أعمال فنية صغيرة مقابل أسئلة بيئية أكبر بكثير

المنصة- مهدي الساعدي

منذ صغره احترف “كرّار جبر” صناعة المجسمات عبر إعادة تدوير كل ما يقع بين يديه من مخلفات بيئية وتحويلها إلى أعمال فنيّة صغيرة الحجم ليصبح اليوم واحداً من أشهر صانعي المجسّمات في جنوبي العراق.

الشاب العشريني المقيم في محافظة ميسان يتذكر بداية اكتشافه هذه الهواية عندما كان يصنع سيارات من الورق المقوى مستنسخاً نماذج عن شبيهاتها الأصلية، يقول للمنصة: “أحببت صناعة مجسمات السيارات بشكل خاص وأنا في المرحلة الابتدائية وبعد ممارسات وتجارب عديدة صرت أتقن صناعة نماذج للمنازل وقطع الأثاث وأشكال أخرى من المجسمات”.

في أعماله الفنية يستخدم كرّار المخلفات الصلبة فيعيد تدويرها ويحولها إلى تصاميم فريدة مستخدماً أية مادة تقع بين يديه على حد وصفه، سواء كانت من البلاستيك أو الخشب أو الحديد، بحسب نوع القطعة المصنوعة.

“لكن في حال صناعة نموذج كبير ويستهلك كمية أكبر من المواد سوف اضطر لشرائها من السوق لإكمال العمل”، يقول كرار.

يوضح مختصون بيئيون إن إعادة تدوير المخلفات الصلبة ثقافة سائدة في العديد من البلدان للاستفادة الاقتصادية من هذه النفايات من جهة وللحد من المخاطر البيئة من جهة ثانية.

يقول الخبير البيئي احمد صالح للمنصة إن “التفكير بتدوير النفايات لم يعد ثقافة ترفيه بل صارت له أبعادً اقتصادية وبيئية هامة، مع النقص الحاصل في المواد الخام بسبب استهلاك آلاف الأطنان من المواد الطبيعية لأغراض صناعية، وبالتالي نحتاج الى تقنين هذا الاستخدام”.

لكن في العراق لا تتوفر المصانع المختصة أو المؤسسات المعنية بمعالجة هذا الشأن بحسب الخبير البيئي، “العراق شبه خالٍ من معامل تدوير النفايات الضخمة، والتي تعد من المرافق الصناعية الأساسية في معظم البلدان، ما عدا المعمل الموجود في السليمانية بالاضافة الى المعامل الصغيرة التابعة للقطاع الخاص وجزء منها يهتم بتدوير المخلفات البلاستيكية والألياف الكربونية والنباتية”.

هذه التحديات البيئية تدفع كرّار لتقديم أعماله على نطاق أوسع من محافظة ميسان، فشارك بأعمال مدوّرة من النفايات في معارض ومسابقات في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى وحصل على جوائز للدقة التي تتميز بها أعماله.

فحصل على المركز الأول في مسابقة المواهب الخاصة بالمصممين والتي تقيمها الجمعية الأمريكية الفكرية في جامعة التراث وعلى مركز متقدم في مسابقة “روانجا” لفن إعادة التدوير في مدينة أربيل بين 700 متسابق ومتسابقة وجوائز محلية أخرى. 

ولم يسعفه وقت الفراغ للمشاركة في مهرجانات أخرى فهو يدرس حاليا في كلية التربية ويستغل موهبته لمساعدة زملائه في صناعة نماذج مصغرة تخص دراستهم. “يرسل إلي العديد من الطلبة صوراً ورسومات تخص بحوث تخرجهم، واقوم بتحويل تلك الرسومات إلى نماذج حقيقية مصغرة لإتمام البحوث”.

ويعرض هذا الفنّان أعماله التي ينجزها على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التواصل مع متابعيه وفي المقابل يحصد العديد من الاعجابات وكلمات الثناء التي يعتبرها أهم الدوافع لمواصلة عمله وايصال رسالته. 

يقول كرار: “غيري ربما لا يمكنه تدوير النفايات بهذه الطريقة لكن الجميع مدعو للبحث عن حلول وبدائل”.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى