فريق ذي قار النسوي.. إنجازات كبيرة وأحلام متعثرة

علاء كولي- ذي قار

بين جدران القاعة الحديدية الكبيرة المخصصة للأنشطة الرياضية في مدينة الناصرية، ووسط حرارة الأجواء بداخلها، يعلو صوت الفتيات المراهقات خلال التمارين والتدريبات اليومية الشاقة استعداداً لبطولة جديدة في كرة القدم، يشاركن فيها بحثاً عن إنجاز جديد يحسب لهن. 

قبل ثماني أعوام لم تكن هذه القاعة الرياضية الكبيرة سوى موقعاً للتمارين الرياضية البسيطة للنساء قبل أن تتحول إلى مقرّ تدريب دائم لفريق ذي قار النسوي لكرة القدم. 

فالفتيات اللواتي دخلن إلى هذا العالم الرياضي وهنّ براعم أصبحن فريقا كروياً يافعاً يمثل المدينة في البطولات المحلية، ويحصد جوائز في المشاركات على مستوى العراق.

البداية

في العام 2014، تأسس فريق ذي قار النسوي على يد المدرب هشام العبادي، الذي استغل الأنشطة الرياضية التي تقام في الناصرية وبدأ بتدريب البنات ليكون بذلك الفريق الوحيد في المنطقة الجنوبية الذي يعنى بكرة القدم النسائية.

يقول الكابتن هشام العبادي لمراسل “المنصة”، بأنه قام بجمع اللاعبات من عدد من المدارس حينها وكنّ صغاراً في السن. 

ويضيف بأن صعوبات واجهته بخصوص تقبل المجتمع للفكرة، لكن “العلاقة الشخصية مع أهالي الفتيات كانت دافعا مهما لاستمرار العمل، وشيء أساسي لضمان ونجاح المشروع”. وتابع قائلاً إن “خطوات تشكيل الفريق وتدريبه أخذت مني الكثير من الوقت، بيني كمدرب وبين أهالي الفتيات اللاعبات في الفريق”.

تقول والدة اللاعبة زينب حسين “إبنتي انضمت إلى صفوف الفريق حينما كانت في الصف الرابع الإبتدائي وهي إلى الآن مستمرة في التدريب”. وتؤكد على أن “الثقة بالكادر التدريبي هو الذي دفعنا لأن نترك البنات في أيادي أمينة بهذا الشكل”. 

ونادراً ما ترتاد النساء النوادي أو الفعاليات الرياضية والمشاركة فيها، بسبب تقاليد المجتمع المحافظة عموماً في مناطق جنوب العراق، ورغم بروز بعض الفتيات العراقيات في بعض المجالات الرياضية القليلة لكن ذي قار ليس لديها أي تاريخ مع الفرق النسوية بكرة القدم.

الفريق اليوم يتكون من 24 لاعبة يتدربن يومياً في قاعة النشاط الرياضي والكشفي التابع لمديرية تربية ذي قار. “طوال تلك الفترة تمكن الفريق من اجتياز الكثير من المهام الصعبة خلال مشاركاته مع فرق نسوية في بغداد وشمال العراق، فحقق نتائج طيبة مقارنة بحجم الدعم الذي يتلقاه”، يقول المدرب هشام العبادي.

وحصل فريق ذي قار النسوي على جوائز عدة محلية منها المركز الثاني في بطولة بابل لكرة القدم، وضم المنتخب الوطني النسوي العراقي 5 لاعبات من صفوفه، بمن فيهن حارسة المرمى التي حصلت على لقب أفضل حارس مرمى في بطولة العراق للفرق النسوية.

أبواب مغلقة

منذ تأسيسه قبل سبع سنوات وحتى اليوم، لم يحصل الفريق على دعم مستمر أو اهتمام و متابعة. ويوضح الكابتن هشام أن الفريق يتلقى دعماً بسيطاً من قسم النشاط الرياضي مثل توفير مكان التدريب وتجهيز اللاعبات ببعض الأحذية والملابس الرياضية، أما التفاصيل الاخرى المتعلقة بالتنقل من مدينة إلى أخرى أو توفير بعض الاحتياجات الخاصة باللاعبات، فيجري دفعها من قبل المدرب، وهو على هذا الحال منذ تأسيس الفريق.

ويضيف الكابتن هشام أن “وزير الشباب أتصل بي بشأن توفير الدعم للفريق النسوي لكن لم يحصل أي تطور، ثم تلقينا دعماُ بسيطاً من محافظ ذي قار لتغطية تكاليف النقل لمدة أربعة أشهر، وغير ذلك لم نحصل على أي شيء آخر”.

وبنبرة آسفة يقول الكابتن هشام العبادي “لقد وجدت نفسي أمام طريق مسدود، رغم أني طرقت أبواب كثيرة”.

فريق للبراعم

من جانبها تقول اللاعبة المحترفة في عن فريق ذي قار النسوي والتي تم استدعاؤها إلى المنتخب الوطني بنين حسن خلال حديثها لمراسل “المنصة”، إن “على الجهات المسؤولة وكل من له علاقة بالجانب الرياضي أن يوفر الدعم المعنوي والمادي لفريقنا، من أجل الارتقاء بالرياضة النسوية في هذه المحافظة”.

في حين تقول والدة اللاعبة زينب حسين، وهي أيضاً في صفوف المنتخب الوطني، إن “هذا الفريق النسوي هو الوحيد بالمنطقة الجنوبية ولازلنا نأمل من الجهات المسؤولة أن تنظر لهذا النادي بعين الإعتبار”.

ولم تتوقف تجربة الكابتن هشام عند فريقه النسوي الحالي، فهو يعد اليوم فريقا آخر من البراعم الفتيات بعمر الثماني سنوات.

لكن الكابتن هشام يخشى أن يدب القلق في نفوس أهالي الفتيات بمرور الزمن “فهم يسألونني بين الحين والآخر عن جدوى اللعب والمشاركات طالما أن الفتيات لا يحصلن على أي تشجيع أو رعاية من الحكومة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى