الأحزاب الناشئة في الناصرية تواجه أصعب تحدياتها

علاء كولي – ذي قار 

يخشى مراقبون ونشطاء سياسيون في مدينة الناصرية جنوبي البلاد، أن تؤدي كثرة الأحزاب الناشئة التي انبثقت عن “مظاهرات تشرين” إلى تشتيت أصوات المحتجين في الانتخابات المزمع إجراؤها في تشرين أول/اكتوبر المقبل.

فخلال الأشهر الماضية تشكل أكثر من كيان سياسي “تشريني” أبرزها حزب “امتداد” الذي يقوده الناشط المعارض علاء الركابي و”حزب البيت الوطني”، وغيرها من الأحزاب التي تتبنى مطالب المتظاهرين استعداداً لخوض الانتخابات.

يقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد د.أنور الحيدري إن تعدد الكيانات الجديدة سوف يضعف من صوت حركة الاحتجاج بدلاً من أن يقويه.

ويضيف: “لقد كان لمظاهرات تشرين مطالب عامة واسعة من بينها مواجهة التعدد المفرط في الحالة الحزبية في بلد يعاني من كثرة الأحزاب، فإذا بالتشرينيين يستنسخون التجربة ذاتها بانخراطهم في أحزاب متعددة أيضاً”. 

من جهة أخرى يرى الحيدري أن هناك “محاولات احتواء” قامت بها أحزاب السلطة من الآن تحضيراً ليوم الانتخابات من خلال تأسيسها لأحزاب تدّعي انتماءها للمتظاهرين، ومن المتوقع حسب قوله “أن تختلط الأوراق أو أن تنجرف بعض الأحزاب الجديدة إلى التحالف مع الأحزاب التقليدية”.

وكانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى أن وجود أكثر من 60 حزباً وتجمعاً تدعي انتسابها للمتظاهرين أغلبها واجهات لأحزاب سياسية معروفة وفصائل مسلحة.

وضع خاص

في مدينة الناصرية، أحد أبرز مراكز الاحتجاج في البلاد، يدور نقاش حاد بخصوص مشاركة المتظاهرين في الانتخابات، في ظل علاقة يسودها التوتر وانعدام الثقة بين أحزاب السلطة والمحتجين الذين خرجوا قبل أكثر من عام رافعين شعار “نريد وطن” وسقط منهم عشرات القتلى والجرحى.

وفي ذروة الاحتجاجات التي بدأت في تشرين أول 2019 كانت شعارات المتظاهرين في الناصرية رافضة للانخراط في عملية انتخابية “تتحكم بها طبقة فاسدة” لكن ومع الوقت أعلنت مجموعات معارضة عزمها على المنافسة.

يقول علي العبودي وهو باحث ومتابع للشأن السياسي إن للناصرية وضع خاص يميزها عن غيرها من المدن العراقية، “فقد عاشت عقوداً طويلة من التهميش والإفقار، وفي السنوات الأخيرة شهدت تدهوراً في شروط الحياة وتصدرت معدلات الفقر والبطالة مما زاد من نقمة أبنائها وشعورهم بالإقصاء”.

ويضيف أن “المشاركة في العمل السياسي بالنسبة لكثيرين من أبناء المدينة لن يفضي إلى حلول بينما لاتزال المطالب الكبرى لم تتحقق ولم يحاسب قتلة المتظاهرين ولم ينصف شهداء وجرحى الإحتجاجات ولم تتوقف الاغتيالات والدعاوى الكيدية التي يتم رفعها على ناشطين في الحراك ولم تتوقف أوامر الأعتقال”.

اختراقات صغيرة

بالنسبة لآخرين فإن تأسيس أحزاب جديدة تخوض الانتخابات في وجه أحزاب السلطة هو خيار ينبغي استثماره وهو استمرار للاحتجاج بوسائل أخرى دون أن يعني ذلك الخروج من الشارع.

من بين هؤلاء محمد التميمي، وهو ناشط ومتظاهر، يقول إن “خطوة المحتجين في تأسيس أحزاب تشكل انتقالة مهمة بالوعي للخروج من حالة الإقصاء والتهميش، ودليل على أنهم بدأوا يفهمون كيف تجري الأمور”. 

وللمرة الأولى بعد عام 2003 نجح المتظاهرون في اعتماد قانون جديد للانتخابات وفق نظام “الدوائر المتعددة” بحيث لا يسمح للمرشح الخاسر بتوزيع أصواته على حزبه او كتلته، مما يعطي المتظاهرين، بحسب التميمي، أملاً بتحقيق اختراقات ولو صغيرة.

ومن المنتظر أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول/ اكتوبر المقبل، بعد أن تراجعت الحكومة عن الموعد السابق الذي حددته في 6 حزيران/يونيو المقبل عازية التأجيل لـ”أسباب فنية”.

ترف سياسي

لا يتوقع الناشط التميمي أن تحقق “أحزاب تشرين” فوزاً في السباق الإنتخابي المقبل، لكنها بحسب رأيه سوف تنجح في التأسيس لبداية جديدة في العمل السياسي، “وربما تحرك وعي الناس وتجذب الشباب الرافض لأحزاب الإسلام السياسي”.

وبحسب هذا الناشط، فإن “الاستمرار بالتظاهر فقط دون ممارسة السياسة سوف يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا دون تحقيق تقدم”.

صادق علي وهو ناشط وعضو مكتب سياسي لأحد أحزاب تشرين الجديدة يقول خلال حديثه لمراسل “المنصة”، إن تجاهل الانتخابات “ترف سياسي” وهناك ضرورة لإنشاء أحزاب جديدة للمشاركة في العملية السياسية ومواجهة السلطة في ملعبها، لكنه يعترف بأن تجربة خوض الانتخابات لا تقل عن مواجهة السلطة في الشارع في صعوبتها.

فهذه الأحزاب بحسب قوله تواجه مشكلات عديدة منها عدم توفر الدعم المالي ونقص الخبرة التنظيمية والتهديدات الأمنية التي يتعرض لها قادتها ما دفع معظمهم إلى التخفي، “فالأحزاب القديمة بمختلف تسمياتها تعمل على إجهاض المشاريع السياسية الجديدة بشتى الطرق ومنها استخدام السلاح”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى