هل ستنجح تطمينات الحكومة العراقية المرتقبة في تهدئة الشارع والخصوم
المنصة – منتظر الخراسان
بعد انسداد سياسي دام دام اكثر من عام بدأت ازمة العراق بالانفراج بانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح لتشكيل الحكومة وسط مقاطعة الكتلة التشرينية و قصف صاروخي للمنطقة الخضراء من جماعة مسلحة غير معروفة الانتماء.
الحكومة العراقية التاسعة المزمع تشكيلها والتي كان من المتوقع ان تأخذ وقتا أطول قبل ان ترى النور مختلفة عن الحكومات السابقة، فيمكن وصفها بالإطارية نسبة للاطار التنسيقي اما ما سبقتها من حكومات متعاقبة فكانت ائتلافية بين جميع الكتل الشيعية.
محمد شياع السوداني هو الرئيس المختار لحكومة العراق المرتقبة والتي لا تحظى بدعم الكتلة الصدرية المستقيلة ولا قاعدتها الشعبية الواسعة في البلاد، وهي ناتجة عن توافق قادة الاطار التنسيقي الذين كانوا داعمين لحكومة عادل عبد المهدي المتهمة بقتل وقمع متظاهري تشرين 2019.
التوقعات السياسية لم تكن صائبة هذه المرة في معظم تكهناتها خصوصا بعد دخول المحتجين الى المنطقة الخضراء والتظاهر في مبنى البرلمان والاعتصام به والاحتجاج امام مجلس القضاء واخرها الصراع المسلح الذي دام عدة ساعات وراح ضحيته عدد من القتلى والجرحى اذ كان المتوقع ان تستمر حكومة الكاظمي والذهاب نحو انتخابات مبكرة، ولعل اخفاق التوقعات جاء بسبب عدم تحريك التيار الصدري للشارع وسرعة التدخل الإيراني في لملمة الوضع السياسي اتجاه الإطار المدعوم إيرانيا.
الحكومة الاطارية كما يسميها البعض رغم مضيها بانتخاب رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني الا ان احتمالية عدم امرار كابينتها الحكومية في البرلمان متوقعة وقد تصيب التوقعات هذه المرة فيحتمل ان يكون هناك تظاهرات تربك الوضع السياسي من قبل الجمهور الصدري الذي خسر اكبر كتلة برلمانية في الحكومة الحالية بواقع (73) مقعد من دون نتيجة.
الصدر يرى ان حكومة شياع السوداني عبر تصريحات وزيره الافتراضي صالح محمد عراقي بانها حكومة تبعية ميليشاوية مجربة واصفا أياها بحكومة “بني العباس” في إشارة الى انها اغتصبت احقية التيار بتشكيل الحكومة وان لا امل يرجى منها، ولعل هذه الكلمات هي إشارة للقواعد بان يتهيئوا لاي مستجدات لاحقا.
التشرينيون بدأو خطواتهم في بعض مدن الجنوب بالتصعيد عبر احتجاجات او حرق مقرات الأحزاب المحترقة سابقا في مدينة الناصرية كرسالة انهم غير راضين عن حكومة السوداني فقادة الإطار هم من وقفوا مع قمع المحتجين في عام 2019.
قيادات الإطار وصفوا الحكومة قبل ولادتها بانها حكومة خدمات وقاسية على الفساد ومصلحة للواقع المرير الذي يعاني منه المواطن العراقي. وأقدم السوداني على تقديم تطمينات عبر تصريحاته بمحاربة الفساد وخدمة الناس اتخذ منها رواد مواقع التواصل الاجتماعي مادة للنكات والتندر.
مراقبون يصفون خطوة نجاح الإطار التنسيقي بانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح للحكومة بانه انتصار واهم وانه ابتلع طعم تم رميه اليه، وحتى لو حظي بتأييد ايراني سيكون من الصعب عليه تخطي الصدريين والتشرينيين وجماهيرهم المحتجة.
السوداني وفي أولى خطابته طرح ملفين مهمين يعمل على مكافحتهما وهو الفساد المالي المنتشر في مفاصل الدولة وضبط السلاح المنفلت وفي الوقت ذاته يمتلك الاطار التنسيقي المسؤول عن تشكيل الحكومة عشرات الفصائل المسلحة والتي عادة ما تستعرض بسلاحها بشكل علني في الشوارع او الصدام مع فصيل اخر من الخصوم كما حصل عدة مرات في البصرة وبعض المدن الأخرى.
الباحث علي البيدر يقول لـ”المنصة” ان حكومة الاطار التنسيقي لا تختلف عن سابقاتها فهي حكومة ائتلافية وان السبيل الوحيد التي يجب ان تعمل عليه هو إيجاد حل لعكس صورتها بشكل مختلف امام الشعب وتحديدا خصومها لخلق واقع جديد بخطوات إصلاحية مطمئنة للشارع التشريني ومواجهة الضغط الدولي.
رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور احسان الشمري يرى ان هناك ازمة أخرى لازالت قائمة وهي ازمة الشعب والدولة والنظام فيجب ان تكون هناك قاعدة حوار للطبقة السياسية لإنهاء جميع الأمور العالقة سيما وان يوم 25 تشرين الأول وهي ذكرى تظاهرات تشرين لن يبقى منها الا أيام معدودة وقد تستثمر هذه المناسبة ضد الحكومة الاطارية.
ويجد الشمري بان حكومة السوداني اذ ما تشكلت وعملت على ابعاد الوزارات من النهج المحاصصاتي واصلاحها والتركيز على تحديد موعدا لانتخابات برلمانية مبكرة فهذا الامر سيجلب مزيدا من الاستقرار السياسي لها وجذب التيار الصدري وزرع الطمأنينة وتوفير بيئة ضامنة على مستوى التشريعات.
مسؤول مركز الجنوب للدراسات صلاح الموسوي يجد بان حكومة السوداني المتوقع تشكيلها لا يمكنها الخروج عن اطار المحاصصة وبذات الوقت لا تستطيع فعل شيء خارق فالشعارات التي تحدث بها الرئيس المكلف في خطابه الأخير لا تبدو مجدية، وان جماهير تشرين والصدريين قد تتحرك لمنع انعقاد جلسة التصويت على الكابينة الوزارية.
خيارات التصويت على حكومة محمد شياع السوداني في قادم الأيام تبدو خاضعة لضغط الشارع وخيارات الاطار التنسيقي فاذ ما تم التوصل الى توافقات بين جميع الأطراف قد تمر بسلام اما اذا استمرت سياسة كسر العظم مع التيار الصدري فقد تسقط في وقت مبكر اذا نجت من عملية التصويت مثلما حدث مع حكومة عبد المهدي.