“ليست قمامتي لكنه وطني”: حملة لتنظيف الشوارع بدأها شاب واحد 

الناصرية- مرتضى الحدود

بدأها لوحده وعمل عليها أياماً طويلة ليرسخ مبدأ أن كل ما يحيط به هو بيته ومسكنه وموطنه وليست قمامة تحوي أشياء غير نافعة، أو باختصار وكما يقول:  “هذه ليست قمامتي.. لكنه وطني”.

“لاري عباس” الشاب العشريني من مدينة الناصرية والذي يهوى لعبة “سكيت بورد” عادة ما تجده يتجول في بعض الحدائق وهو على لوح التزلج مع أصدقائه، إلى أن وجد نفسه امام مسؤولية لطالما تجاهلتها الحكومة المحلية ربما لقصور في ادواتها التنفيذية.

في صبيحة احد أيام صيف 2019 انطلق “لاري” من تلقاء نفسه وهو يدفع عربته المعدنية  في حي الشموخ محل سكناه، واضعا عليها فرشاة تنظيف وأداة جرف لتجميع النفايات واكياس سوداء، ومعلقاً ورقة بيضاء كتب عليها “هذه ليست قمامتي لكنه وطني”.

بدأ “لاري” اعمال التنظيف لوحده من دون مساعدة أي فرد وخصص أياماً في الأسبوع لجمع القمامة واختار عدة أماكن للعمل فيها باحثاً عن أيها الأكثر تكدساً للنفايات أو الأكثر إهمالاً.

لكنه توقف لفترة من الزمن رافقت حراك تشرين  الاحتجاجي سنة 2019 وما تبعه من وباء كورونا ثم عاود نشاطه من جديد وكانت عودة مؤرشفة بمقاطع فيديو تبث عبر مواقع السوشيال ميديا.

يقول لاري الذي بقي محافظاً على ضحكته المعهودة وملابسه البسيطة، إنه سمع الكثير من انتقادات المواطنين لاعتقادهم أن له مبتغى آخر من خلال هذا النشاط، او أنه يسعى للوصول إلى هدف معين سواء كان شهرة أو منصب حكومي او غير ذلك.

ويتابع: “كانوا يقولون لي ان هذا العمل لن ينجح مهما حاولت فالجميع غير مبالٍ بما تفعل، لكني كنت أيضاً أسمع بعض الكلمات المشجعة والطيبة”.

صفحته الشخصية عبر الانستغرام التي تجاوزت 300 الف متابع أسهمت بدور كبير في تفاعل المتابعين معه بتعليقات ومشاركات للمقاطع المنشورة حوال الأماكن التي تم تنظيفها.

وازداد التفاعل مع شعاره الذي أصبح هاشتاج “هذه ليست قمامتي لكنه وطني” والذي انتشر بسرعة البرق وسجل تفاعلاً من قبل صانعي المحتوى عبر المواقع العربية والأجنبية.

ويؤكد لاري ان هدفه لا يقتصر على تنظيف الشوارع بل تحويلها إلى أماكن خضراء، فاستهدف محيط الأبنية المدرسية التي تكثر قربها النفايات وعمل على رفعها وزراعتها بأشجار معمرة.

وسرعان ما تطور عمله التطوعي والتف حوله شباب من عمره بدأوا بجمع تبرعات لا تتجاوز الالف دينار من الشخص الواحد من أجل صبغ بعض الأرصفة وتأهيل الجدران العامة وتلوينها برسومات جذابة.

مؤخرا التزم لاري وأصدقائه بأعمال تنظيف شارع الثقافة، ويقول: “أبدأ به من صباح يوم الجمعة وحتى الظهيرة كي يكون جاهزا أمام الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تقام عصرا”.

لاري لايزال مواظباً على عمله، ويُمني نفسه بدعم متبرعين يعملون على النهوض بمدينتهم الناصرية التي أصبحت مؤخراً مركزاً جاذباً للسياحة في الجنوب العراقي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى