سوق سورجي في أربيل..من منازل الأغنياء إلى منازل الفقراء
فاطمة كريم- أربيل
“تأتي هذه البضائع من بيوت الاغنياء ليشتريها الفقراء”، هكذا يصف فرهاد سوق سورجي الذي يعمل به منذ أكثر من عشرين عاماً، والذي يضم عشرات المتاجر والدكاكين المتخصصة في بيع السلع واللوازم المنزلية.
يسكن فرهاد محمد وهو في الستينات من عمره محافظة اربيل عاصمة كردستان العراق، ورث هذا العمل من ابيه واصفاً هذه المهنة بأنها من اكثر الاعمال الشاقة لما تتطلبه من قوة جسدية وخبرة في مجال تصليح الاثاث.
كثير من سكان أربيل لا يتحدثون اللغة العربية كلغة أولى إلا ان اغلب التجار في السوق يجيدونها بسبب كثرة اختلاطهم بالزبائن العرب القادمين من محافظات أخرى أو المقيمين في المدينة، وكذلك لكثرة سفرهم الى باقي المحافظات من اجل الحصول على البضائع.
يقول فرهاد” في بداية الامر لم استطيع التواصل وفهم الزبائن لكن مع الممارسة تحسنت لغتي العربية ثم ساعدني سفري إلى الموصل وغيرها من المدن على اتقانها”.
داخل هذا الاسواق تصطف العديد من المحال إلى جوار بعضها البعض، تشترك في العمل نفسه مع اختلاف البضائع المعروضة، فلكل منها بضاعته التي تميزه عن الآخر، لكن غالبيتها تأتي من منازل الاغنياء ومن الفنادق بحسب فرهاد الذي يؤكد أن “الاغنياء دائماً ما يجددون اثاث منازلهم او يسافرون خارج البلاد، فنأتي بالقديم منها الى هنا ونبيعها بنصف السعر”.
يزور السوق مئات الافراد يومياً، هذا يبحث عن “صامولة” وذاك يبحث عن عجلة أو قطعة غيار لغسالة ملابس، وهناك من يزور السوق للمتعة والاستكشاف فقط. الكل يبحث ويدقق النظر بين الأشياء المعروضة، وهي مواد وأوانٍ منزلية وأثاث بيت وأجهزة كهربائية صوتية ومرئية وأجهزة ميكانيكية كالمحركات الزراعية والصناعية ومولدات كهربائية، وهناك حتى بعض المعدات العسكرية من ملابس وأقنعة غاز.
يوسف علي وهو شاب في العشرينات من عمره أحد زبائن فرهاد أتى من منطقة حي العرب في أربيل، يقول “انا مقبل على الزواج وأسعار الاثاث باهظة جدا، اتيت إلى هنا بحثا عن قطع اثاث تناسب دخلي”.
ليست هذا المرة الاولى التي يزور بها يوسف السوق، فقد اعتاد كل فترة زمنية على زيارته مصطحباً أصدقاءه بحثا على قطع الكترونية اصلية بغرض المتاجرة بها.
يكمل: “نأتي هنا كل جمعة واذا صادفنا شيئا زهيد السعر نشتريه بهدف إعادة بيعه بسعر أعلى، ويدر علينا أحياناً أرباحا جيدة قد تصل الى 50 الف دينار”.
زبون آخر كان صحبة أصدقائه في السوق قال للمنصة إنه يأتي الى هنا لشراء قطع غيار لأدوات منزلية بسبب الأعطال المتكررة التي تحصل لديه نتيجة تذبذب التيار الكهربائي، مشيراً إلى أن “الأجهزة المنزلية الجديدة نوعياتها غير جيدة ومقلدة لذا تتعطل فوراً، فنبحث عن قطع غيار لإصلاحها”.
لا يتم بيع القطع مباشرة بعد شرائها من المصدر بل يتم اصلاحها قبل عرضها في الأسواق، وهذا يتطلب جهداً ومعرفة في إصلاح الأثاث بحسب فرهاد الذي يؤكد أن هناك بعض االقطع المعروضة تحتاج إلى معرفة دقيقة وخبرة في إصلاحها مثل معدات التصوير والقطع الكهربائية.
وتختلف نوعية البضائع التي تعرض في الاسواق بين موسم الصيف والشتاء فلكل موسم اثاث معين خاص به يكثر الطلب عليه. يقول فرهاد “نعرض المكيفات بمختلف انواعها والمراوح وغيرها من المستلزمات الخاصة في فصل الصيف، اما في الشتاء فنعرض المدافئ والمفروشات الشتوية”.
يفتح سوق السورجي أبوابه عند الساعة السابعة صباحا لغاية السادسة مساءً على مدار الاسبوع، لكن الزبائن يكثرون فيه في يوم الجمعة، يأتون من مختلف المناطق. يقول فرهاد” اكثر زبائنا من الأخوة السوريين ومن العرسان المقبلين على الزواج ذوي الدخل المحدود”.
يوسف المقبل على الزواج بدى سعيداًَ عندما عثر في هذه السوق على أثاث ذي سعر رخيص بالمقارنة مع بقية الأسواق، إذ يبلغ سعر غرفة النوم 200 دولار، بينما تباع في محلات الأثاث المنزلي بألف دولار أو أكثر. وما أن أتم صفقة البيع حتى شكر فرهاد والضحكة تغمر وجهه قائلاً له: “لولاك يا صديقي لما كنتُ قادراً على الزواج”.