Site icon المنصة

ساحة التحرير في بغداد تحتضن نصب الحرية بذراع والمحتجين بالذراع الأخرى

المنصة – مصطفى حبيب

في قلب العاصمة العراقية بغداد يقف النصب الاكثر شهرة في البلاد، وهو نصب الحرية في ساحة مدورة كبيرة تعرف باسم “ساحة التحرير” ايقونة الاحتجاج العراقي ضد السلطة في السنوات القليلة الماضية.

مطلع تشرين الاول (اكتوبر) الماضي تجمع الالاف العراقيين في تظاهرات ضد الفساد وسوء الادارة، بعد ايام قليلة اقدمت قوات الامن على طرد المتظاهرين منها لتسيطر على الساحة، وانسحب المحتجون الى ساحة قريبة منها تُعرف بساحة الطيران، لم تكن مشكلة كبيرة لقوات الامن ان يحتج المتظاهرين في تلك الساحة بدلا من ساحة التحرير ذات الرمزية الكبيرة.

وحتى سنوات قليلة لم تكن ساحة التحرير معروفة عالميا، ومن خلال الاحتجاجات الشعبية فيها اصبحت مألوفة اكثر الى العالم، وكانت الساحة الاشهر قبلها في ساحة الفردوس التي تبعد نحو ثلاثة كيلو مترات عنها لأسباب عدة.

عند دخول القوات الاميركية البلاد في العام 2003 واسقاط نظام صدام حسين، اقدم جنود اميركيون في مشهد شهير على اسقاط تمثال كبير لصدام حسين يتوسط ساحة الفردوس، ليكون اعلانا رمزيا لسقوط النظام، لاحقا اصبحت الساحة مركزا للتظاهرات التي اندلعت منذ 2003 وحتى 2011.

كانت التظاهرات في تلك السنوات محدودة ومقتصرة على مطالب محددة، متقاعدون يطالبون بزيادة مرتباتهم، عاطلون عن العمل يطالبون بوظائف، احتجاجات حزبية من قبل اتباع القوى السياسية على قضايا مختلفة.

ولكن نقطة التحول الكبيرة كان في العالم 2011 عندما انطلقت اول واهم تظاهرات شعبية ضد النظام السياسي القائم بعد العام 2003، وعلى خلاف التظاهرات السابقة، قرر المتظاهرون ان يجعلوا من ساحة التحرير وليس الفردوس منطلقا لاحتجاجاتهم على غرار الثورة المصرية ضد نظام مبارك آنذاك.

ويبدو ان حجم الساحة التي تضم نصبا شهيرا يُعرف ايضا بـ “نصب التحرير”، وقرب الساحة من المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة والبرلمان والاحزاب ومنازل كبار السياسيين كان حافزا كبيرا للاحتجاج فيها.

ومنذ تظاهرات 2011 ضد رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، تحولت الساحة الى ايقونة ومنطلقا لعشرات التظاهرات التي شهدتها البلاد خلال السنوات القلية الماضية وصولا الى الاحتجاجات الجارية حاليا منذ اكثر من شهر، والتي تعد الاوسع على مستوى البلاد قياسا مع السنوات الماضية.

وتقع الساحة في قلب العاصمة بغداد، على يمينها يقع شارع السعدون التراثي الشهير حيث كان يضم اغلب السينمات في بغداد في خمسينات القرن الماضي، وامام الساحة جسر الجمهورية العريق الذي يربط الساحة بمنطقة كرادة مريم العريقة التي كانت تضم سكان بغداد اليهود والمسيحيين، وبعدها تقع المنطقة الخضراء المحصنة.

اما على يسار الساحة فيؤدي الطريق الى سوق السنك الشهير بأكبر سوق لبيع الادوات الاحتياطية الى السيارات، وبعدها سوق الشورجة، بورصة بغداد التجارية، واكبر مركز تجاري على مستوى البلاد لبيع المواد الغذائية وخلفها يقع البنك المركزي العراقي ومجموعة من المصارف ومحال الصيرفة.

في محيط ساحة التحرير وعلى جوانبها، تنتشر عشرات المكتبات العريقة التي تعرض اخر نتاجات الادب المحلي والعربي والعالمي، الى جانب الكتب النادرة التي تعود الى عشرات السنين، كما توجد العشرات من المحال المتخصصة ببيع الكاميرات واجهزة التصوير، وما ان تزور الساحة حتى يقترب منك مصور يخرج من احد هذه المحال، يسال فيما لو كنت تريد التقاط صورة تذكارية امام نصب الحرية.

وسط الساحة يقف نصب الحرية، النصب الاشهر للفنان العراقي الشهير جواد سليم، الذي جسد من خلاله سرد أحداث رافقت تاريخ العراق بمزج القديم والحداثة، وتخلل النصب الفنون والنقوش البابلية والآشورية والسومرية القديمة، إضافة إلى رواية أحداث 1958 والغاء النظام الملكي في البلاد وتحوله الى نظام جمهوري.

يكن العراقيون وخصوصا المتظاهرين اعتزازا كبيرا بهذا النصب، ويعتبرونه ممثلا لهم، في الليل يختفي النصب عن الرؤية بسبب الظلام المحيط به، لذا بادر المتظاهرون الى وضع اضواء ملونة حوله ليظهر بحلة جديدة قوبلت بفرح من قبل العراقيين رغم اعتراض بعض المثقفين.

Exit mobile version