13 قتيل يومياً.. ضحايا الحوادث المرورية في العراق أكثر من ضحايا الإرهاب

المنصة- مرتضى الحدود

تلقى محمد عباس اتصالاً هاتفياً في إحدى ليالي كانون الثاني (يناير) من عام 2021 يخبره بمصرع صديقين له في حادث مروري وسط مدينة الناصرية نتيجة السرعة المفرطة من قبل سائق المركبة المتسبب بالحادث.

كان صديقا محمد يستقلان دراجة نارية عند قرابة الساعة الحادية عشر ليلاً على أحد الطرق القريبة من وسط المدينة، عائدين إلى منزليهما، ففوجئا عند تقاطع مروري بمركبة تسير بسرعة كبيرة اصطدمت بهما ورمتهما لمسافة بعيدة، ولشدة الارتطام فارقا الحياة على الفور.

صاحب المركبة بحسب أصدقاء المصروعين كان مخموراً يسير بسرعة تجاوزت الـ 100 كم في الساعة وعادة ما تكون هذه الشوارع ليلا خالية من الازدحامات المرورية والمسموح فيها هو السير بسرعة 50 كم في الساعة.

عبد الله الحسيناوي هو الآخر تلقى نبأ مصرع ابن عمه بسبب قيادته المسرعة لمركبته بحسب تقرير الشرطة في الناصرية مما أفقده السيطرة على المركبة وتسبب بسقوطه من أعلى الجسر أثناء عبوره. يقول الحسناوي “كل يوم نسمع عن حادث جديد وضحايا جديد دون أن نلمس أي تغيّرٍ في الوضع”.

هذه الحوادث المرورية ومثيلاتها لم تنته أو ينخفض عددها خلال السنوات الماضية بل تضاعفت بحسب مسؤولين، إذ تسجل شوارع مدن العراق حوادث يومية يذهب ضحيتها عشرات المواطنين يعزوها رجال المرور والمراقبين لرداءة الطرق وعدم التزام السائقين بإجراءات السلامة المرورية.

مدير العمليات والخدمات الطبية في وزارة الصحة العراقية الدكتور فاضل الربيعي في حديثه لـ “المنصة” يكشف أرقام جديدة للحوادث المرورية سجلها عام 2021 أعلى من أرقام الأعوام السابقة. وبحسب الربيغي أسفرت الحوادث المرورية عن 12 ألف ضحية بينها 4800 حالة وفاة بمعدل 13 حالة وفاة يومياً.

أما أعداد الحوادث المرورية بين عامي 2019 و2020 فهي أقل من ذلك بحسب إحصاءات الجهاز المركزي للاحصاء التي شملت جميع مدن العراق عدا إقليم كردستان. وتظهر البيانات المتوفرة أسباب تلك الحوادث واي المدن أكثر عرضة للحوادث فيما لم يتم اعلان تلك التفاصيل لعام 2021 من قبل الجهاز حتى الان.

تشير البيانات أن العام 2019 سجل 2636 حالة وفاة بسبب الحوادث المرورية، أي بمعدل 7 وفيات يومياً وبواقع 30 حادث مروري يومياً. أما عام 2020 فسجل انخفاضاً طفيفاً جداً بالوفيات التي بلغت 2152 حالة وفاة أي بمعدل 6 حالات يومياً وبواقع 23 حادث مروري.

وكانت الرجال هم الأكثر بين حالات الوفيات ففي عام 2019 بلغت أعدادهم 2100 أما النساء فبلغ عددهن 536 وفي عام 2020 بلغ عدد الرجال المتوفين جراء الحوادث 1776 رجلاً في مقابل 376 امرأة.

مصادر رسمية أكدت أن الحوادث المرورية في العراق باتت تشكل “إرهابا جديد” يواجه المواطنين إذ ما تم قياسها بالأعمال الإرهابية التي تواجه القوات الأمنية، فأعداد القتلى نتيجة الاعمال الإرهابية لعام 2020 لوحده لم تتجاوز الـ 400 قتيل.

وتؤكد المصادر أن السرعة المفرطة كانت السبب الرئيس وراء تلك الحوادث ففي عام 2019 تسببت السرعة المفرطة في 1868 حادثاً مرورياً أما في العام 2020 فانخفض الرقم إلى 1515 أي بنسبة 19%.

ويبدو من البيانات أن المحافظات الجنوبية كان لها الحصة الأوفر من الوفيات اذ تصدرت محافظة البصرة عام 2019 أعداد الحوادث المرورية بين بقية المحافظات وبلغت 1461 حادثاًَ، في حين كانت صلاح الدين أقل المحافظات تسجيلاً للحوادث المرورية برقم يبلغ 180 حادثاً.

وبقيت البصرة عام 2020 تتصدر أعداد الحوادث على مستوى العراق بـ 1023 حادثاً، أما صلاح الدين فسجلت 228 حادثاً وحافظت على المركز الأخير رغم زيادة عدد الحوادث فيها بمعدل 26%.

ضحايا الحوادث المرورية الأكثر عدداً تراوحت أعمارهم ما بين 6 إلى 47 سنة، ففي عام 2020 بلغ عدد قتلى الحوادث 1719 فيما بلغ اعداد الأطفال المتوفين في الحوادث 165 طفلاً أعمارهم دون خمس سنوات، أما عام 2019 فكان الأكثر إيلاماً بوفاة 1996 شخص بينهم 253 طفل.

وبحسب البيانات، وقعت أكثر الحوادث داخل المدن في ضوء النهار. ففي العام 2019 وقع ما نسبته 57.1% من مجمل الحوادث داخل المدن، وكانت الحوادث في النهار هي الأكثر إذ بلغت 6721 حادثاً أما ليلاً فسجل 1433 حادثاُ فقط، وفي وقت الشروق والغروب 2599 حادثاً.

وفي عام 2020 بقيت نسبة الحوادث داخل المدن بحدود 58.2% وكانت أعدادها في النهار 5334 أما ليلاً فبلغت 1221 وخلال الغروب والشروق 1631 حادثاً مرورياً.

ويعدّ شهر تشرين الأول (اكتوبر) في العامين هو الاعلى بمعدل الحوادث المرورية، ففي عام 2019 بلغت الحوادث فيه 1122 حادثاً أما عام 2020 لذات الشهر فكانت 888 حادثاً.

وعزا الجهاز المركزي للإحصاء سبب ارتفاع عدد الحوادث في هذا الشهر تحديداً إلى بدء الدوام الرسمي في المدارس والجامعات مما يؤثر على الكثافة المرورية في الشوارع.

مدير إعلام المرور العامة العميد زياد القيسي يكشف عن أسباب الحوادث وفي مقدمتها “عدم التزام السائقين بالتعليمات المرورية والاشارات الضوئية والسير عكس الاتجاه المطلوب والسرعة الشديدة والقيادة بتهور والاجتياز الخاطئ واستخدام الهاتف النقال فضلا عن اللهو والرقص اثناء قيادة المركبة”.

ويضيف أنه “في العادة لا تحمل المركبات المتانة المطلوبة ولا تتوفر على عجلات ذات نوعية جيدة ولا تخضع لفحص ميكانيكي دوري كما أن لدينا مشكلة في الطرق نتيجة ضيقها وتدهور حال الكثير منها مع وجود التخسفات والمطبات وضعف الإضاءة وغياب الأسيجة الأمنية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى