Site icon المنصة

الدراما العراقية في رمضان… خيبة وحزن وجدل قائم

المنصة – علاء كولي

على الرغم من استذكار الدراما العراقية للوجع العراقي في سنوات طويلة من العنف الطائفي وتسليطها الضوء على ملفات الفساد والموت والخراب، الإ إنها لا تزال تثير موجة كبيرة مستمرة من الجدل من قبل المشاهد، على نحو واسع خلال شهر رمضان من كل عام.

المواضيع التي تناولتها الدراما في رمضان تباينت ردود الأفعال حولها بين داعمين لطرح أفكار جريئة، تكشف الواقع كما هو وتُظهر حقيقة القضايا المطروحة، وبين رافضين لعرض هكذا مواضيع تضع المشاهد في محنة وترسم صورة مأساوية عن الحياة في العراق، دون التركيز على المناطق المضيئة.

ومنذ سنوات، لم تقف الدراما العراقية على قصص اجتماعية أو تاريخية تخلد ذكرى الأحداث الكبيرة التي حصلت من زاوية فنية يمكن للمشاهد أن يراجعها دون أن يشعر بالألم، وبمنظار فني لا يفقد بريقه.
كانت الاعمال الدرامية في السنوات الماضية تقدم صورة فكاهية وضحك وسخرية دون رسالة واضحة جعلت المواطن يهرب من تلك الأعمال ويلجأ للكوميديا الهادفة لأعمال خليجية أو مصرية، وزادت في الطين بلة، أعمال عراقية هذا العام المشكلة ذاتها، كمسلسل (نعيم وحليمة) وحلقات من مسلسل (كما مات وطن) و(واحد زائد واحد).

ولطالما إنتقد متابعون في مجال الفن، المواضيع الفكاهية والساخرة التي تظهرها الدراما العراقية على مدى سنوات مضت والتي تطرح بعض الإشكاليات التي يراها المشاهدون أنها تسيء في بعض الأحيان لجماعات بشرية معينة، في ظل الدعوات لتأسيس دراما تهدف لصناعة مواقف إنسانية.

ومن الناحية الفنية فأن مخرجون سينمائيون يرون أن الشخصيات الدرامية التي تظهر في الأعمال العراقية، تقدم صورة مباشرة بالأداء وتفسح المجال بأن يتم إطلاق الاحكام المجانية على الشخصيات الدرامية التي تغرق باللون الواحد وهو شر مطلق أو خير مطلق.

وبين خفايا تلك المشاهد الفنية، تجعل بعض الأعمال الفنية، كمسلسل (أحلام السنين) و (بنج عام)، المشاهد العراقي بمزاج سيئ، بسبب تناولها لمواضيع وملفات ساخنة تستذكر فيها العصابات والقتل وهيمنة العشيرة وصناعة الخراب، والتي تبتعد كثيرا عن القصص الإجتماعية التي تقلل من زخم التراجيديا والسوداوية التي يتم إظهارها.

ولم تقتصر المواقف على الردود الشعبية فقط، بل دخلت هيئة الإعلام والإتصالات على الخط، وأعلنت في بيان ناري، موقفها من الأعمال الفنية، داعية إياها الى “الالتزام بقواعد البث الإعلامي التي تحدد المعايير العامة للبرامج المرئية والمسموعة، ولضمان منع التحريض على العنف والكراهية، والحفاظ على السلم الاهلي”.

كما أنها شددت على أن “احترام التقاليد الاجتماعية” واعتبرته “واجب انساني أكدت عليه القوانين والمواثيق الدولية، الامر الذي يحتم على وسائل الإعلام التعاطي بإيجابية واحترام العادات والطقوس التي يمارسها غالبية الشعب العراقي في شهر رمضان الفضيل، وعدم بث مواد مخالفة للذوق العام، والالتزام بالحيادية والمهنية في نقل الوقائع التاريخية” بحسب بيان الهيئة.

الإشكالية الآخرى التي رافقت عرض تلك الأعمال، هو السخرية من اللهجة والمكان، في الوقت الذي توجد به قيم صالحة ترسخ اعتزاز العراقي بهويته، كقصص عن شهداء تشرين والحرب على الإرهاب وقصص أخرى كثيرة.

وفي تطور بردود الأفعال، هاجمت عشائر من محافظة ميسان، مسلسل (أحلام السنين)، وإعتبرته يهدد قيمها ويقدم صورة سلبية ضحلة عن عشائر الجنوب، مؤكدة على “رفع دعوى قضائية على مخرج العمل وكاتبه وكل كادره التمثيلي والشركة المنتجة، فضلاً عن الملاحقة العشائرية لكل افراد العمل، بحسب بيان العشائر”.

ورغم كل ما طرحته وناقشته الدراما العراقية في رمضان هذا العام، الإ أنها قدمت صورة فنية تخلد الأحداث التي جرت في العراق بكل صورها، رغم المواقف القاسية من الأداء الفني أو الإخراج أو التمثيل.

Exit mobile version