Site icon المنصة

“قصر سعدة ” اسطورة عشق الأمير البصري لفتاة من هيث

المنصة – كمال العياش

على ضفاف الفرات وعند مدينة هيت ثمة اطلال قصر رباعي الاضلاع، تبلغ مساحته (٢٠٠) متر مربع بناه رجل يدعى الأحمد لابنته “سعده”، التي اجبرها الحنين الى مدينتها وأهلها، على التضحية بزواجها الذي أصبح قصة تتوارثها الاجيال.

في مدينة هيت (١٦٠كلم) غرب العاصمة بغداد لكل حجر حكاية، ومنها قصر “سعدة” الذي أصبح شاهدا على احداث قد يشكك البعض في تفاصيلها التي تروي الاساطير انها جرت خلال الحقبة العباسية، اذ يتحدث المؤرخون والمهتمون بتاريخ المدينة عن قصة امير بصري كان قد أعجب بفتاة جميلة، من مدينة هيت (١٦٠ كلم) غرب العاصمة بغداد عند مروره بها للتجارة، فقرر خطبتها والارتباط بها.

يقع قصر “سعدة” في قرية “العطاعط” (١٢كلم) شمالي مدينة هيت الى الضفة اليسرى من نهر الفرات، وهو أحد اهم الشواخص الاثرية في مدينة هيت، يتكون من ثلاثة طوابق تشمل الأسس والسراديب وطبقتين علويتين، تزينها النقوش الجميلة والنادرة التي تعود الى الحقبة العباسية، استخدم في بنائه الحجر الصلب المقاوم للماء، إضافة الى القير الذي تشتهر به المدينة.

الحاج حمدي الهيتي أحد أقدم السكان المحليين لمدينة هيت والمهتمين بتاريخها، يقول ان “قصر سعدة” شاهد على نهاية حب اسطوري لم يدم طويلا، وبحسب الأسطورة المذكورة تمكن الأمير البصري من شق النهر بين البصرة وهيت بمساندة العشائر والقبائل المنتشرة بين المدينتين، ونفذ شرط الزواج التعجيزي، واخذ عروسه في اسطول من القوارب الصغيرة على أمواج هذا النهر، اعادها حرة الى مدينتها بعد أيام قليلة، ليستقبلها والدها بفرحة عارمة ويهديها القصر كمكافئة لعودتها”

ويستدرك قائلا “اضافة الى ان هذا القصر تحفة معمارية تعكس اهتمام أهالي المدينة القدماء بالمظاهر العمرانية، الا انه أحد الشواهد المهمة على مر العصور، يثبت ان مدينة هيت كانت واجهة اقتصادية مميزة للتجار والمتبضعين، ويؤكد ما ورد في مختلف كتب التاريخ التي تشير الى ان مدينة هيت واحدة من أقدم المدن التاريخية”.

وعلى الرغم من الشكوك التي يقدمها بعض الباحثين والمؤرخين حول انشاء القصر او قصة زواج الأمير البصري بالجميلة الانبارية، الا ان هذا الهيكل الذي مازال عصيا على الاندثار يمثل ايقونة حب وحنين، تلهم الشعراء والعاشقين.

أزهر عبد الله باحث وأكاديمي في جامعة الانبار، يرى ان ارتباط هذا القصر بقصة حب خيالية قد قلل من شانه، وتسبب بإهماله لعدم توافق الآراء حول اصوله التاريخية، ويؤكد ان “عدد كبير من الرحالة والمؤرخين زاروا مدينة هيت، وذكروا غالبية شواخصها التي مازالت موجودة الى الان بما فيها “جري سعدة” وهو النهر الذي شقه الأمير، لكنهم اختلفوا حول تاريخ بناء القصر او الهدف من بنائه”.

جمال الهيتي عضو جمعية التراث والثقافة في هيت قال “في غالبية مدن العالم يتم الاهتمام ببعض الشواخص وتقديمها على انها ارث تاريخي، يجب المحافظة عليه بعيدا عن اختلاف الروايات لأنها تمثل حقبة زمنية يجب توثيقها للأجيال القادمة، اما الاجراءات المتخذة في العراق تجاه المواقع والشواخص الاثرية، لا تكتفي بإهمالها بل تشكك وتطعن فيها”.

يؤكد السكان المحليين لمدينة هيت ان القصر كان مسكونا حتى عام ١٩٦٥، قبل ان تغمره مياه الفيضانات، ويطالبون بالاهتمام به والعمل على إعادة ترميمه، للمحافظة على ممتلكات المدينة التاريخية المهددة بالاندثار.

 

Exit mobile version