مسابح بغداد وجهة للعوائل والشباب في عيد الأضحى

بخلاف السنتين الماضيتين أمضى الشاب سيف الدين السراي وأصدقائه معظم أيام العيد في مسبح قريب في الحي، مستفيداً من إعادة افتتاح المسابح في العاصمة بغداد بعد سنتين من الإغلاق بسبب انتشار وباء كورونا.

يقول سيف الدين إن “المسابح هي المكان المناسب الوحيد الذي يستقبل الشباب في فترة العيد، لأن معظم المطاعم والمولات والمنتزهات تقتصر على استقبال العائلات فقط في هذه الفترة ولا يبقى لنا سوى المقاهي الشعبية وهي أماكن غير صالحة للترفيه”.    

وتبدو مسابح بغداد في هذه الفترة مكتظة بالزوار من الجنسين بعد أن سمحت أمانة بغداد لها بالعمل كما كان الوضع عليه قبل انتشار فايروس كورونا.

وأعلنت المسابح الحكومية والاهلية عن فتح أبوابها ومنها عدد من المسابح المغلقة التي تتميز بالعديد من المزايا الترفيهية وتقدم وجبات طعام متنوعة للزوار وتسمح لهم بقضاء اليوم كاملاً.

ويرى شباب وفتيات في هذه المسابح وسيلة للتسلية خلال عطلة العيد، تدفعهم أسباب شتى، أبرزها توزع المسابح في أكثر من منطقة في بغداد وهو ما يجنبهم معاناة الاختناقات المرورية التي تعيشها العاصمة في فترة الأعياد وانقطاع الطرق، إضافة إلى الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وصعوبة البقاء في المنزل خصوصاً في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل كبير.

يقول سيف، “ثمة أجواء جميلة توفرها المسابح، إذ يتم تنظيم مسابقات مثل العد والغطس وكرة الماء، وهذه الأمور تشجع الكثير من الشباب في الإقبال عليها”.

وقد يكون العامل الاقتصادي الدافع الأكبر وراء انتشار المسابح في بغداد التي بلغ عددها حوالي الـ 50 مسبحاً، إذ قام القسم الاستثماري في أمانة بغداد بافتتاح مسابح جديدة ومدن مائية مغلقة في منطقة زيونة وهي من الأحياء الراقية في بغداد.

وتبلغ مساحة المدينة المائية 21 ألف متر مربع وتحتوي على منزلق الكوبرا المائي الأول من نوعه، وعلى أماكن جلوس داخلية بتصميم عصري مطلّ على برك المياه مع تخصيص أيام معينة للنساء واخرى للرجال.

كما عملت أمانة بغداد على استثمار مشروع مسبح صيفي شتوي، وأكدت الأمانة في تصريحات سابقة أن “هذا المشروع يضفي الرقي والأناقة على  العاصمة”، وأنه يتألف من مجموعة مسابح وحمامات بخار ومطاعم ومراكز تجميل وأماكن للتمتع بجلسات لطيفة على ضفاف نهر دجلة.

يرى الخبير الاقتصادي احمد عبد ربه، أن “استثمار المسابح في القطاعين الحكومي والأهلي كانت له مردودات اقتصادية كبيرة”، مؤكداً أن العاصمة بغداد تعج بالسكان الذين أصبحت المدينة تضيق بهم، وخاصة في العطلات والاعياد، وقد أصاب الناس السأم من المولات والحدائق المكتظة، فوجدت العراقيون في المسابح فرصة للترويح”.

وأشار إلى أن “المسابح في الوقت الحاضر لا تقتصر على السباحة وحسب كما كانت حتى وقت قريب، فثمة المطاعم وصالات الألعاب والمقاهي والوجبات الخفيفة والمشروبات وهذه لم تكن موجودة سابقاً، لكنها أصبحت بمجملها تشكل عامل جذب واستقطاب، ويجني من خلالها أصحاب المسابح مئات الملايين من الدنانير شهريا”.

ويضيف أن “المردودات المالية ترتفع كثيرا في الأعياد والعطل والمناسبات”، منتقدا في الوقت نفسه “سوء الاستثمار في بعض المسابح الحكومية والأهلية، بسبب كلفها العالية وخلو بعضها من المعايير الصحية والتربوية إضافة إلى انعدام الرقابة في معظم مسابح العاصمة”.

وتعرض قطاع  المسابح لخسائر مالية كبيرة، بعد قرار الجهات المسؤولة في 20 تموز (يوليو) من عام 2020 إغلاق جميع المسابح والمدن المائية بسبب وباء كورونا، ما دفع بعض أصحاب المسابح للتحايل وفتح مسابحهم أمام الزبائن بعيدا عن أعين الرقابة.

يؤكد حسين السعيدي صاحب أحد المسابح الكبيرة في بغداد أنه “تعرض لخسائر مالية كبيرة خلال فترة الإغلاق، واضطر لتسريح عمال المسبح والعاملين في الخدمات المرفقة”، لافتاً الى أن “أعداد المرتادين قبل وباء كورونا كان يناهز آلاف شخص من الجنسين، يتوزعون بين المسبح والمطاعم والمقاهي وصالات الألعاب ويتضاعف هذا العدد خلال الأعياد والمناسبات”.

وأشار السعيدي إلى أن “مسبحه يوفر الحمام التركي والمساج وجميع الخدمات، وأن مياه المسبح معقمة ونظيفة،  ولا تتجاوز أسعار الدخول في الأيام الاعتيادية ال 10 الاف دينار عراقي للأشخاص البالغين، و5 آلاف دينار لمن هم دون سن ال 10 سنوات”، لافتاً إلى “وجود عروض  برونزية وذهبية في مسبحه، وتشتمل جميعها على خدمات الساونا والجاكوزي والبخار والحمام التركي ومسابح الزيوت المتنوعة وبأسعار متفاوتة”.

وتنتشر ملابس السباحة النسائية والرجالية في جميع محلات الألبسة، في المولات وسواها، ومع عطلة عيد الأضحى لوحظ بشكل خاص إقبال الفتيات على شراء ثياب السباحة.

تقول ريا حامد وهي تقلب بيديها قطع ثياب السباحة المعلقة في المحل إنها ستذهب رفقة أهلها الى المسبح “من أجل قضاء ساعتين ممتعتين في الماء تعقبها وجبة غداء”.

وتضيف “للسباحة متعة كبيرة، وهي رياضة صحية إذ يوفر الغطس في الماء التنفس العميق، ويحرك الجسم بأشكال مختلفة تسترخي معها العضلات”.

وكشابة من بغداد، تؤكد ريا على أن “المسبح يخفف من  التوتر اليومي بعيداً عن أعين الفضوليين والمتحرشين الذي يزعجون الفتيات في أماكن أخرى”. 

وعلى الرغم من التغيرات الكبيرة التي طرأت على المسابح في الوقت الحاضر مقارنة بمسابح الامس التي كانت تقتصر على أحواض السباحة  والمساج وحسب، إلا أن ظاهرة انتشار المسابح، وخاصة الأهلية منها، ترافقها بعض المؤشرات السلبية حسب المرتادين، منها عدم وجود تسعيرة ثابتة للدخول وارتفاع الأسعار بشكل كبير خلال الأعياد والمناسبات، إضافة الى ضعف الرقابة عليها من قبل الفرق الصحية، لكن المسابح على الرغم من هذا وسواه تلاقي رواجاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى