بعد 30 سنة من الاستقلال الإداري: استمرار التمييز الجندري في القيادات الإدارية باقليم كردستان

د. سعاد عبد القادر:

لم تكن هي المرة الأولى التي تقدم فيها الدكتورة “نسرين” اوراقها للترشح لعمادة الكلية التي تعمل فيها منذ 21 عاما، فسبق أن قدمتها ثلاث مرات، وكان الاختيار يقع في كل مرة على أحد زملائها من التدريسيين، رغم توفر الشروط المطلوبة لديها، بل تفوق زملاءها في الدرجة والكفاءة العلمية.

لا تسأل “نسرين” عن الأسباب الكامنة وراء رفض قبولها في كل مرة، فهي تعتبرها مجرد “مبررات غير مقنعة” خاصة انها تتميز عن زملائها الذين تم اختيارهم بخبرة أكبر في مجال تخصصها ودرجة عملية موازية ونتاج أكبر يتنوع بين ابحاث ودراسات.

“السبب الحقيقي يكمن في كوني امرأة لا شيء آخر” تقول نسرين بابتسامة خفيفة، وتضيف “نعم ذلك ترك أثرا سلبيا في نفسيتي رغم معرفتي اننا في مجتمع ذكوري، الا ان ذلك يزيدني اصرارا وتمسكاً في المطالبة بحقي الطبيعي اسوة بالرجال”.

تشير الأكاديمية التي تحمل لقب استاذ مساعد في احدى كليات جامعة دهوك، الى ان ذلك يكشف “الخلل الكبير داخل مؤسسة التعليم العالي التي يفترض ان توزيع المناصب فيها يخضع لمعيار الكفاءة فقط بعيدا عن مفاهيم الجندر، فالجامعة يجب ان تكون هي السباقة في تطبيق المساواة بين الجنسين لتساهم بدورها في تحقيق المساواة بين النوع الاجتماعي في مؤسسات الدولة والمجتمع عموما”. 

ما واجهته “نسرين” في الجامعة تكرر مع “وفاء” في المؤسسة الحكومية التي تعمل فيها، والتي كانت تجد في ما تملكه من مؤهلات اكاديمية وخبرة تراكمية في عملها الوظيفي طوال 18 عاما ما يضمن لها فرصة الحصول على منصب المديرة التنفيذية، خاصة في ظل دعوات الحكومة بالإصلاح المؤسساتي.

تقول وفاء: “منذ سنوات يتحدثون عن استحقاق الكفاءات وعن تمكين المرأة ومساواتها مع الرجل، لكن حين يصل الأمر الى التطبيق فان كل الشعارات والخطابات تتوقف، فهي لم تحدث أي تغيير ملموس على صعيد مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار لتقليل الفجوة بين الجنسين”.

وتضيف :”نعم هم يضعون بعض الوجوه النسوية في الحكومة والمؤسسات لكن لمجرد الاطار التجميلي للصورة، وفي الغالب هؤلاء يأتون من باب السياسة والاستحقاق الحزبي وليس الكفاءة المهنية”.

لا يقتصر الوضع على نسرين ووفاء بل هنالك المئات من النساء اللواتي حرمنا من تولي مناصب عليا يستحقونها لاعتبارات جندرية، فرغم توسع مشاركة المرأة في معظم مجالات العمل خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا إنه لم ينتج عن ذلك توسع مماثل لها في مراكز القرار والمناصب العليا اسوة بالرجال، فالأرقام توضح حالــة عــدم المســاواة بينها وبين الرجــل في معظم الوزارات والمؤسسات.

12% حصة النساء

وفقاً لمعطيات وزارة التخطيط العراقية لسنة 2018، فان تقليص فجوة المساواة بين الجنسين في الوزارات والهيئات يتطلب تنصيب 855 امرأة في المناصب الادارية العليا بالوزارات. حيث ان نسبة المناصب التي تشغلها النساء في الإدارات العليا بالوزارات والهيئات المختلفة لا تزيد عن 12% مقابل 88% من المناصب يتبؤها الرجال.

حتى في وزارات مثل التربية والتعليم العالي التي تبلغ نسبة توظيف النساء فيها نحو55% للأولى ونحو 43% للثانية، فان تمثيل النساء في المناصب العليا ضئيل جدا، ففي وزارة التربية العراقية تبلغ 10% فقط وتنعدم في وزارة التعليم العالي.

لا تختلف الأرقام المسجلة في الوزارات العراقية التي للقوى الكردية تمثيل فيها، عن الواقع في اقليم كردستان. فحصة النساء التي فرضها الدستور العراقي ووفق نظام الكوتا في البرلمان العراقي تبلغ 25%، في حين ان حصتهن في البرلمان الكردستاني تبلغ 30%، لكن ذلك التمثيل “الجيد نسبيا” لا ينعكس في المواقع التنفيذية بالمؤسسات الحكومية في الاقليم.

تضم حكومة اقليم كردستان 19 حقيبة وزارية بينها حقيبتان فقط للنساء (نحو 10%). وطوال تسع كابينات حكومية لم تحصل النساء على أية حقائب وزارية مهمة، وعادة ما كان النساء يحصلن على حقائب ذات طبيعة اجتماعية او خدمية.

وحتى في المؤسسات العلمية والاكاديمية هناك تمييز جندري، فبين 16 جامعة حكومية توجد امرأة واحدة فقط تشغل منصب رئيسة الجامعة. وفي جامعة دهوك التي تضم 19 كلية، تشغل النساء في كليتين فقط منصب العميد.

وتظهر تلك الأرقام عموما وجود خلل كبير في التوازن الجندري يحتاج الى معالجة وهذه المعالجة تحتاج لتغيير جذري شامل في البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية لخلق مجتمع متوازن وحضاري، وفق رؤية قيادات نسوية.

معوقات تواجه النساء

ترى “امل جلال” مديرة هيئة السياحة في اقليم كردستان والناشطة في مجال حقوق المرأة، أن هناك معوقات كثيرة تحول امام مشاركة النساء بالقرار وتقلدهن مناصب عليا، مشيرة الى لائحة معوقات تشمل الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقانونية وحتى الاعلامية.

تقول جلال فيما يخص العوائق الاجتماعية ان “نظرة المجتمع للنساء هي نظرة ذات اطار اجتماعي، إذ ينظر اليها في اطار دورها الاجتماعي، وحتى في مسألة تعريف العمل نرى ان هناك تعريف اجتماعي جندري، ولذا حددت للنساء لائحة مهن معينة او مجالات عمل محددة فيما المهن للرجال واسعة ومتنوعة، لأن النساء ضمن المنظور الاجتماعي السائد لا يمكنهن العمل في بعض المهن والمواقع”.

وتوضح: “يتم تقييد النساء بمهن في الغالب ذات طابع انساني كالصحة والتربية والتعليم والعمل الاجتماعي وحقوق الانسان والطفل، فهم يعتبرون ان مجالات العمل هذه والتي ترتبط بالجانب الاجتماعي مناسبة لشخصية وخصوصية المرأة، لكن هذه النظرة تتقاطع مع مبدأ المساواة وتمثل توزيع وتصنيف جندري للوظائف والمهن”.

 الابتعاد الطوعي

لكن “هلز علي” التدريسية في جامعة دهوك، ترى ان الكثير من النساء يبتعدن برغبتهن عن المناصب والمشاركة في الحياة السياسية، وهذا ما يجعل دورها مقتصرا على المهام الادنى او الاقل مسؤولية، وترجع ذلك الى العديد من العوامل “منها ما يتعلق بالتنشئة الاجتماعية الخاطئة للأنثى التي تساهم في خلق عقدة الخوف الدائم لديها مما يجعلها تخشى من الفشل عند دخول التحديات والمواجهات وما قد يتبعها من نظرة مجتمعية سلبية على المرأة التي تفشل في ذلك”.

وتوضح: “تخشى النساء الدخول للأعمال الجديدة او الانخراط بنشاط مغاير عما اعتادت عليه  وهذا الخوف يولد لديها شعور بالضعف وبدونية قدراتها وامكاناتها، كما ان بعضهن يجدن ان حجم المسؤولية في المناصب العليا وكذلك في بيئة العمل السياسي من شأنه اعاقة دورها الاجتماعي”.

وتنبه علي، الى حلقات العادات والتقاليد التي تغذي ما تصفه بالنزعة الأبوية، مبينة ان تلك العادات “جعلت من الثقافة السائدة في المجتمع ثقافة التبعية للسلطة الأبوية، سلطة الذكور على الإناث، وخضوع المرأة لقرارات الرجل سواء كان الاب او الاخ او الزوج”.

وهناك جانب آخر يتعلق بالالتزامات الأسرية وعدم مشاركة المرأة للرجل في تحمل اعبائها وخوفها من التقصير فذلك يدفعها الى التخلي عن طموحاتها.

وتخلص الاكاديمية بجامعة دهوك، الى القول ان “المرأة دوما تتوجه اصابع الاتهام لها عند حدوث اي تقصير”، مشيرة الى ان أحد أسباب الواقع الذي تعيش فيه يرجع الى “غياب اللوبي النسوي التكنوقراطي الذي يدعم حقوقها وحصتها في المشاركة بالقرار السياسي”.

المؤهلات خارج دائرة الاتهام

وفقا لـ “احمد محمد هسني” التدريسي في جامعة دهوك، فان غياب المرأة عن المراكز القيادية في المؤسسات المختلفة لا يتعلق بالأداء الضعيف أو الافتقار إلى المؤهلات أو المهارة بل يعود لثقافة المجتمع التي تولي القيادة دائماً للرجل.

يقول المختص في مجال العلوم السياسية: “هذا التحيز ترسخ في ذهن المجتمع وسادت النظرة ان المرأة أقــل قــدرة مــن الرجــل علــى تحمــل المســؤولية وتقلــد الوظائــف الإداريــة العليــا، واذا لم تتغير هذه النظرة فان الفجوة بين النساء والرجال في المناصب العليا ستظل قائمة”.

ويرى هسني، ان التغيير يقتضي تظافر جهود المؤسسات الدينية والتعليمية والمؤسسات الاعلامية “لتبديل الصورة النمطية عن المرأة”.

تتفق هدى قاسم، الأستاذ المساعد في جامعة دهوك، مع الرأي السابق بأن الأمر لا يتعلق بالمؤهلات وبالتقييم الأكاديمي بل بالنظرة الاجتماعية، مشيرة الى ان “فشل الرجل في تولي منصب ما لا يمثل مشكلة، في حين ان فشل امرأة في أي منصب ينظر اليه اجتماعيا بشكل سلبي”.

وتشير الى جانب آخر من عدم المساواة والنظرة المجتمعية “الأعراف تسمح للرجل بفعل اي شيء وباختيار ما يريده فهو حر في التصرف والسلوك والتعامل واتخاذ القرار، في حين ان ذلك غير ممكن للمرأة وفقا للاعتبارات الاجتماعية”.

 غياب المرأة عن القرار السياسي

لا تختلف فرص حصول النساء على مناصب عليا في المواقع التنفيذية وفي القطاعات المختلفة، عن فرصهم في المجال السياسي رغم وجود نظام كوتا في البرلمان، ورغم الدعاية التي تقدمها الاحزاب والتي تؤكد انفتاحها على زيادة نسبة تمثيل النساء ومنحهن ادوار متقدمة بما يعزز فرص التنمية والتقدم.

يرى “احسان رسول” الذي يعمل في مجال المحاماة، انه رغم التحسن النسبي في نظرة المجتمع نحو قضايا المرأة وتقبل عملها في المناصب العليا ومشاركتها في العمل السياسي، الا ان المعاناة والتحديات التي تواجها النساء في الواقع السياسي لا تختلف عن ما تواجهه في المجتمع بشكل عام.

ويوضح “ما زالت الثقافة السياسية السائدة وحالة التسلط التي تمارسها احزاب السلطة تشكل احد المعوقات الرئيسية المؤثرة سلبا على مشاركة المرأة في الحياة السياسية فالموروث الثقافي والسياسي الذكوري لا يخلق دافعا للمشاركة لدى الكثير من النساء خاصة من يجدن في العمل السياسي فرصة لأثبات وجودهن بعيدا عن الامتيازات المادية”.

ويلفت رسول الى نقطة اخرى يعتبرها مهمة تتمثل في قيام معظم الاحزاب باتخاذ مشاركة المرأة “كنوع من الدعاية السياسية والإعلامية لها”.

ويرجع رسول الأسباب الكامنة وراء عدم تقدم الكوادر النسوية التابعة للاحزاب السياسية في ميدان السياسة، وعدم لعبهن أدوارا مؤثرة تجعل منهن شركاء في القرار، الى “عدم اهتمام القيادات الحزبية بتوفير مستلزمات التدريب والتطوير للكوادر النسائية ضمن تلك الاحزاب، وذلك اضعف أكثر مشاركة النساء في المواقع القيادية في العمل الحزبي”.

تتفق الناشطة المدنية “امل جلال” مع  وجهة نظر رسول في ان العقلية الذكورية هي السائدة في العمل السياسي من القادة الى القواعد الدنيا “ما يجعل فضاء عمل النساء في مجال السياسة ضيقا جدا فهي لا تتحرك بحرية في عالم السياسة.

وتقول جلال ان الكثيرين داخل الطبقة السياسية “مازالوا ينظرون للمرأة ضمن حلقة العمل السياسي كامرأة وليس كانسان يمارس كالرجل فعل سياسي، فيتم التعامل معها بمنظار الحلال والحرام والغرائز في الوقت الذي نحتاج فيه الى نضوج فكري ومعرفي ضمن الفضاء السياسي بعيدا عن تلك الجوانب الغريزية، فيجب ان يتعامل الجانبان مع بعضهما كسياسيين ناضجين ويناقشا مختلف القضايا بعقلية حرة واعية”.

التمكين مشكلة متجذرة 

تلعب مسألة تمكين المرأة واتاحة الفرص أمامها ضمن استراتيجية واضحة المعالم دورا محوريا في تضيق الفجوة بين الجنسين، فالتمكين يتيح امامها الخيارات ويسهل عليها اكتشاف ذاتها وقدراتها الحقيقية.

في هذا الخصوص تم ادراج مؤشرات لقياس مستوى التمكين للنوع الاجتماعي ضمن دليل التنمية البشرية الذي يعتمد على متغيرات خاصة بأنشطة المرأة في المجالين الاقتصادي والسياسي، وبناء على النسبة المئوية لحصتها في المناصب الإدارية والفنية والمهنية.

حول ذلك يرى “حسن محمد” المختص في مجال التنمية البشرية، ان ما هو متاح أمام المرأة في مجتمعنا لا يتناسب مع الحاجات الفعلية للمجتمع “فضعف التدريب والتوعية وقلة المراكز والمؤسسات المعنية بشؤون تأهيل النساء اضافة الى عجز الكثير من منظمات المجتمع المدني عن مواكبة المتطلبات الواجب توفرها لتهيئة البيئة المناسبة للمرأة لتصبح قادرة على الدخول الى سوق العمل والمشاركة في الحياة السياسية”.

يوضح محمد انه رغم كثرة اقامة الندوات والمؤتمرات التي تدعو الى النهوض بالمرأة وتحسين اوضاعها وتفعيل دورها في الحياة العملية “الا ان واقع الحال يظهر محدودية نتائج تلك الفعاليات”، لافتا الى ان احد الأسباب يكمن في ان الكثير من المنظمات التي ترعى تلك الجهود هي منظمات شكلية وتابعة لجهات حزبية ولا يهمها الجانب التنموي.

 الكوتا لم تشكل الخلاص

جاءت فكرة تعزيز عدد النساء في المناصب السياسية من خلال نظام (الكوتا) على أساس الجنس والتي تم تحديدها ب 30% وعملت على زيادة التمثيل النسائي في السلطة التشريعية دون ان تسري تلك النسبة على السلطتين التنفيذية والقضائية.

لكن حتى في المجال التشريعي تقوم الاحزاب السياسية باختيار عدد معين من المرشحات في كل انتخابات وفقا لما يخدم مصالحها السياسية وتوجهاتها الحزبية وليس على أساس الكفاءة وقدرات تلك المرشحات وتأثيرهن المجتمعي وادوارهن في التنمية.

يقول الناشط سامان شنكالي ان الاحزاب “أجهضت الفائدة التي من أجلها اقر نظام الكوتا، وهو تفعيل دور المرأة وتحسين واقعها السياسي الذي يفترض ان ينعكس على باقي القطاعات، وذلك باختيارها لمرشحات لا يتمتعن بالكفاءة هن في الغالب مجرد وجوه يتواجدن في البرلمان ولا يملكن الشخصية النافذة بل يقبلن بكل ما يملى عليهن، ويغادرن بعد اربع سنوات دون أن يتركن اي أثر سياسي”.

الدور السلبي لوسائل الاعلام 

ترجع شيلان محمد الناشطة المدنية الرؤية الضيقة لدور المرأة وامكاناتها، الى وسائل الاعلام التي اخذت تركز معظمها على اظهار صورة نمطية غير حقيقية للمرأة من خلال تقديمها ضمن مجالات تنحصر بالجمال والديكور والاناقة والمطبخ او ضمن دور الضحايا دون اكتراث للجوانب والقصص الايجابية للمرأة وتطلعاتها وادوارها المتعددة في الحياة.

في هذا المجال تذكر مديرة هيئة السياحة في اقليم كردستان أمل جلال ان الكثير من البرامج في وسائل الاعلام تقدم النساء كواجهات وكسلعة. كما ترى ان هنالك “قصورا واضحا لتلك الوسائل فيما يخص عرض قصص نجاح النساء في امور عديدة والتي يمكن ان تساهم في تغيير الصورة النمطية عن النساء في مجتمعنا، وتلك الوسائل لا تعرض دور المرأة في التاريخ الكردي فنادرا ما يتم تقديم قصص لنساء كان لهن تأثير في الساحة السياسية والاجتماعية”.

الأكفأ في إدارة المؤسسات

تتباين وجهات النظر حول فاعلية كل من النساء والرجال وادوارهم في المجتمع، فالبعض يرى ان المرأة تملك من القدرة ما يجعلها تدير المؤسسات بكفاءة اعلى من الرجل فهي اقل عنفا من الرجل واكثر تعاطيا مع الاخرين واكثر اصغاء وبإمكانها تلمس حاجات المجتمع اكثر من الرجل كما ان ميلها نحو الفساد اقل من الرجل ما يساهم في تحسين الاداء.

في المقابل هناك من يصف المرأة بانها تتخذ قراراتها بطريقة مغايرة للرجل مبنية على العاطفة الامر الذي يجعلها ذات قدرة اقل من الرجل في ادارة المؤسسات، كما انهن عاطفيات ويغلب عليهن طابع التردد وسرعة التأثر.

لكن هذه الخصائص والصفات لا تتركز لدى جنس معين او فئة معينة، فهي موجودة لدى البشر باختلاف الجنس والازمنة والاماكن.

رغم الرؤى المتباينة فان الحقيقة التي تؤكدها دراسات صندوق النقد والبنك الدولي، تفيد بأن تقليص فجوة القيادة بين الجنسين تحقق نتائج إيجابية، وان لا غنى عن المرأة لتحقيق التنمية.

المرأة والتنمية ترابط جوهري

تظهر دراسة للبنك الدولي لعام 2020 تحت عنوان “(المرأة والتجارة: دور التجارة في تعزيز وضع المرأة)” أن البنوك التي تشكل النساء فيها نسبة أعلى في عضوية مجالس إداراتها تتمتع بنسبة أعلى من رأس المال الوقائي، ونسبة أقل من القروض المتعثرة، ودرجة أكبر من الصلابة في مواجهة الضغط المالي.

وفي دراسة نشرت تحت عنوان (القوانين المتساوية تعني فرص عمل متساوية للمرأة) في العام 2015،  وجد خبراء صندوق النقد الدولي وجود علاقة ايجابية بين استقرار البنوك ووجود نساء في مجالس إدارات هيئات التنظيم المصرفي.

وأظهرت دراسة لمنظمة العمل الدولية حملت عنوان “الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: لمحة عامة عن اتجاهات المرأة لعام 2018، وجود علاقة إيجابية بين التنوع بين الجنسين في الادارات العليا ونجاح الأعمال التجارية، ما دفع العديد من الشركات الى بذل الكثير من  الجهد في احداث توازن بين الجنسين في مجالات أخرى كي تزيد أرباحها بنسبة 2% أو 3%.

معالجة الاختلالات

لمعالجة ذلك الاختلال ومواجهة كل تلك المعوقات وتجاوزها، تؤكد “امل جلال” على ضرورة “تحويل قضية المرأة من قضية مجتمعية الى قضية مؤسساتية، حتى تصبح الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية مسؤولة امام هذه القضية وتقوم بوضع السياسات المناسبة لتمكين النساء من ممارسة ادوراهن المختلفة بما فيها القيادية”.

وتوضح جلال ان تحول قضية المرأة الى قضية مؤسساتية يعني “رسم السياسات الضرورية والسليمة وتعديل القوانين المدنية لتكون مناسبة وتفعيل دور المرأة في سوق العمل والمجال الاقتصادي ووضع اسس لاصلاح وتشكيل بنية عمل جيدة ومتقدمة، وتمكين النساء في المجال الاقتصادي وفتح الابواب لهن للعمل في المجال الاستثماري ليكونوا جزءً منه”.

وتتابع “يضاف الى ذلك العمل في المجال الاعلامي لخلق تنوير مجتمعي ومفاهيم مجتمعية تضع النساء في المكانة المناسبة ولكي يشعروا بالأمان النفسي والمجتمعي حين ينخرطون في بيئات العمل المختلفة سواء السياسية او الاقتصادية او الادارية والقانونية”.

ولتجاوز العوائق السياسية أمام المرأة تطالب “جلال” القيادات السياسية بتفعيل آليات تحقيق مشاركة فاعلة للنساء، وتنبه الى ان “وجدود كوتا لدى بعض الاحزاب السياسية لضمان اشراك المرأة في المواقع القيادية غير كافية لأن تلك المشاركة لم تتغلغل في القواعد الحزبية وانحصرت في المواقع العليا فقط”.

تخلص جلال الى القول ان الاختلالات تلك تكشف ان “بيئة العمل السياسية لم تكن صالحة ولا صحية لكي تقنع وتؤهل نساء للعمل في المواقع السياسية وهذا ما يجب ان يتغير، كما انه لتجاوز تلك العقد يتوجب على النساء ان يتعمقوا في العمل السياسي وان يفهموا بعمق لماذا عليهم العمل في هذا المجال الذي يجب ان يكون وسيلة لتحقيق الاهداف المجتمعية من رفاه وعدالة اجتماعية ومساواة وحقوق”.

تؤكد الدكتورة نسرين انها لن تستسلم للرفض المستمر لمنحها استحقاقها في عمادة كليتها، وستواصل العمل لاثبات جدارتها، قائلة “النساء اعتدن عندنا وبسبب النظرة الاجتماعية على الاستسلام مع أي حالة فشل.. أنا لن استسلم وسأواصل المطالبة باستحقاقي وخوض معركتي لتغيير الواقع”.

 

*تنويه: بعض الاسماء التي وردت في التقرير تم تغييرها نزولا عند رغبة أصحابها

*المادة ضمن مشروع لمنظمة أنترنيوز لتدريب الصحفيين حول كتابة وإنتاج القصص الصحفية عن القضايا الحساسة المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) في العراق.   

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى