فكرة صغيرة تتحول إلى معمل لانتاج الأكلات الشعبية العراقية

الناصرية- مرتضى الحدود

قبل سنوات كانت “أم عادل” واحدة من آلاف النساء اللواتي يتقن إعداد وجبات الطعام التقليدية في مدينة الناصرية، لكنها اليوم السيدة الوحيدة ربما التي تمكنت من تأسيس معمل مختص بالوجبات العراقية في هذه المدينة، في مجتمع لم يعتد إلى اليوم على أن تخلق النساء بيئة مستقلة لعملهن الخاص.

تقول “أم عادل” أن الفكرة كانت تسكنها منذ سنوات لكن الخوف وحده هو من كان يمنعها من الإقدام على تأسيس المشروع، ثم تكمل قائلة: “كان لا بد من كسر هذا الحاجز من خلال البدء بخطوات صغيرة تتناسب مع بيئتي المحافظة الى حد ما ومع مستوى إتقاني ومعرفتي في مجال الطبخ”.

واضعة ضمن أولوياتها إعالة نفسها وعائلتها كانت بداية “أم عادل” مع أصناف من الأكلة الشعبية المعروفة بـ “الكبة والبورك” والتي عادة ما تميل لشرائها العوائل في مدن الوسط والجنوب لسرعة تحضيرها وإنضاجها عند الطبخ، خصوصاً بالنسبة للأسر التي يعمل فيها الزوجان كموظفين.

تواصلت “أم عادل” مع نسوة صديقات لها وبعض المحال التجارية لتروج بضاعتها الجديدة بعد ان اتخذت من مطبخ منزلها معملاً صغيراً وزودته بأدوات ومعدات خاصة تساعدها على تحضير كميات كبيرة ونكهات مختلفة. واحد من هذه المعدات كان آلة صغيرة لتعليب الأطعمة وسحب الهواء منها للحفاظ عليها.

وتضيف: “استغرقت هذه المرحلة بضعة أشهر حتى بدأ اسمي يذاع نتيجة خلطتي السحرية وجودة ونظافة الطعام الذي أقدمه”.

وتتابع “أم عادل” أن زيادة الطلب على منتوجها تطلب منها مضاعفة العمل حتى قامت بشراء منزل صغير حولته إلى معمل لانتاج الأكلات الشعبية العراقية المعلبة، اختارت له إسماً يعبر عن مسيرتها المهنية خلال السنوات الماضية، “معمل النجاح”، تمكن إلى اليوم من توظيف 12 امرأة.

مشروع “أم عادل” أو “معمل النجاح” أصبح اليوم إسماً متداولاً في أكثر من محافظة عراقية جنوبية وفي الأسواق التجارية الرئيسة، ومنها سوق جميلة في بغداد وميسان، فضلا متاجر الأغذية والمولات في مدينة الناصرية.

تقول صاحبة المعمل أن المشروع خلق مزيداً من الفرص التجارية من خلال تجهيز الحلويات للأعياد والمناسبات، ومنها الـ”الهريسة والزلابيية” وغيرها.

ورغم قلة معرفتها بعالم التسويق الرقمي، إلا أن أم عادل احتلت مكاناً لها في سوق الأغذية العراقي على الانترنت، إذ يمكن العثور على صفحة معملها على فيسبوك وعليها مئات الصور لمنتوجاتها الخاصة، فضلاً عن خدمات تسويقية أخرى، كإمكانية الطلب عبر الانترنت وخدمة التوصيل السريع، كل هذه الأفكار عملت عليها “ام عادل” لتؤكد أن “المرأة قادرة على خلق المستحيل” على حد وصفها.

نجاح “أم عادل” في مشروعها لم يجعلها تنسى المحتاجين من أبناء مدينتها، لذا هي تعمد في كل موسم رمضاني أن ترسل للعوائل المتعففة والفقيرة في مدينتها نصيباً من إنتاجها، يصل لقرابة الـ 200 وجبة يومياً.

المشروع رغم بساطة فكرته، إلا أنه حقق وجوداً فعلياً لهذه السيدة وسط مجتمع يرى دور النساء مقتصراً على إدارة البيت وتربية الأطفال. تقول أم عادل: “هذه التجربة هي إثبات بأن العمل ليس معيباً للمراة بقدر ما هو حفظ لكرامتها وكرامة أسرتها”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى