في بابل.. شاب يؤسس نادياً للقراءة ومكتبة لإعارة الكتب

بابل- خديجة الحمداني

“القراءة هي زيت قنديلك” مقولة يؤمن بها الشاب حسن الاسدي الذي افتتح مكتبة في مدينته الحلة (مركز محافظة بابل) تحتضن آلاف الكتب وتوفر للقراء الشباب العديد من الخيارات من بينها كتب الفلسفة والأدب والشعر والتاريخ والفكر السياسي. 

قبل أن يطلق مشروعه، وإلى جانب عمله كمسؤول للعلاقات العامة في مؤسسة “تراث بابل”، كان الأسدي (23 عاماً) خلال السنوات الماضية شغوفاً بهواية جميع الكتب وبناء مكتبة شخصية له.

ولطالما اشتكى حسن لأصدقائه وزملائه في المؤسسة من قلة عدد المكتبات في المحافظة ومن تعطش الشباب لعناوين يضطرون إلى طلبها من بغداد أو البحث عنها في المحافظات المجاورة وشرائها بسعر مرتفع لعدم توفرها في الحلة.

يوضح الأسدي إن هوايته تلك هي التي أوصلته لمشروعه الحالي “مكتبة ِArt Books”، ويضيف أن فكرة المشروع لا تقوم على بيع الكتاب بسعر معقول وبهامش ربح بسيط وحسب، بل على تمكين الشباب من استعارة الكتب وإعادتها للمكتبة عند الانتهاء من قرائتها. 

يقول: “وجدت أن أفضل ما يمكنني فعله للتشجيع على القراءة هو افتتاح مكتبة لا تركز على العناوين التجارية بل توفر كتباً قيّمة وتخصصية بأسعار مناسبة، أما خدمة الإعارة فهي خدمة لا توفرها سوى مكتبات قليلة في العراق عموماً نظراً لأسعار الكتب المرتفعة”.

كتب قديمة 

يقضي حسن معظم ساعات النهار في المكتبة التي تقع في شارع 40 في الحلة، ويحفظ أماكن كتبه التسعة آلاف عن ظهر غيب بعد أن صنّفها ووزعها على الرفوق الخشبية أو على جانبي القاعة فوق بعضها البعض بحيث يمكن للزائر أن يعثر بسهولة على عنوان الكتاب الذي يبحث عنه.

وتضم المكتبة الكثير من النوادر والكتب القديمة مثل أعداد مجلة “سومر” وكتب أخرى طبعت مرة واحدة ولم تعد طباعتها ويحصل على كتبه من خلال زياراته المتكررة الى شارع المتنبي في العاصمة بغداد حيث يشتري كل ماهو قديم ومثير للاهتمام على حد وصفه.

ويشير حسن أن الشريحة العمرية التي تستهدفها مكتبته هم شبان في عمره، في العشرينيات، موضحاً أن “هذه الفئة تتراجع علاقتها مع الكتاب الورقي لصالح تمضية معظم الوقت في قراءة المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي”.

نادٍ للقراءة 

بالاضافة الى المكتبة يعمل حسن ومجموعة من شباب الحلة في مؤسسة “تراث بابل” على إقامة ورش خاصة بتعليم العزف والرسم والكتابة بالاضافة إلى ناد خاص بالقراءة يجتمع كل يوم جمعة يطرح فيه عنوان لكتاب معين وتتم مراجعته من قبل مجموعة من الشباب والبنات يتراوح عددهم بين 40 و 60 مشاركاً ومشاركة.

وحول الجانب المادي من عمله يقول الأسدي أن “المكتبة لاتدر المال الوفير كما يظن البعض الا أنني أخطط لما هو أبعد، وافكر في المستقبل بفتح فروع متعددة في الحلة أو حتى في محافظات أخرى كي تكون مشروعاً ثقافياً متكاملاً”.

ويدعم حسن في مشروعه الصغير عائلته وأصدقائه وأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي وشخصيات أدبية من المحافظة، فضلاً عن أعضاء من مؤسسة “تراث بابل” التي ينشط فيها.

مبادرات شبابية 

الكاتب حيدر الجلبي كان من المشجعين للشاب الاسدي عند افتتاحه للمكتبة خاصة وأن مدينة الحلة تفتقر للمكتبات ذات العناوين الجيدة بل حتى إلى باعة الكتب على الأرصفة. 

ويضيف الجلبي أن “الحلة تحتوي على ثماني مكتبات مركزية تابعة للحكومة المحلية لكنها تفتقر للعناوين الجديدة ما جعلها فارغة من روادها بسبب ضعف تمويلها”، وفي المقابل “لدينا أكثر من 30 دار نشر وطباعة وبيع للكتب فضلاً عن الكثير من المهرجانات إضافة لجلسات اتحاد الادباء والكتاب لكن معظمها تقتصر المشاركة فيه على النخبة”.

ويرى الكاتب أن “المشاريع الشبابية في هذا المجال قد تسد جزءاً من الفراغ الحاصل كما هو الحال مع هذه المكتبة ومجموعة أخرى من أندية القراءة التي تستقطب الشباب وتشهدت إقبالاً مهماً ولافتاً للنظر”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى