في جنوب العراق: لقاء خاص يجمع 600 شخصية من أبطال الرسوم المتحركة

العمارة- مهدي الساعدي

معرض من الخشب والزجاج، بارتفاع مترين ونصف وعرض يزيد على المتر، يحوي تجمعاً كبيراً لمجسمات شخصيات كرتونية، تخطى عددها الـ 600 مجسما جمعها المحامي حازم رزاق في منزله الكائن في مدينة العمارة جنوب شرق العاصمة بغداد.

بين زحام أبطال الرسوم المتحركة ينسى المرء نفسه ويفقد الاحساس بمرور الوقت ولا يشغله سوى الرجوع بذاكرته الى عهد الطفولة، ليتذكر السندباد و عدنان ولينا وساسوكي وغيرها من الشخصيات التي أسس من خلالها حازم لمشروعه الفني.

يقول حازم للمنصة: “استغرقت مدة سنتين لجمع المجسمات الكرتونية وبذلت أكثر من 5000 دولاراً لشرائها، والسبب يعود لتعلقي بذكريات الطفولة وبالخصوص أفلام الرسوم المتحركة”.

في القسم العلوي من المعرض الذي يحتوي على خمسة اقسام، حجز مجسم شخصية جريندايزر مكانا مميزا بصحبة مركبته “المينيفو”، وهو أشهر المسلسلات الكرتونية التي عرضت في الثمانينيات في العالم العربي، تحكي قصة الشاب “دايسكي” أو دوق كوكب “فليد”، الذي هرب بعد تدمير كوكبه من قبل قوات القائد الشرير فيجا، على متن آلته الحربية ليصل إلى الأرض ويتلقى مساعدة الدكتور آمون، ليحارب المركبات الفضائية والوحوش الطائرة التي تحاول الاستيلاء على كوكب الارض.

وحقق مسلسل جريندايزر ارتباطا وثيقا بأذهان اجيال العقد الثمانيني، وضرب بشخصياته المثل في القوة، ولا زال أبطاله كوجي وهيكارو ودامبي عالقين بمخيلة الكثير من ابناء ذلك الجيل.

بذل المحامي حازم رزاق جهودا كبيرة من أجل لم شمل تلك الشخصيات في مكان واحد، يقول في حديثه لـ “المنصة”: “واجهت صعوبات كثيرة من أجل جمع تلك الشخصيات، منها عدم وجود مثل تلك القطع في المدينة، وغالبا ما اقوم بشرائها اما من مدينة أربيل الواقعة شمال العراق، او العاصمة بغداد واحيانا كثيرة عبر مواقع التواصل من دول اخرى، منها اليابان وتصل عن طريق الشحن”.

يحتوي المعرض على مجسمات جسدت بعض المواقف التي تضمنتها المسلسلات الكارتونية، احدها مشهد عدنان وهو يحمل سمكة القرش وينظر بدهشة إلى لينا، بعد عثوره عليها بالصدفة ملقاة على الشاطئ تحيط بها اعداد من طائر النورس في المسلسل الكرتوني الشهير “عدنان ولينا” الذي عرضته شاشات التلفزيون في الثمانينيات.

وتدور أحداث المسلسل في القترة التي تعقب “الحرب العالمية الثالثة”، وتروي مغامرات فتى يتمتع بقوة غير طبيعية ترك الجزيرة المفقودة بعد وفاة جده، يرافقه صديقه عبسي وقبطان السفينه نامق، لينقذ لينا من الأسر في القلعة حيث يحتجزها الشرير علّام وأتباعه، ويعود بها إلى “أرض الأمل”.

بعض القطع حجزت مكانا متميزا لخصوصيتها مثل شخصيات علي بابا وعلاء الدين، ابطال المسلسل الكارتوني السندباد الذي جسد مغامرات جميلة جدا وعلى كتفه طائره ياسمينا، وحقق شهرة واسعة كونه من شخصيات الف ليلة وليلة.

بالنسبة لحازم، فإن متعة مشاهدة المعرض لم تكتمل بعد بسبب فقدان بعض الشخصيات الهامة التي ما زال يبحث عنها في العراق أو خارج البلاد، منها رفاق السندباد اذ تفتقد المجموعة مثلا للطائر ياسمينا، الاميرة المتحولة بسبب المشعوذين.

يقول المحامي حازم “مجموعة السندباد يابانية الصنع ومكتوب عليها تاريخ صناعتها، تعود لعام 1978 وعثرت عليها عن طريق الصدفة ولكنها وللاسف تفتقد لمجسم ياسمينا”.

وبغضّ النظر عن القطع المفقودة، ما يشد الناظر للمعرض هو وجود معظم شخصيات المسلسل الكرتوني الواحد مجتمعة، منها مجموعة الأوز يتقدمهم القائد آكسا بمعية مورتون بالاضافة الى سويلي وانجريد وجينر، في المسلسل الكرتوني المعروف “نيلز” الذي تدور أحداثه حول فتى مشاغب مر بتجربة غيرت من سلوكه، وتم تصغير حجمه لبصبح قزما قادرا على فهم لغة الطيور والحيوانات الاخرى، ويقوم بمغامرات مع جماعات الأوز يرافقه جرذه الصغير رات ومشاكسة الثعلب ريكس.

لمسلسل نيلز الكرتوني خصوصية عند صاحب المعرض اذ يقول “مجموعة نيلز صنعت في العراق، وصنعها احد الاصدقاء بطلب خاص لمعرضي، وتعتبر من النوادر وكلفت قرابة 400 دولارا وتعتبر اكثر شخصية كرتونية تأثرت بها، واحببت مغامراتها وتربطني معها ذكريات خاصة”.

وقصة المسلسل الكرتوني نيلز مقتبسة من الرواية العالمية “مغامرات نيلز المدهشة” للروائية السويدية سلمى لاغرلوف الحائزة على جائزة نوبل في الأدب.

وبينما يتحدث حازم عن معرضه يشير باصبعه إلى مجسم الليث الابيض، أحد المجسمات الكرتونية التي كان لها حضور متميز في مجموعته، ويتحدث عن العناء الذي تكبده حتى يصل هذا الليث إلى المنز بصحبة جميع شخصيات ذلك المسلسل. يقول: “مجموعة الليث الابيض اشتريتها  بـ 250 دولارا من احد الاصدقاء بعد ان وصلت إليه من اليابان”.

وكذا هو حال مجموعة السنافر وحكيم الاقزام والرجل الحديدي وسوبر مان وساسوكي والنحول بشار وبربر شاطر وفارس الفضاء ولوسي، والسيارة بومبو وفلونا وجونكر واللعبة الخشبية ماجد وكريسو تنين الاطفاء، وشخصيات افتح ياسمسم والسناجب وغيرها الكثير من تلك المجسمات.

معرض مجسمات الشخصيات الكارتونية ترك انطباعاً مميزاً لدى ابناء المدينة، يروي حازم، بعد أن عرضها من في معرض خصصه لها، فجعلته كثرة الاتصالات يحجم عن المشاركة بأي معرض آخر على حد وصفه.

“شاركت في معرض مخصص بعدد من قطع المجسمات من المعرض في مدينة العمارة، وتفاجأت بحجم الدعوات الموجهة لي بأعادة ذلك المعرض هذا غير المكالمات التي اتلقاها بشكل يومي، والسؤال عن بيع القطع مما جعلتني احجم عن المشاركة بأي معرض آخر”، يقول، لافتاً إلى أن الكبار، خصوصاً من جيل الثمانينيات، وليس الصغار فقط هم من كانوا يطلبون شراءها.

وعلى الرغم من الكم الهائل من تلك المجسمات التي تمثل نصف ما يملك صاحبها، ونصفها الآخر مخبؤ لديه بسبب عدم توفر المكان الملائم لعرضها، الا ان هوسه لم ينته بهذا الحد، اذ يقول في ختام حديثه لـ “المنصة” “انتظر قطع من اوروبا اشتريتها عبر المواقع الالكترونية ولكنها لم تصلني بعد”.

قبل أن نخرج من المكان تذكر حازم مجسم باباي برفقة زوجته زيتونة وعدوه اللدود بلوتو، ابطال المسلسل الكرتوني الشهير “باباي”. وهو مسلسل يجسّد قصة بحّار مغامر يتكلم بطريقة مميزة بينما يضع غليوناً في فمه، ويمتلك ساعدان قويان لكنها تكتسبان قوة خاصة عندما يتناول السبانخ. يقول حازم ويوجه نظره إلى باباي ممازحاً: “قوة باباي تزداد مع أكل السبانخ أما قوتي انا فمصدرها انضمام فرد جديد لعائلة المجسمات”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى