كشك صغير وآلاف الكتب المجانية.. تلك هي شبكة الاستعارة 

كربلاء- حسنين علاء

في زاوية من زوايا المكتبة المركزية في كربلاء أربعة آلاف كتاب ورقي متاح للقراء بشكل مجاني. كتب متنوعة تصطف فوق رفوف في كشك صغير يتواجد فيه “يونس كلكاوي” مع فريقه التطوعي “شبكة الاستعارة”.  

كلكاوي شاب تخرج من كلية القانون وله الآن ثلاثة وعشرين سنة، أسس مع أصدقائه قبل ثلاث سنوات شبكة لاستعارة الكتب معتمدين على التبرع بكتبهم الشخصية وكتب اصدقائهم، يعيرونها لهواة القراءة من دون أي مقابل، مدركين أهمية الكتاب وكيف له أن “ينير العقول وماهو مظلم في الروح”، بحسب وصفهم.

يقول كلكاوي موضحاً سبب تأسيس الشبكة: “انطلقنا بهذا المشروع لحل مشكلة صعوبة الحصول على الكتب، خصوصاً بالنسبة للطلبة الذين سيثقل عليهم شراءها بالأسعار المعروضة في السوق”.

لا يقتصر نشاط الفريق على توفير مجموعة كبيرة من الكتب الورقية وجعلها متاحة أمام كل قارئ في كربلاء، بل انهم قاموا بتوفير خدمة لتوصيل الكتب بمبلغ “ألف دينار” فقط في أي مكان في المحافظة.

وبمساعدة تطوعية من صديق لهم يعمل مبرمجاً للمواقع الالكترونية تمكنت “شبكة الاستعارة” من انشاء تطبيق الكتروني يعرضون من خلاله جميع الكتب التي لديهم ويستقبلون طلبات القراء لتوصيلها لهم، كل ذلك يتم بعد إنشاء حسابات خاصة للذين يودون الاستعارة.

وفضلاً عن هذه النشاطات، يتحين الفريق فرصة إقامة أي فعالية ثقافية في كربلاء ليشارك في البازارات الثقافية في الجامعات ومعارض الكتب.

يقول يونس كلكاوي “حصلنا على كرفان متهالك داخل المكتبة المركزية بعدما قمنا بتقديم طلب الى المحافظة، وبجهود تطوعية ذاتية قمنا بتأهيله لاستيعاب الكتب”. 

الخشب المهترئ والانارة الضعيفة في الكرفان لم تقف في وجه كلكاوي ورفاقه، فأصروا على الاستمرار في الخدمة التي يقدمونها وبلغ عدد الكتب التي تمت استعارتها لحد اليوم حوالي 1500 كتاب ووصلت عدد الحسابات المشتركة لديهم إلى 1670 حساب مسجل في التطبيق.

ويضيف يونس: “لو أراد الطلبة شراء تلك الكتب من السوق فسيكون ثمنها حوالي 11 مليون دينار.. قمنا بتوفيرها لهم مجاناً”.

 

يُسر لؤي، ذو التسعة عشر عاماً، متطوع في “شبكة الاستعارة” منذ سنتين، يحاول مع زملائه “خلق مجتمع قراء جيد ومترابط في محافظة كربلاء كون القراء هم الاكثر فاعلية في المجتمع”، كما يقول. 

وبالنسبة لـ يسر، فإن “الإناث هم الفئة الكبرى المستفيدة من الشبكة، خصوصاً من سكان المناطق النائية، كونهن لا يستطعن الخروج والتحرك براحة كما هو حال الذكور وبالتالي لا يحصلن على فرصة مناسبة لاقتناء الكتب”، ولذلك يقول يسر: “من خلال خدمة التوصيل استطعنا إيصال الكتاب إلى فئة الإناث وهم النسبة الأكبر من مشتركينا”. 

ويتابع شارحاً آلية التوصيل بالقول: “الكتاب يأتي الى بابك فما عليك إلا أن تطلب العنوان الذي تريده وبالتالي تحصل على فرصة القراءة بشكل مجاني ومن دون عناء”، وهي بحسب الفريق الفكرة الجوهرية والاولى لشبكة الاستعارة التي تسعى حالياً إلى تسجيل نفسها كمنظمة غير ربحية “من أجل توسيع رقعة النشاط وتقديم الخدمة على مستوى محافظات الفرات الاوسط ومن ثم العراق”.

يعتبر يسر التطوع  فرصة كبيرة للتوسع في المعرفة وزيادة المهارات والخبرات كما يعتبره مساحة جيدة لكي يقدم الفرد من خلاله خدمة للمجتمع، وما يحفزه وزملائه على تقديم مختلف الخدمات التطوعية أنهم يعملون ضمن دائرة كبيرة من المتطوعين المختصين بمجالات كثيرة.

“آيات عماد” مثلاً واحدة من أعضاء الفريق، متطوعة تقوم بأعمال التواصل مع المشتركين والمستعيرين بالإضافة الى التعريف بشبكة الاستعارة وأعمال مواقع التواصل الاجتماعي، وهي كشابة متطوعة، ترى أن عملها قد يشكل حافزاً لنساء كثر في كربلاء للانضمام إلى العمل التطوعي والانخراط في الفضاء العام. 

وتضيف آيات خريجة المعهد الطبي التي بدأت العمل مع الشبكة منذ ثمانية أشهر أن تجربة التطوع غيرتها من الداخل وأضافت إلى رصيدها المعرفي والثقافي، وزادت من شغفها أيضاً بقراءة كتب خارج مجالها التخصصي.

“بناء جيل واعي ومثقف وعلاقة قوية بين القارئ والكتاب” هو هدف يونس ويسر وآيات وباقي زملائهم، فمن خلال ذلك الكشك الصغير والدراجة النارية القديمة التي لديهم يقومون بايصال المعرفة، حتى ولو إلى أبعد نقطة في كربلاء.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى