البالة تنقذ “الأوتجي” في الناصرية

ذي قار- مرتضى الحدود

يصارع احمد عبد الله مع والده للحفاظ على مهنة “الاوتجي” التي يعملان بها نتيجة حداثة المكواة المنزلية التي دخلت إلى البلاد في العقدين الاخيرين وكانت سبباً في تراجع مداخيلهما.

و”الاوتجي” كلمية تركية بمعنى عامل المكواة، وهي مهنة تعلمها أحمد منذ صباه على يد والده وتتطلب بحسب وصفه “جهداً عضلياً وتركيزاً وحذراً من وقوع أي خطأ اثناء الكيّ قد يتسبب بحروق في اليد من الدرجة الثانية والثالثة”.

لكن المهنة شهدت تراجعاً منذ عام 2003 مع دخول المكواة المنزلية الحديثة إلى معظم المنازل، بل إن أحمد الذي يملك محلاً وسط مدينة الناصرية يؤكد أنها كادت أن تندثر تماماًَ لولا وجود أسواق البالة التي أسهمت في انقاذها. يقول أحمد “ملابس البالات” هي المصدر الأساسي لدخلنا وهي السبب في ديمومة عملنا”.

عند وصول شحنة من الملابس من بائعي البالات، يعلم هذا “الاوتجي الشاب” أن لديه أسبوعاً طويلاً من العمل يبدأ السادسة صباحاً وقد لا ينتهي حتى التاسعة مساء.

ويوضح أحمد أن ملابس البالات تستورد بكميات كبيرة من دول الخليج ثم يعمد التجار الى غسلها وكيّها ووضعها في أكياس لتكون جاذبة للزبائن، خصوصاً الملابس ذات الماركات العالمية المعروفة، ثم تعرض في الأسواق الشعبية التي يرتادها ذوي الدخل المحدود.

وتعمل المكواة التي يستخدمها الاوتجي على النفط الأسود إذ يتم إشعال النار داخل أسطوانة تقوم بتوليد البخار. وتتألف هذه المكواة من قطعة معدنية تستند الى ذراع حديدي مثبت بالأرض تعلوها قطعة معدنية أخرى فيها ثقوب صغيرة يخرج منها البخار، وفيما بينهما يوضع القماش المراد كيّه.

وتتراوح أسعار “الكوي” في محل أحمد بين 1000 إلى 1500 دينار للقطعة الواحدة أما “الغسل” فيصل إلى 3000 دينار.

ويروي أصحاب المهنة أن الأوتجي بدأ بالظهور بمدينة الناصرية في ثلاثينيات القرن الماضي مستخدماً أدوات بسيطة ومكواة تعتمد على التسخين على الفحم، وازدهرت المهنة في الثمانينيات مع تطوّر المكواة وكانوا آنذاك يعدون من ذوي الدخول الجيدة.

“لكن الحال تغير بعد 2003 مع دخول المكواة الحديثة مع ميزات تسهل العمل عليها في المنزل ليبتعد اغلب الناس عن عملية كيّ ملابسهم في المحال الخاصة”، يقول أحمد.

واشتهر في مدينة الناصرية في الماضي عدد من الأوتجية منهم عبد موعة الاوتجي وعناد الاوتجي وعبد الاوتجي و يوشع الاوتجي وبريسم الاوتجي ودائما ما كانوا يتخذون محالاً في أسواق بيع الأقمشة والملابس أو في الأحياء السكنية المكتظة.

أما اليوم فيتمركز “الاوتجية” المتبقين في الناصرية بالقرب من ساحة الحبوبي وسط المدينة وفي عدد من الأسواق الرئيسية والأحياء الشعبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى