زينب العوادي: طالبة في كلية الطب البيطري من جامعة القادسية تصمم لقاح مبتكراً
الديوانية- منار الزبيدي
لقاح وصِف بأنه “آمن وفعال” ينقذ العجول من بكتيريا قاتلة قد تصيبها في الأيام الأولى من ولادتها ابتكرته طالبة عراقية في المرحلة الخامسة في كلية الطب البيطري في جامعة القادسية.
تقول زينب عصام جاسم العوادي، 22 عاماً، والتي حصل مشروع تخرجها في هذه السنة على المرتبة الأولى على مستوى الجامعة، إن شغفها بحماية الحيوانات دفعها لدراسة الطب البيطري ومن ثم العمل على هذا المشروع.
وتضيف: “كنت أفكر دائماً فيما تعانيه هذه الكائنات البريئة التي تعجز عن التعبير عن معاناتها وأوجاعها وكنت أحلم طوال سنوات الدراسة بطريقة أستطيع من خلالها أن أمدّ لها يد المساعدة”.
خلال عملية البحث رصدت زينب ارتفاعاً في نسبة الهلاكات بين العجول حديثة الولادة وذلك بسبب نوع من البكتيريا يعرف بـ “العصيات القولونية” يعيش في معدتها ويستهدف جهازها الهضمي مقاوماً مختلف المضادات الحيوية فيسبب لها اسهالاً حاداً ينتهي بها إلى الموت.
هذه البكتريا -توضح زينب- سببت خسائر اقتصادية لمربي الحيوانات بعد ارتفاع نسبة وفيات العجول الصغيرة “لكنها أيضاً تنتقل من العجول المصابة إلى جسم الإنسان وقد انتشرت عدواها في العراق في الفترة الأخيرة”.
فكرة اللقاح
الدكتور امجد السلطان الذي أشرف على بحث زينب يؤكد أن طالبته المجتهدة قامت بابتكار لقاح جزيئي من بكتيريا العصيات القولونية التي تصيب الحيوانات حديثة الولادة وتسبب نفوقها.
ويبين الأستاذ الجامعي أن “تزايد مقاومة هذه البكتيريا للمضادات الحيوية وضعف الاستجابة المناعية والخشية من تحسس الحيوان وعدم القدرة على اعطائه اللقاح في المراحل الأخيرة من حمل البقرة جميعها أسباب جعلت من المهم البحث عن لقاح جديد للسيطرة على المرض، فاللقاحات المضعفة أو المقتولة أو اللقاحات التي تعتمد على البروتين الكامل المستخدمة حالياً لم تعد تجدي في مواجهة هذه البكتيريا”.
وتابع: “ومن هنا جاءت الفكرة لتصميم لقاح جزيئي يحقق أعلى استجابة مناعية ولا يسبب تحسس الحيوان عن طريق التحليل التركيبي وباستخدام الخوادم المعلوماتية المناعية”.
يؤكد سلطان ان اللقاح المبتكر آمن وغير مكلف إذ يمكن تصنيعه خلال أيام قليلة بالاعتماد على العتر المحلية المسببة للمرض، “ويمكن إعادة تشكيل الكثير من اللقاحات المستخدمة التي لم تحقق حماية كافية للحيوانات والاستعاضة عنها باللقاحات الجزيئية المصممة عن طريق علم اللقاحات العكسي والخوادم المعلوماتية المناعية”.
خطوات العمل
بدأت زينب بتنفيذ فكرتها من خلال أخذ عينات من البكتريا وزرعها واستخلاص الحمض النووي منها للتأكد من وجود الجين في العينات. بعد ذلك باشرت بتصميم اللقاح باستخدام طريقة حديثة تسمى طريقة “المعلوماتية المناعية”.
تشرح زينب أنها اعتمدت في تصميم اللقاح على أول جزء من البكتيريا وهو الجزء الذي يرتبط بالأمعاء ويسبب الإصابة كما انه اول جزء يتعرف عليه الجهاز المناعي ويكّون ضده المناعة.
وتشير إلى أن اللقاح المبتكر يمكن إعطائه للأبقار في الاشهر الاخيرة من الحمل لضمان تواجد الاجسام المضادة في حليبها مما يقوي مناعة العجول الصغيرة من العصيات القولونية عند التغذي على حليب الأم.
تسويق اللقاح
وفقا للبروتوكول العالمي تمر عملية صنع اللقاح بعدة مراحل، “الاولى هي التصميم، وقد انجزت من قبل الطالبة، وبعدها مرحلة التجربة على الحيوانات المختبرية، ثم مرحلة الاستخدام قبل السريري إلى أن نصل إلى مرحلة الترخيص باستخدام اللقاح” يوضح سلطان.
ويؤكد الأستاذ الجامعي اهمية وجود المركز العلمي البحثي في جامعة القادسية، فمن خلاله ستكتمل معظم مراحل مشروع الطالبة. “من المؤمل تسويق اللقاح عن طريق وحدة الحاضنة التكنولوجية التي استحدثت مؤخرا في الجامعات العراقية، وأيضاً عقد مذكرات تفاهم مع الجهات المعنية وخاصة الشركات البيطرية المختصة بإنتاج اللقاحات”.
يصف سلطان طالبته زينب بانها تمتاز بالفطنة والذكاء والقدرة العالية على تحليل النتائج، الأمر الذي ساعدها كثيرا في تصميم اللقاح، فالموضوع محل البحث يحتاج الى قدرة عالية على الاستنباط والتحليل، وخلال عملية البحث قدم لها المساعدة في اختيار مشكلة البحث والتعامل مع بعض البرمجيات المعقدة.
خطوة بخطوة
من جهتها تعتبر زينب نفسها محظوظة لتلقيها المساعدة العلمية من جامعة القادسية وتحديداً من أستاذها المشرف الذي تصفه بالداعم الاساسي في جميع مراحل البحث وعلى مستوى الدراسة الجامعية. وتشير إلى أنه رافقها خطوة بخطوة وجنبها الوقوع في الكثير من الأخطاء والمشكلات وعمل معها على تنفيذ الفكرة، “لولاه لما كان لهذا البحث أن يُنجز” تقول.
وعلى الرغم من التحديات الكثيرة التي واجهتها خلال بحثها العلمي، خاصة عامل الوقت، إلا أنها تمكنت من تنظيم وقتها وتقسيمه بين الدراسة النظرية والبحث العملي، وهي تطمح اليوم الى متابعة دراستها خارج العراق في مجال تخصصها لعلها تتمكن من تخفيف الألم والمعاناة عن تلك الكائنات البريئة التي لطالما تعلّقت بها وأحبت مساعدتها.
أنجزت هذه القصة ضمن سلسلة مقالات بدعم من برنامج قريب، وهو برنامج اقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية (CFI)