نصرة القرآن الكريم بوابة لعودة الصدريين إلى المشهد السياسي

بغداد- منتظر الخرسان

مثلت حادثة إحراق نسخة من القرآن الكريم من قبل مواطن عراقي مغترب في السويد نقطة انطلاقة للتيار الصدري في إعادة تنظيم صفوفه الشعبية والعودة الى المعترك السياسي بصورة مغايرة عبر التحشيد المندد بحادثة الحرق، حاملاً بذلك رسائل مبطنة إلى جميع خصومه السياسيين ممن سيخوضون معه الانتخابات المقبلة نهاية العام الحالي 2023.

وكان العراقي سلوان موميكا الذي لجأ الى السويد قبل سنوات قليلة قد أحرق نسخة من القرآن أمام مسجد ستوكهولم في نهاية حزيران (يونيو) الماضي مما أثار حفيظة المسلمين في العالم والعراق على وجه التحديد وقد كان موميكا وهو مسيحي متطرف منتميا لإحدى الفصائل المسلحة خلال فترة الحرب على داعش.

وما أن أقدم موميكا على فعلته حتى أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغريدة ندد فيها بالحادثة فخرج عشرات الآلاف من أنصاره الى الشوارع في مظاهرات احتجاجية هي الأولى والاقوى لهم منذ اعتزال الصدر العمل السياسي.

وبدت هذه التحركات بمثابة رسالة في أكثر من اتجاه، أولاً لخصومه من القوى الإسلامية الشيعية وثانياً لدول خارجية، إذ اقتحم أنصاره السفارة السويدية وأحرقوا جزءاً منها واضعين الحكومة العراقية في موقف محرج لعجزها عن حماية البعثات الدبلوماسية.

ويجد متابعون في الشأن السياسي أن ردة فعل الصدر تحت عنوان نصرة القرآن الكريم أنسب نقطة انطلاقة له نحو العودة إلى الملعب السياسي، وان كانت بشكل مختلف خصوصا بعد إعلانه الاعتزال النهائي في آب (أغسطس) 2022 على خلفية أحداث المنطقة الخضراء.

علما أن اعتزال الزعيم الصدري للعمل السياسي ثم العودة مجدداً ليس بالأمر بالجديد فقد سبق وأعلن اعتكافه أو اعتزاله عدة مرات تجاوزت الثماني. 

أما تغريداته بخصوص حادثة حرق نسخة القرآن فتشير بحسب مراقبين إلى القدرة التي يتمتع بها الصدر في تحريك الشارع والتأثير على القرار الحكومي، وكانت اخر تجلياتها في العشرين من تموز (يوليو) الماضي عندما انتقد الحكومة السويدية بمنحها الترخيص للمغترب العراقي لحرق العلم العراقي منتظر الرد الحكومي. 

وجاء في نص التغريدة: “سوف انتظر الرد الرسمي الحازم قبل أي تصرف خاص بي” ليتبع ذلك قرار من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بطرد السفير السويدي واستدعاء القائم بالاعمال العراقية في ستوكهولم.

استاذ العلوم السياسية قاسم شويل يجد في حديثه للمنصة ان تحركات الصدر وأنصاره تحمل رسائل عدة واحدة منها موجهة للخصوم السياسيين، بان التيار لازال يمتلك القوة الجماهيرية ولا زال قادراً على الخروج إلى الشارع والنزول الى ميادين التظاهر في اي لحظة يريد.

فيما يرى مدير مركز الجنوب للدراسات صلاح الموسوي أن الصدر يؤكد من خلال تحركاته على زعامته الدينية والسياسية في آن واحد، مشيراً إلى أن ما حصل من احتكاك وتوتر في المطعم التركي ببغداد بين القوات الأمنية وسرايا السلام يوم الرابع والعشرين من تموز (يوليو) 2023 خير دليل على ذلك.

ويكمل الموسوي أن السرايا تتخذ مكانا لها في هذه النقطة منذ تظاهرات تشرين وهي نقطة استراتيجية تطل على المنطقة الخضراء وبامكان السرايا زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في بغداد انطلاقاً منها.

وعن عودة الصدريين للانتخابات بعد هذه الحادثة يرى الموسوي بان احتمالية مشاركة الكتلة الصدرية بشكل علني احتمالية ضعيفة إذ لا توجد حتى الساعة مؤشرات على ذلك، “لكن قد تكون هناك قوائم جديدة ناشئة يدعمها قادة التيار الصدري تقف في وجه التحالفات السياسية الاخرى”.

ويرى الباحث أنه في حال قرر الصدريون المشاركة فسوف يسيطرون على مجالس المحافظات خصوصاً أنهم يمتلكون قواعد جماهيرية واسعة في بغداد والجنوب العراقيب بعكس قوى الاطار التنسيقي الذي تشهد شعبيتها انحساراً.

الصدر في تغريدة اخرى انتقل من مهاجمة السويد الى مهاجمة السفيرة الامريكية في العراق واصفا اياها بـ “السفيهة” وبانها “تدعم الفاحشة” داعياً أنصاره ايضا في تغريدة لاحقة لأن يخرجوا في “موكب للإصلاح” في كربلاء “لابسين الاكفان” و”معلنين الطاعة برفع القرآن”.

الباحث السياسي علي البيد بيّن للمنصة ظهور التيار الصدري هذه المرة بعد فترة الاعتكاف السياسي تمثل بداية لعودته للمشهد من أوسع الأبواب، بوابة الدفاع عن الإسلام والقرآن، لاسيما وان الحدث أخذ صدى دولياًو أثار قلقاً لدى البعثات الأوروبية. 

اما عن مشاركته في الانتخابات المقبلة فهذا متوقع بحسب الباحث العراقي، “اذ اعتدنا على انسحاب الصدر وعودته في اللحظات الاخيرة” واصفاً عودته في الساعات الاخيرة بالذكاء السياسي، “لأن الصدر مع كل عودة يتحول إلى “ترند” في جميع نشرات الاخبار وقنوات السوشاللا ميديا معززاً من حضوره الإعلامي والشعبي والسياسي”.

وتبقى تحركات التيار الصدري وخطواته مفاجئة للكتل السياسية، إذ يصعب على أصدقاء الصدر كما على خصومه توقع الخطوة المقبلة التي من المحتمل ان يقدم عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى