بعد 150 عاماً.. إعادة تأهيل لشناشيل البصرة

البصرة- سعد ناظم 

خطة طويلة الأمد لكنها طموحة بدأتها حكومة المحلية في مدينة البصرة بالتعاون مع منظمة اليونسكو لإعادة ترميم قصور ومنازل تراثية من بيوت “الشناشيل” تمهيدا لضمها إلى لائحة التراث العالمي، كواحدة من أبرز المعالم الأثرية والمعمارية في المدينة القديمة.

مسؤولون في منظمة اليونسكو كانوا قد صرّحوا في وقت سابق أن إطلاق المشروع سيكون على مرحلتين، الاولى تبدأ بتنظيف ورفع النفايات من المنازل وترميم نهر العشار في المنطقة الأثرية، أما المرحلة الثانية فهي اختيار 15 من المنازل التي تحتوي على الشناشيل الاثرية وإعادتها إلى صورتها التراثية التي كانت عليها وقت إنشائها.

ويوضح الباحث في تاريخ البصرة ناظم المناصير أن “هذا الطراز المعماري القديم متأثر بالعمارة الهنديـة لكنه يرتكز أيضاًَ على مبررات موضوعيــة كالمناخ ونوع التربة، وهو ما كان متحققاً في البصرة”.

ويكمل الباحث أن “البصرة تتصف برخاوة تربتها وبمناسيب مرتفعة للمياه الجوفية فيها لذلك كانت بيوت الشناشيل مناسبة لها، فهي بيوت خفيفة نسبياً بسبب استخدام الخشب في تشييدها كما أنها لا تحتاج عند البناء إلى حفر أسس عميقة في الأرض ولا تتطلب بناء ركائز كونكريتية”.

وتعد هذه البيوت مناسبة لطبيعة الحياة في المدينة التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة، فتوظيف أنواع من الخشب في البناء كالساج والأبنوس له أهمية كبيرة  في تخفيف شدة الحر.

وبسبب وفرة الأيادي العاملة الماهرة آنذاك -وكثيراً منهم كانوا من الهنود-إضافة إلى وفرة  الأخشاب بأسعار مناسبة انتشر هذا الطراز المعماري في مدن الجنوب العراقي بحسب الباحث العراقي.

يؤكد الخبراء الأثريون أن معظم القصور التراثية في المدينة القديمة عمرها يزيد عن القرن ونصف القرن وهناك 41 قصراً منها مملوكة لوزارة الثقافة في حين تواجه الحكومة صعوبات في ضم عشرات المنازل الأخرى لخطة الترميم لأن أصحابها يرفضون بيعها للدولة.

وتشمل المرحلة الأولى صيانة ثلاثة قصور ثقافية وصيانة نهر العشار الذي يعبر المنطقة، وهي عملية تحظى باهتمام بالغ من منظمة اليونسكو وتتم باشرافها وبالاتفاق مع شركات متخصصة.

يقول المهندس الاستشاري قصي الشمخاوي منسق وممثل اليونسكو في البصرة في حديثه إلى المنصة: “نعمل على مشروع إعادة إحياء تراث المدينة ضمن منحة الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الحكومة العراقية ووزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والتراث”.

البداية بحسب الشمخاوي ستكون مع ترميم ثلاثة قصور من الشناشيل من أصل 12 مطلة على نهر العشار، وهي قصر الشيخ خزعل أو قصر الثقافة والفنون، وبيت المناصير الذي يشغله اتحاد الادباء والكتاب، وبيت المنديل الذي تشغله جمعية الفنانين التشكيليين”.

وبحسب الباحث ناظم المناصير تتصف الشناشيل بنقوشات ومشربيات ذات تصاميم فريدة وهي تختلف عن العمارة الإسلامية التي تعتمد أشكال هندسية كالقبب والمنارات والأقواس.

ويضيف أن الإهمال المتواصل خلال عقود من الزمن أسهم في اندثار عدد من هذه البيوت في مدينة البصرة.

وتشترك في هذا المشروع جامعات ومعاهد ومنظمات دولية وشركات من شأنها أن توفر مئات فرص العمل لشباب البصرة بعد إخضاعهم لدورات تخصصية.

جمانة النجم، مهندسة تعمل في المشروع تقول: “نعمل اعادة تاهيل الأساسات والجدران وازلة الارضية واستبدالها بواحدة أخرى مع الحفاظ على الهوية الأصلية للمكان وعدم اجراء تغييرات على التصميم الاساسي” .

وتؤكد المهندسة المعمارية أن الشناشيل ستكون بعد اكمال المشروع من أهم المحطات الجاذبة للسياحة في البصرة وجنوب العراق وأيضاً للباحثين والمهتمين بالتاريخ، وذلك لأن “أعمارها تصل إلى أكثر من 150 عاماً، وطرازها المعماري جميل وفريد من نوعه، ولأنها أيضاً تدل على التنوع الديني والحضاري للمدينة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى