ذي قار.. خسائر غير مسبوقة بالأرواح نتيجة الحوادث المرورية
ذي قار- مرتضى الحدود
بألم بالغ خبر تلقى محمد عبود مصرع اثنين من رفاقه بحادث مروري عند الطريق السريع الرابط بين محافظتي ذي قار والقادسية، انضمّا إلى عداد أرقام ضحايا حوادث المرور التي تسجلها مديرية المرور نتيجة إهمال السائقين و تخسّفات الطريق وغياب العلامات المرورية.
يقول محمد الذي أرخى ذقنه ولزم بيته حداداً على صديقيه إن صلاح فارس وباسم محمد كانا في ذات المركبة التي كانت تقلهما الى ذي قار بعد تأديتهما مراسم زيارة دينية، ولعل عدم انتباه السائق تسبب باصطدام مركبته مع مركبة أخرى فانقلبت وأدوت بحياة الشابين وأسفرت عن إصابة آخرين بكسور وجروح خطيرة.
اسما صلاح وفارس صارا اليوم ضمن قائمة ضحايا الحوادث المرورية التي ينشرها الجهاز المركزي للإحصاء الذي سجل في ذي قار خلال العام الماضي 606 حادث سير بمعدل حادثين اثنين في اليوم تقريباً علماُ أن معظمها وقع عند الطرق الرئيسة.
مدير مرور ذي قار العميد زياد الحصونة بيّن في حديث للمنصة بان عدد الحوادث المرورية في الثمانية أشهر الماضية من العام الحالي 2023 بلغ 341 حادث تسببت بـ 144 حالة وفاة و 585 اصابة بين المواطنين، وذلك رغم الاجراءات المرورية المتخذة وفقا قانون المرور الجديد الذي أقره البرلمان عام 2019 والذي تضمن مضاعفة الغرامات المالية للمخالفين.
ورغم ان اجمالي عدد الحوادث المرورية التي حصلت في الأشهر الثمانية الماضية أقل من حوادث العام الماضي 2022 بشكل كامل الا ان الخسائر زادت لتصل إلى حالتي وفاة يومياً يقابلها اصابتان اثنتان بجروح.
ضابط إعلام مرور ذي قار العقيد مؤيد حميد اوضح للمنصة بان الحوادث المرورية التي تحصل تنقسم إلى جزئين، “الأول ما يحصل في الطرق الخارجية وتكون بسبب السرعة الفائقة او استخدام الهاتف المحمول مما يشتت الانتباه وأيضا حالات النعاس، أما الحوادث التي تحصل داخل المدن فتكون في الأغلب سيراً عكس الاتجاه أو نتيجة استدارة خاطئة أو بسبب عدم الالتزام بالإشارات المرورية”.
يضيف حميد بأن “85% من هذه الحوادث تقع المسؤولية فيها على عاتق السائق وما تبقى يكون بسبب خلل أو عطل في المركبة أو لطبيعة الطرق”.
وتضم محافظة ذي قار 10 طرق رئيسة تربط مركز المحافظة مع اقضيتها ونواحيها والمحافظات المجاورة وتبلغ اطوال هذه الطرق مجتمعة أكثر من 613 كيلو متر وفق دراسة نشرت عام 2021 مستندة الى بيانات مديرية طرق وجسور ذي قار.
وتفرد الدراسة مجموعة من الأسباب تؤدي إلى رفع نسبة الحوادث المروروية في المحافظة من بينها ضيق مسالك الطرق، وقلة وجود الجزرات الوسطية الفاصلة، وعدم تخصيص مناطق منفصلة مخصصة لعبور المشاة، ووجود الحفر والتكسرات الجانبية، والسماح المتكرر لسيارات الحمل الكبيرة بالدخول وتجاوز النسبة الأكبر من سائقيها مقدار الحمولات المقررة لها، وقلة عدد الشاخصات المرورية الارشادية.
الجهاز المركزي للإحصاء اشار بان 530 من حوادث عام 2022 كانت بسبب السائق و62 منها تتحملها المركبة و 5 بسبب الطرق بينما وقع أكثر من نصف عدد الحوادث في النهار أما اقلها فكانت في فترة شروق الشمس وغروبها.
وتزداد وتيرة الحوادث في أشهر أيلول وتشرين الأول والثاني من كل عام مع بدء الدوام الرسمي في المدارس والجامعات مما يؤثر على الزخم المروري في الشوارع ويزيد من فرصة حصول الحوادث.
أستاذ علم الجغرافيا في جامعة ذي قار حسين الزيادي أشار للمنصة بأن عدد ضحايا الحوادث المرورية أصبح يضاهي عدد ضحايا الحرب وان أحد الأسباب الرئيسة برأيه هو الكم الهائل من المركبات التي تسير في شبكات طرق غير مخدّمة، فضلاً عن ان الكثير منها عبارة عن ممر واحد يرافقها تخسفات ومطبات.
للحد من هذه الحوادث يؤكد الزيادي على أهمية “متابعة تطبيق القوانين المرورية وتوسيع شبكات الطرق وحفر الأنفاق ومد الجسور لاستيعاب عدد السيارات الذي يفوق القدرة الاستيعابية للشوارع بالاضافة إلى ضرورة التباعد بتوقيتات الدوام الرسمي للدوائر الحكومية كي لا تكون جميعها في وقت واحد وهذا قد يسهم في تقليل الضحايا التي تحصل لدينا يومياً”.
وتبلغ عدد المركبات المسجلة في مديرية المرور العامة حتى نهاية عام 2021 من القطاع الخاص وتحمل لوحات مرورية حوالي سبعة ملايين ونصف مركبة بمختلف الانواع والموديلات بحسب الجهاز المركزي للإحصاء فيما بلغ عدد المركبات في محافظة ذي قار حوالي 170 ألفاً بمعدل مركبة واحدة لكل 13 فرد وفقا للتقديرات السكانية للمحافظة البالغة مليوني وربع المليون تقريباً.
أما محمد عبود فيرى أن مسلسل ضحايا الحوادث المرورية لن ينقطع على طرقات ذي قار إن لم تكن هناك جدية من الدوائر المعنية بتحسين الواقع الخدمي للطرق الرئيسة ونصب المزيد من الشاخصات المرورية الإرشادية وأعمدة الإنارة ورادارات مراقبة السرعة.