متابعة هذه الأمور وكشفها في اطار المطالبة بتحقيق العدالة… وظهر الكثير من الصحفيين الشباب الشجعان الذين ارادوا كشف الحقائق وان يمثلوا الضحايا… كانوا بمثابة مكبرات لأصوات الضحايا… هؤلاء آمنوا بأن عليهم نقل تجارب الشعوب التي عاشت الحرب وأن عليهم الانحياز دائما للحقيقة حتى لو أثرت على المجموعة التي ينتمون اليها قوميا او دينيا.
– لكن كشف الحقائق واعلانها، عملية معقدة، فعليك التأكد من كل شيء قبل نقله، لمنع اي محاولة لتزييف الحقيقة او تشويهها… وعليك في ذات الوقت وفي خضم التعامل مع الضحايا احترام وصيانة كرامتهم ومشاعرهم وأحاسيسهم.
– عليك ان لا تبالغ في ايراد الأحداث الكبيرة، وتكون دقيقا في نقل عدد الضحايا رغم ما تفرضه الحرب من مخاطر ورغم الخوف في نقل الأرقام… واجب الصحفي يكمن في ايراد الحقائق كما هي دون ان يضخم الأمور، او يصغرها، لأي سبب كان … الحقيقة في المقام الاول هي المهمة.
– وفي ظل التوترات العنصرية، القومية والدينية والمذهبية –الطائفية، المستمرة والتي لم تختفي بعد الحرب، عليك ان تكافح لايراد الحقائق كما هي وليس كما يريدها كل طرف، وفي ظل اختلاف الروايات المدفوعة بعوامل سياسية واجتماعية في ظل تعدد الانتماءات، يكون ايراد الحقائق مهمة صعبة.
– بسبب الصراع المستمر، وفي ظل التعصب لم يتم مواجهة الحقائق وبالتالي لم يتم حل المشاكل الأساسية… بعد كل الاهوال التي وقعت فان السياسة التي ينتهجها قادة الصرب ما تزال تنكر الحقائق، والمتعصبون الصرب مازالوا يسيطرون على المشهد السياسي وتتعالى اصواتهم وهؤلاء يرفضون مواجهة الحقائق ما يصعب الوصول الى حلول للمشاكل.
الحرب والتعصب
يقول العديد من الصحفيين البوسنيين، ان الاعلام في البوسنة بعد الحرب والى لاآن مازال يواجه تحديات كبيرة في ظل سيادة الاعلام الحزبي وضعف اعلام الدولة، وهو ما يجعل الانقسامات والتعصب بل وحتى الحرب حاضرة في الحياة البوسنية:
– تغطيات وسائل الاعلام للأحداث والوقائع لم تتطور كثيرا، بل يتم استغلال الكثير منها من اجل خطاب متشنج او دعائي ترويجي … فيما الخطاب الرسمي (المؤسسات الاعلامية الممولة من الدولة) يعاني من الجمود…. البرامج التي تتحدث عن تلك الحرب في وسائل الاعلام الخاصة المدعومة من احزاب الاطراف المختلفة، تتحدث وكأن الحرب ماتزال قائمة فلم تتغير تغطياتها ولم يتغير خطابها كثيرا عما كان عليه قبل 22 عاما.
– في ظل مثل هذا الاعلام ومع عدم حل المشاكل الأساسية، نجد اننا بعد 22 عاما على انتهاء الحرب مازلنا نسمع كل يوم كلمة حرب.. والناس الى اليوم يتحدثون عن الحرب والتعصب… هنا يكمن أهمية العمل اليومي والمكثف لمحاربة خطاب الكراهية في الاعلام، فذلك الخطاب يشكل تهديدا دائما بخلق ازمات بل واشعال حروب.
– يقول مؤسسو جمعية مقاتلون صغار ضد الحرب، ان الاقلام تقتل اكثر من البندقيات، حدث ذلك في الحرب البوسنية.. ودائما هناك من يروج للحرب ويريد اشعالها مدفوعا بمصالحه، وللاعلام دور في هذا فالكثير من الصحفيين يمهدون للحرب من خلال ما يبثونه من اخبار مُحرفة او مُفبركة او سيئة بدوافع مختلفة.
– ويتفق الكثير من المقاتلين السابقين والصحفيين والمثقفين البوسنيين، على مسؤولية الصحفيين في التأجيج للحرب والأزمات والتعصب: عليهم ان يتوقفوا عن اثارة المشاكل بدفع من السياسيين ومصالحهم… على الجميع ان يتذكر انه في ظل المصالح الضيقة لبعض الساسة يظل السلام مصلحة عليا للجميع، السلام هو اكبر المصالح.
آليات مواجهة الاعلام التدميري
الى جانب الدور الداخلي للمؤسسات الاعلامية في منع خطاب الكراهية المحرض على الانقسام والعنف في البوسنة، من خلال اعتماد المهنية واخلاقيات العمل الصحفي، فان هناك هيئات في الدولة تسعى بدورها الى مواجهة الخطاب التدميري للاعلام، مثل الهيئة المنظمة للاعلام، ومجلس الصحافة.
1- الهيئة المنظمة للاعلام:
هي الهيئة المعنية بمنح تراخيص العمل لمحطات الاذاعية ووسائل الاعلام المرئية في البوسنة والهرسك، وهي تقوم بتحديد أسس العمل وقواعد البث في تلك المؤسسات حصرا، وتتابع تطبيق تلك الأسس والقواعد.
تقول Azra Maloمن هيئة تنظيم الاتصالات في البوسنة والهرسك، ان قوة وسائل الاعلام وتأثيرها يظهر بشكل أكبر اثناء الصراعات والانقسامات والخلافات السياسية والمجتمعية والكوارث.
– كانت لدينا وسائل اعلام تنشر خطاب الكراهية في فترة ما قبل الحرب وهي ساهمت في تعقيد الانقسامات وزيادة الخلافات واشعال الحرب واستمرارها لسنوات، مع انتهاء الحرب تنبهنا لخطر تلك الخطابات واهمية معالجتها وبدأنا في 1998 بانشاء هيئة تنظيم البث الاعلامي والتلفزيوني، بهدف متابعة تلك القنوات والزامها بالعمل بشكل مهني ومنع خطاب الكراهية فيها، و تم وضع قواعد للبث ونتابع تطبيق تلك القواعد بصرامة.
– وسائل الاعلام قبل الحرب، وبعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي، لم تخضع لقواعد تنظم عملها بحجة التمتع بالحريات التي ظلت مفقودة خلال الحكم الشيوعي في يوغسلافيا، ومع عدم وجود جهة رقابية وتنظيمية تم استخدام وسائل الاعلام قبل الحرب وخلالها من قبل الاطراف السياسية من اجل بث خطابات التحريض على العنف والكراهية وتحولت الى آلية فاعلة ومؤثرة لتأجيج الاوضاع، وتغذية الفكر القومي والديني المتطرف، وكانت بعيدة عن أسس ومثل الصحافة المهنية.
– مع انتهاء الحرب رأى المجتمع الدولي صاحب القرار في البوسنة ضرورة تنظيم عمل الاعلام، وتمثلت اول خطوة في ذلك الاتجاه دعم تأسيس هيئة تنظيم الاعلام في العام 1998 بهدف تعزيز دور الاعلام في بناء السلام. وبدأت الهيئة في البداية عملها دون معايير محددة وواضحة لمحاربة خطاب الكراهية ومحاسبة المروجين له، لكنها اليوم تفرض معايير اخلاقية محددة للعمل بوسائل الاعلام بعد تبني ميثاق شرف للبث.
– وبين اهم البنود التي يحملها ميثاق الشرف للبث التلفزيوني والاذاعي، منع خطاب الكراهية والتمييز بين المكونات والتجاوز على حقوق الانسان.
– المجتمع الدولي دعم ذلك في اطار تطوير المجتمع المدني والسعي لتعزيز عملية بناء السلام، لكن الميثاق الصادر لم يعطي في البداية تعريفا واضحا لخطاب الكراهية ولا حمل منعا صريحا له، ما سمح باستمرار خطاب الكراهية، قبل ان يتم اجراء تعديلات واضافات.
– خطابات الكراهية استمرت للفترة بين 1998 و2001، لكن مع التعديلات والاضافات التي تمت لاحقا خلال عقد من الزمن بما فيها اضافة فقرة خاصة بمنع خطاب الكراهية، وفي ظل الأسس والقواعد والمعايير الموضوعة والتي تتوافق مع توجهات الاتحاد الأوربي، ومن خلال المتابعة والرقابة تم خفض خطابات الكراهية بشكل ملحوظ، وخلال السنوات الثلاثة الأخيرة رصدت حالات أقل من الانتهاكات وعمليات التحريض.
– في العام 2001 الهيئة أصبحت وكالة رسمية تنظيمية لجميع مؤسسات البث الاذاعي والتلفزيوني، ومن خلال ذلك أصبحت تملك اطار قانوني لمراقبة ومعاقبة المؤسسات التي تبث خطابات كراهية.
– الهيئة تفرض عقوبات على وسائل الاعلام التي لا تلتزم بالمعايير المحددة، تبدأ بانذار خطي مكتوب، ثم عقوبة مالية بمبلغ يصل في حده الاقصى الى 150 الف يورو، وانتهاء بسحب الرخصة من المحطة.
التحدي قائم ومستمر
يرى صحفيون واكاديميون بوسنيون، ان مواجهة خطاب الكراهية، يتطلب المزيد من العمل المشترك وعلى اكثر من صعيد تربويا وتعليميا ومجتمعيا واعلاميا وقانونيا، ويظل التحدي قائما، مع تغير التعابير والكلمات التي تدل على الكراهية، فلا توجد مشكلة اكبر من مشكلة مواجهة خطاب الكراهية بوجود مصادر متعددة لذلك الخطاب، ومن هنا فان مسؤوليات وسائل الاعلام تختلف وتتنوع في هذا الاطار:-
– هناك خطابات الكراهية التي تحملها التصريحات السياسية وحتى بعض البيانات او البرامج التلفزيونية والاذاعية المعدة مسبقا، وهناك البث الاعلامي المباشر والذي يتطلب من الاعلامي السيطرة على التصريحات سواء للضيف او للجمهور، وهناك ايضا ما يتمثل بالتعليقات والآراء المختلفة التي تقدمها وسائل الاعلام وتعليقات الجمهور والتي يتم تناقلها على المواقع الألكترونية للمؤسسات.
– في ظل غياب تعريف محدد لخطاب الكراهية، من الصعب التعامل مع الكثير من الخطابات، لذا الهيئة تنظر عموما في امكانية ان يولد ذلك الخطاب عنفا وكراهية تؤثر على المجتمع ما يقتضي التنبيه والمحاسبة.
– من الناحية التنظيمية، كل ما يتم بثه ونشره من خلال المصادر المتعددة والمختلفة، هو مسؤولية رئيس التحرير، لكن السؤال والمسؤولية تقع على عاتق كل اعلامي وصحفي: هل استطاع ابعاد نفسه عن مثل تلك الخطابات.
الاطار التنظيمي وسبل العمل
هناك ثلاثة اطر تنظيمية للعمل في الهيئة، تتمثل في ادارة الهيئة، ولجنة تلقي الشكاوى من الجمهور والنظر فيها واتخاذ الاجراءات، وهناك المحكمة التي تصدر القرارات في حال عدم قناعة وسيلة الاعلام بالاجراءات.
للهيئة صلاحية متابعة البث الاذاعي والتلفزيوني والتدقيق في البرامج من اجل التحقق من الالتزام بالمعايير المحددة، لكن في ظل وجود نحو 250 مؤسسة حاصلة على رخصة البث والعمل في البوسنة، يستحيل متابعتها كلها ورصد برامجها، يتم الاعتماد على شكاوى الجمهور من اجل رصد خطاب الكراهية والتنبيه له ومعاقبة الجهة المسؤولة عنه.
وسائل الاعلام ملزمة قانونا بحفظ البرامج التي تبثها لمدة ستة اسابيع، وهي المدة التي يمكن ان يتم فيها تقديم الشكاوى من قبل الجمهور او اي طرف آخر، أما رفع شكوى ضد برامج تم بثها قبل اشهر فان الملف عادة يفقد قدرته على الادانة بسبب التقادم في الزمن.
2- مجلس الصحافة:
هو مجلس يعنى بمتابعة الصحف والمواقع الالكترونية ورصد ما تنشره والتنبيه للأخبار المحرفة وتلك التي تخالف قواعد العمل المهني واخلاقيات العمل الصحفي، وهو يمثل شبكة وصل او وسيط بين الجمهور والصحف، ويعمل المجلس من خلال الدعم والتبرعات بشكل مستقل، وهو لا يرتبط باي سلطة حكومية او حزبية.
تقول Liljana Zurovac من مجلس الصحافة والإعلام عبر الإنترنت في البوسنة والهرسك، ان عمل الصحف والمواقع الالكترونية يخضع للقوانين والاجراءات المتعلقة بعمل وسائل الاعلام في البوسنة والهرسك والتي تم تبنيها اعتمادا على القوانين الاوربية وبدعم من المجتمع الدولي. وهناك مدعي عام من واجباته متابعة وسائل الاعلام ورصد ما تنشره من مواضيع وتحريك الدعاوى القانونية اذا لزم الامر.
يضم المجلس، هيئة ادارية، وهيئة عامة، ولجنة للشكاوى التي تمثل جهة مستقلة تماما داخل المجلس تضم 9 اعضاء (3 رؤساء تحرير، و 3 قانونيين، و3 من الاكاديميين) وهم ينظرون في الشكاوى الواردة ويتخذون القرارات بشأنها.
ولا يعنى المجلس بمتابعة ورصد ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينظر الى كونها نشاط اجتماعي ومنصات لتعبير المواطنين عن آرائهم وليس الصحفيين الذي ينظم عملهم من خلال القواعد المهنية والاخلاقية في مؤسساتهم.
مهام المجلس
يقول أعضاء بمجلس الصحافة، ان المهمة الاساسية للمجلس تتمثل في مراقبة تطبيق ميثاق الشرف الصحفي، والمعايير الاخلاقية والمهنية للعمل الصحفي، وحماية المواطنين من نقل الاخبار الخاطئة والمفبركة والمحرفة، وتشجيع الصحفيين على العمل باستقلالية وحرية، وتشجع المواطنين على الدفاع عن حقهم في الحصول على المعلومات والاخبار الصحيحة (الحقيقة)، فبدون ذلك لا يمكن الحصول على مجتمع حيوي وصحي.
– تلقي الشكاوى من المواطنين بشأن الاخبار غير الصحيحة والمُحرفة.
– مطالبة الصحف والمواقع بنشر تكذيب او تصحيح او اعتذار حين يتم التحقق من نشر خبر غير صحيح.
– في حال عدم الالتزام بنشر الاعتذار او التصحيح او التكذيب يتم الاشارة الى ذلك واعلام الجمهور به.
آلية العمل:
– يعتمد المجلس في عمله بشكل اساسي على الشكاوى التي ترده من المواطنين بشأن ما تنشره الصحف والمواقع الألكترونية، وتنظر في مدى حرفية نقل الاخبار والمواضيع المختلفة ومدى الالتزام بميثاق الشرف. وكان المجلس يعنى بما ينشر في الصحف والمجلات المطبوعة حصرا لكن في العام 2011 ومع انتشار الصحافة الرقمية تم اضافة المواقع الألكترونية.
– اذا اعترف رئيس التحرير بالخطأ الوارد في صحيفته فلا يتم فرض اي عقوبات عليه وهذا يمثل التنظيم الذاتي، لكن اذا رفض نشر التصحيح او الاعتذار او التكذيب فيتم التوجه الى لجنة الشكاوى للنظر فيها واتخاذ القرار بشأن موقف رئيس التحرير، وبناء على ميثاق الشرف يتم اتخاذ القرار بشأن هل حدث خرق للميثاق في الصحيفة ام لا، ويتم ننشر القرار في موقع مجلس الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي ويتم الطلب من الصحيفة بنشر القرار ايضا.
– أي ان العمل معنوي وطوعي في النهاية ولا يستطيع المجلس معاقبة اي شخص او مؤسسة، فقط يستطيع اظهار الخطأ والاعلان عنه ودفع المؤسسة ذاتيا لتصحيح الخطأ الحاصل والاقرار به، لكن لا يملك المجلس الحق في محاسبة المؤسسة الصحفية ويترك الأمر في النهاية للمحكمة للنظر في الامر وفق القوانين السائدة.
تصاعد الشكاوى
ويلفت أعضاء في مجلس الصحافة، الى نقطتين مهتمين تتعلقات بالانتهاكات الصحفية في البوسنة والهرسك خلال السنوات الأخيرة:
-وفق القضايا المسجلة فان عدد الشكاوى يتصاعد عاما بعد آخر، كانت هناك 113 شكوى في 2011 وفي 2017 تم تسجيل اكثر من 317 شكوى، وهذا أمر ايجابي من جهة ان الجمهور يرفض خرق معايير العمل الصحفي ويسعى لمحاسبة وادانة القائمين بها، لكن في ذات الوقت يشير الى استمرار الصحفيين بخرق اسس العمل المهني وميثاق الشرف الصحفي.
– في حال ورود شكوى، وصدور قرار من لجنة الشكاوى بحصول انتهاك وبغياب الاجراءات العقابية في آلية عمل مجلس الصحافة فيفترض ان يتحرك المدعي العام قانونيا، وان لا يتم انتظار قيام مواطنين برفع دعوى قانونية في المحاكم ضد تلك الصحيفة او الصحفي. يجب على المدعي العام ان يتابع هذه الامور، لكن واقع الحال ان الادعاء العام لا يتحرك حتى عندما يقوم مجلس الصحافة او الجمهور بالتحرك ، وهذه مشكلة كبيرة، فالادعاء العام لا يتحرك وفق ما هو مطلوب ولا يدرك خطورة نشر الكراهية في ظل الظروف القائمة في البوسنة ووسط السلم الاهلي الهش.
المادة منشورة على صحيفة “صباح كوردستان”