“عين الجبل”: منطقة تجذب السيّاح رغم وجود الألغام

واسط – محمد الزيدي

تحت تجاويف الصخور وبين سواقي المياه العذبة تبدأ “حنان” بتحضير معدات الشواء في أول رحلة سياحية لها إلى “عين الجبل” شرقي محافظة واسط، وهو مكان معدّ ليكون منطقة سياحية لولا وجود حقول الألغام في محيطه.

تقول حنان ذات الـ24  عاماً: “لم نزر “عين الجبل” في السابق خوفاً من وجود الألغام بالمناطق المجاورة.. لكن وباء كورونا أجبرنا على البحث عن أماكن قريبة.. واكتشفنا هذا المكان الجميل”.

تقع “عين الجبل” على سفح جبال ساكروس على الحدود مع إيران، وتتبع إلى ناحية زرباطية التي شهدت أراضيها زرعاً لآلاف الألغام خلال الحرب بين البلدين في الثمانينيات.

وتقول حنان: “رغم المخاطر صار أهالي واسط والمحافظات المجاورة يهتمون بزيارة المنطقة بعد تعطل حركة السفر وتغيرت بوصلة السياحة من الخارج إلى الداخل”.

إهمال عمره أربعة عقود

أحمد الجنابي الذي وصل مع أسرته من بغداد إلى عين الجبل يشارك حنان مشاعر البهجة نفسها من وجوده في “منطقة تتميز بهذا الجمال” على حد وصفه. ويرى الجنابي أن فيروس كورونا رغم كل مساوئه “ساعدنا على اكتشاف مدننا ومواقعنا السياحية”.

لكن الجنابي يشارك “حنان” المخاوف مما أسماه “إهمال عمره أربعة عقود”، مشيراً إلى أن “السواح يتجولون بحذر ويتجنبون الخروج إلى قرى ناحية زرباطية التي تتبع إليها منطقة عين الجبل”.

وتقدّر الألغام المنتشرة بين الحدود العراقية والإيرانية بما بين 25 و27 مليون لغم أرضي. ومنذ نهاية الحرب بين إيران والعراق (1980-1988) تسببت الألغام بمقتل 25 شخصاً من القرى التابعة لناحية زرباطية، وبإعاقات دائمة لـ 26 آخرين إلى جانب خسارة أراض واسعة تعرف بخصوبتها.

ضياع فرصة ثمينة

مدير ناحية زرباطية صالح يحيى يقول للمنصة إن “عين الجبل يمكن أن تنافس المناطق السياحية في اقليم كردستان لو نالت مزيداً من الاهتمام وتوفرت الأموال الكافية لتطويرها ونزع الألغام من المناطق المجاورة لها”.

وفيما يبدي المسؤول المحلي تفاؤلاً كبيراً بمستقبل المنطقة السياحية يشير إلى أن الحكومة كلفت في عام 2012 فريقاً متخصصاً من الهندسة العسكرية العراقية لبدء رفع الألغام على أمل أن تكون الزرباطية محمية طبيعية بدعم أممي.

لكن فريق نزع الألغام غادر المنطقة بعد عام واحد فقط، “بسبب الأحداث التي عصفت بالمناطق الغربية من العراق آنذاك، حيث اندلعت تظاهرات واعتصامات انتهت بسيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق، وتوقفت العديد المشاريع السياحية والخدمية، ما أضاع فرصة ثمينة على المنطقة لتكون محمية طبيعية”.

 

وتراجعت الخدمات البلدية والعمرانية في الزرباطية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وهي تعاني نقصاً حاداً في المدارس وشبكات الطرق التي تربطها بالقرى المحاذية  ما يدفع سكانها للهجرة عنها.

ويعتقد يحيى أن هذا المكان أصبح وجهة سياحية في السنة الماضية لدى الكثير من العراقيين، ولا بد من اكتمال مشروع نزع الألغام فيه حتى يتحقق حلم أهالي واسط بوجود محمية طبيعية في مدينتهم.

مرشد سياحي مجاني 

أحمد ماجد الشمري رئيس رابطة سفاري واسط، وهي رابطة مدنية غير حكومية مهتمة بالجانب السياحي وإنعاش السياحة المحلية يؤكد هو الآخر على الأهمية السياحية للمنطقة، وعلى إمكانية تحويلها إلى محمية طبيعية.

الشمري الذي يتابع أعضاء فريقه وهم منهمكون بشواء السمك على موقد كبير للنار اختاروه بعيداً عن حقول الألغام، يقول بأن المنطقة المحيطة بالعين يكثر فيها الغزال الجبلي والصقور وطيور العقاب والثعالب، وأنواع أخرى من الحيوانات النادرة.

ويبدي الشمري رغبته، هو وعشرات الناشطين البيئيين الآخرين، بالعمل “كمرشد سياحي مجاني” فيما لو تم الإسراع بإزالة الألغام.

ويدعو إلى “إنشاء المحمية الطبيعة والاهتمام بغرس الأشجار وإقامة والمطاعم والفنادق والمشيدات السياحية الأخرى التي توفر للزائرين فرصة البقاء هنا لأكثر من يوم واحد”.

إغرس شجرة

عضو فريق “واسطيون” التطوعي حيدر شاكر الوائلي، فقد بادر هو وفريقه، من دون انتظار الحكومة، إلى تشجيع الزوار على زرع الأشجار عند قدومهم إلى المنطقة. يقول: “نطلب من كل من يأتي إلى هنا أن يزرع شجرة”.

الوائلي يرى في توجه السواح غير المسبوق إلى منطقة زرباطية فرصة لتطويرها وفق الامكانيات المتاحة.

ويتابع: “نجحنا بغرس أكثر من ألفي شجرة حتى الآن.. ونعمل مع فرق تطوعية أخرى على تأصيل هذه الثقافة.. بانتظار أن تبادر الحكومة إلى نزع الألغام ومخلفات الحروب من منطقتنا كي تصبح مقصداً سياحياً للمزيد من العراقيين”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى