“ستوتة” لغسيل السيارات.. ولمكافحة البطالة

ذي قار- مرتضى الحدود

“إن لم تطرق الفرصة بابك ابنِ باباً”، هذا ما فعله مازن لفته من مدينة سوق الشيوخ الذي أطلق مشروعاً مُبتكراً يخدم أهالي مدينته ويؤمن مصدر رزق له.

لم يستسلم الرجل ذو الـ 36 عاماً لليأس والبطالة، بل فكّر في تقديم خدمة جديدة لم يعهدها أهالي محافظة ذي قار من قبل فاشترى “ستوتة” صغيرة وبدأ يتجول بها في شوارع سوق الشيوخ ويقدم خدمة غسيل وتنظيف السيارات على طريقة “الدلفري”.

بمجرد الاتصال به يتحرك مازن على عربته ذات الثلاث عجلات ليصل في غضون دقائق الموقع الذي يحدده الزبون، “بفضل هذه الفكرة الجريئة أصبحت الشخص الأول الذي يعمل في هذا المجال في المحافظة” يقول للمنصة.

يروي مازن قصته بينما ينهمك بغسل احدى السيارات الحديثة من نوع JEEP قائلاً إن عمله الاساسي كان في احدى محطات غسل السيارات لكن ولظروف خاصة ترك العمل فيها واخذ يبحث عن عمل مستقل.

بعد أن اشترى “الستوتة” عمل مازن على تجهيزها بجميع المعدات المطلوبة لغسيل السيارة من خزان مياه صغير ومضخة ذات قوة دفع كبيرة لإزالة الطين والأوساخ عن هيكل السيارة وعلّق لافتة على الستوتة كتب عليها “خدمات مازن” مع رقم هاتفه.

يقول مازن أن المشروع نجح منذ الأسبوع الأول، وسرعان ما تم تناقل رقم هاتفه بين الزبائن “عملي لم ينقطع منذ أن بدأت، يومياً يصل عدد السيارات التي أغسلها إلى قرابة سبعة وفي بعض الأحيان إلى عشرة لقاء مبلغ مناسب للجميع وهو 5 آلاف دينار”.

مازن واحد من بين آلاف من الباحثين عن عمل يحفظ لهم حياة الكريمة، فقد كشفت وزارة التخطيط في تصريح للناطق الرسمي باسمها عبد الزهرة الهنداوي ان نسبة البطالة في محافظة ذي قار بلغت 26% لتاتي بالمركز الثالث بعد محافظتي نينوى والمثنى.

وبموجب آخر مسح نفذه الجهاز المركزي للاحصاء بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وصلت نسب البطالة في العراق الى 16.5% بين السكان الذين عمرهم بين 18 و63 سنة.

وتتباين نسب البطالة بحسب الفئات العمرية اذ ترتفع بين 18 الى 30 سنة الى حوالي 21% ثم تنخفض لدى الفئة العمرية بين 30 و 50 سنة الى اقل من ذلك، وكذلك لدى الاعمار المتقدمة.

العمل الذي ابتكره مازن ليواجه أزمة البطالة يمكنه بحسب قوله من تغطية نفقات أسرته المكونة زوجته وأطفالهما الثلاثة والتي تعيش في منزل مستأجر.

يفكر مازن في هذا المشروع كخطوة اولى لكن طموحه لا ينتهي عند هذه الستوتة، “فأنا أحلم بأن أمتلك محطة متكاملة لغسيل السيارات”.

مصطفى عباس صاحب السيارة الذي كان مازن يقوم بغسلها يقول للمنصة ان الفكرة التي ابتكرها مازن مختلفة إذ ليس هناك شخص آخر ينافسه عليها، “إنه يعطي حافزاً لبقية الشباب للبحث عن فرص عمل مختلفة وأفكار مبتكرة”.

ويكمل عباس انه بمجرد الاتصال بمازن واعلامه بمكان المنزل يكون قد لبى الطلب، و”هي خدمة مفيدة جداً للزبائن الذين لا يرغبون بالوقوف والانتظار في حر الظهيرة عند محطات الغسيل إلى أن يأتي دورهم بغسل سيارتهم”.

وأظهرت إحصائية نشرها موقع World of Statistics أن العراق يحتل الترتيب الثالث عالمياً في معدل البطالة وأعلى معدل في العالم العربي إذ يتخرج سنوياً من 160 إلى 170 ألف شاب من الجامعات والمعاهد العراقية دون أن يتم تعيينهم أو يحصلوا على فرص للعمل. 

كما ذكرت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية ان عدد العاطلين عن العمل في العراق بلغ 15 مليون شخص فيما اشار تقرير للبنك الدولي صدر عام 2022 ان نسبة البطالة في العراق بلغت أعلى مستوياتها منذ 30 عاماً.

مصطفى زبون مازن المعجب بفكرته يلفت إلى أن المشاريع الصغيرة بوابة لحل مشكلة البطالة لكنها تحتاج الى رعاية حكومية عبر خطة وطنية للقروض الميسرة. “عندها يمكن للشباب أن يوسعوا مشاريعهم، وسوف يكون بمقدور مازن ان يشتري عددا أكبر من العربات ويؤمن فرص عمل لغيره من الباحثين عن عمل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى