ريزان حسن: قصة كفاح بين المرض والدراسة

ذي قار- مرتضى الحدود
خمس عمليات جراحية وأشهر من الألم تظل عالقة في ذاكرة ريزان حسن، الشابة ذات الـ27 عاماً التي تعيش في أقصى جنوب مدينة الناصرية. مرضها الذي سرق صحتها في خضم نشاطها، لم يمنعها من التمسك بحلمها في إكمال دراستها العليا، ورغم معاناتها ما زالت عيناها تعكسان إصرارها على مواجهة التحدي.
ريزان، طالبة في كلية التربية البدنية بجامعة ذي قار، متزوجة وأم لطفل واحد. بدأت قصتها بآلام بسيطة، وفقدان للشهية، ونقص في الوزن، وهي أعراض لم تبدُ خطيرة في البداية. لكن الفحوصات الطبية كشفت عن ورم خبيث في القولون. قامت بفحص أولي في عيادة السونار، ثم توجهت إلى الطبيب المختص الذي أسرع بإدخالها إلى غرفة العمليات لإزالة الورم.
لم يكن طريق الشفاء سهلاً. خضعت لعملية جراحية معقدة، وبدأت رحلة العلاج الكيميائي. كانت هذه المرحلة الأصعب، حيث حاصرتها الآلام والتعب. حاول المرض أن يكسر معنوياتها، لكنها قررت مواصلة دراستها إلى جانب معركتها مع المرض.
تمكنت ريزان من اجتياز امتحاناتها بنجاح وبدأت في كتابة رسالة الماجستير. “كل كلمة تكتبها كانت انتصاراً على المرض” تقول للمنصة.
خلال مرحلة العلاج، كانت تُلزمها الحقنة الكيميائية بالبقاء في المنزل لمدة أسبوع كامل، ثم تستعيد نشاطها وتعود للتواصل مع أساتذتها، وتبحث عن المصادر في المكتبة، وقد اعتمدت على المصادر الإلكترونية بسبب عجزها عن التحرك خارج منزلها.
في منزلها، وهي تجلس على بساط بسيط، تحدثت للمنصة عن الأيام التي كانت تحلم فيها بالحصول على درجة الماجستير. تقول: “لم أكن أعرف حينها أن الحياة ستضعني أمام هذا الاختبار الصعب، لكن الاستسلام لم يكن في قاموسي فأنا أقاتل من أجل تحقيق حلمي”.
تكمل ريزان حديثها قائلة إن رحلة العلاج كانت طويلة وشاقة، مليئة بالتحديات والصعوبات المالية، والعلاج الكيميائي المؤلم. وتضيف: “استمديت قوتي من حب عائلتي ودعم أصدقائي. كنت أرى في عيون أهلي الأمل، وكانوا يدعون لي بالشفاء. هذا الدعم كان وقودي للاستمرار”.
تجلس ريزان محاطة بزجاجات الأدوية التي أصبحت جزءاً من حياتها اليومية، لكن في عينيها لمعة أمل. الآن، تعمل على تحقيق حلمها الأكاديمي الثاني بالدكتوراة. تقول: “هذا حلم يراودني منذ زمن ولن أتركه. أؤمن أن الله ابتلاني بهذا المرض ليجعلني أقوى وأكثر صبراً. كل تجربة صعبة تُعلمنا درساً جديداً”.
رغم ظروفها الصحية، ترى أن واجبها المعرفي يحتم عليها إيجاد أفكار لتطوير واقع الرياضة في العراق، وهو صلب تخصصها العلمي. رسالتها تحمل عنوان “البيئة الرياضية وعلاقتها بدافعية الإنجاز لدى لاعبي الألعاب الفرقية باختصاص علم النفس الرياضي”، فهي تهدف من خلال التحليل النفسي للرياضيين إلى تقديم نموذج جديد لبيئة تدريب مثالية تجمع بين العناصر الجسدية والنفسية لمساعدة الرياضيين في تحقيق أقصى قدراتهم.
بجانبها في تلك الغرفة المتواضعة يتحدث والدها حسن ستار عن قصة كفاح ابنته وإصرارها. يقول: “ريزان خضعت لخمس عمليات جراحية وتلقت 18 جرعة كيميائية، لكنها تخطت كل هذه المحن بابتسامة”.
ويشير إلى أنه لم يتركها لحظة واحدة، إذ عملوا كعائلة واحدة لتوفير الرعاية الطبية والدعم المعنوي، واصفاً نجاحها في اجتياز الامتحانات بتقدير جيد جداً بأنه “تتويج لمعاناة طويلة ونضال مستمر”، وموجّهاً نداءً إلى الحكومة للنظر في حالة ابنته، ومنحها الفرصة للدراسة والعمل في الجامعة “فهي تستحق كل الدعم والتشجيع بفضل إصرارها وعزيمتها”.