شباب عراقيون غاضبون.. ويحاربون إسرائيل من حدود لبنان

بغداد_ خالدة العمراني

رمى حسن كريم سالم هاتفه النقال بغضب ونادى على زوجته كي تحضر له البطاقة المدنية وملابس ملائمة، فقد عزم  على تجديد جواز سفره والالتحاق بإحدى الميليشيات في جنوبي لبنان لمحاربة إسرائيل.

مشاهد الموت التي توجع القلوب لأطفال تخرج جثثهم يومياً من تحت الأنقاض فعلت فعلها مع حسن وآخرين غيره قرروا ترك أطفالهم وحياتهم واللحاق بحرب معظمهم لا يعرفون شيئاً عن تاريخها.

ولد حسن في عام ١٩٩٠ ولم يسمع شيئا عن فلسطين ونكبة العرب سوى ما قرأه  في كتاب الوطنية حينما كان في المدرسة الاعدادية التي لم يتمكن من اكمالها مثل كثيرين من أبناء جيله ممن بلغوا الثامنة عشر بعد سقوط نظام صدام.

لم يتدرب الشاب القروي يوما على حمل السلاح ولم يؤدي الخدمة العسكرية الالزامية التي سيق إليها جيل عام ١٩٨٥ والاجيال التي سبقته حينما كان الانتساب الى الجيش للشباب اجباريا عند بلوغ الثامنة عشر أو  عند التخرج من الجامعات والمعاهد.

تابع الشاب مواقع التواصل الاجتماعي لساعات طويلة مثل الملايين من العراقيين وشاهد أرواحا قضت تحت الركام، وحضر صلاة الجمعة في أحد المساجد القريبة على منزله والتي حث فيها الإمام الشباب على الجهاد ونصرة فلسطين فاتخذ قراره بالرحيل وهو لا يعرف شيئا عن خارطة المكان ولا خلفية الأحداث.

مواقع التواصل الاجتماعي نشرت فيديو تحت عنوان “وصول شهداء العراق من فلسطين الى النجف” على صفحة رادود حسيني يدعى علي كاطع الفنوني، ويبدو أن الفنوني كان مندفعا بحماسته مثل حسن والكثيرين غيرهم لان الفيديو يبدو قديما ولا علاقة له بفلسطين او حربها.

فيديوهات اخرى أظهرت تجمع شباب عراقيين على الحدود العراقية مع الاردن عند معبر طريبيل وهم يحاولون الدخول إلى المملكة الاردنية ومن ثم إلى فلسطين لكن الفيديو يتوقف دون أي إثبات أن العراقيين دخلوا بالفعل.

معظم الميليشيات العراقية القريبة من إيران بدأت تحث الشباب على تجديد جوازات سفرهم لتنقلهم إلى سوريا ولبنان ومن هناك إلى الحدود الفلسطينية، وهؤلاء الشباب لا يملكون سوى العزيمة والاستعداد للتضحية بحياتهم بإمكانيات تدريب تكاد تكون معدومة أو بسيطة.

ميليشيات أخرى بدأت بجمع شبابها والتهيؤ في انتظار صدور فتوى من المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني فيما يلملم التيار الصدري شتات أتباعه تحسبا لانتقال ساحة المعركة الى العراق والمنطقة.

يتفاعل حسن يومياً مع هذه الأحداث ويرفض الاستماع إلى والدته وشقيقاته أو حتى شقيقه الوحيد أحمد وهو يردد عبارة حفظها جميع من حوله “الاستشهاد دفاعا عن فلسطين غايتي ولن أتراجع”.

ينتظر حسن استخراج جوازه بفارغ الصبر حيث وعده العاملين في مديرية الجوازات بأنه سيحصل عليه في غضون ثلاثة أسابيع مر اسبوع منها خاصم فيه جميع أقاربه واقنع محمد ابن شقيقه بالذهاب معه للدفاع عن فلسطين. “اذا سكتنا جميعا فلن تتحرر، الحكومات جبانة وتفكر بمصالحها وانا افكر بالناس هناك”، يقول حسن.

مرت الليلة السابقة طويلة على حسن وهو يفكر بلحظة اجتياز القوات الإسرائيلية لغزة وسط انقطاع الكهرباء والمياه والغذاء والانترنت في القطاع المحاصر ولم يستطع النوم حتى الصباح.

الجوامع والمساجد في العراق رفعت التكبير يوم أمس الجمعة بعد صلاة العشاء بساعة واحدة دعما لغزة وسكانها، فيما ألغت المنظمات والوزارات عدداً من فعالياتها تضامناً مع المدينة المحاصرة، فيما ينتقد العراقيون في منشوراتهم على الفيسبوك عجز الحكومات العربية عن مساندة أشقائهم في الأراضي  المحتلة.

قاعدة عين الأسد غرب محافظة الانبار تم استهدافها بطائرات مسيرة مرتين على التوالي منذ انطلاق الحرب على غزة لكن القوات الأميركية لم تتحدث عن خسائر رغم معرفتها أن المصالح الأميركية في العراق مهددة بسبب موقفها المساند لإسرائيل.

غفت عيون حسن ساعة واحدة في الصباح وحينما فتح عينيه امسك بهاتفه متفقدا الاخبار والصور، “قالوا لنا اننا سنسافر الى لبنان ومن هناك سنقاتل الاحتلال اذا لزم الأمر لكني أخشى أن يفوت الأوان وان تنتهي المعركة قبل استلامي جواز السفر” يقول حسن. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى