على أنقاض رافعة عراقية غريقة: محطة ملاحية ايرانية تخنق ميناء خور العمية 

سليم الصالح – المنصة

على أنقاض رافعة عراقية غريقة في مياه شط العرب  شيدت إيران مؤخراً منصة  ملاحية خارقة بذلك اتفاقيات ترسيم الممر المائي بين البلدين. ويخشى متابعون أن يؤثر بناء المنصة على حركة الملاحة في ميناء خور العمية، أحد الموانئ المستخدمة في تصدير النفط العراقي، وعلى غيره من الموانئ في محافظة البصرة.

يرى وزير النقل السابق النائب في البرلمان العراقي كاظم فنجان الحمامي أن وجود المنصة يؤثر على حركة الملاحة، “وستكون السيطرة على حركة السفن الداخلة والمغادرة من وإلى شط العرب بيد الجانب الايراني”.

ويضيف: “من ناحية تأثيرها على أداء (ميناء) خور العمية فان ذلك يشبه وجود الميناء المذكور ضمن المياه الاقليمية الايرانية”.

الحمامي يوضح لمراسل المنصة أنه “كان يفترض أن تحصل ايران على موافقة الجانب العراقي، لأن ذلك خاضع لقانون البلدان المتشاطئة، وعليه لابد من الحصول على إذن وترخيص مسبق بالاتفاق مع الجانب العراقي”.

وزارة الخارجية العراقية بعثت بمذكرة احتجاج رسمية إلى الجانب الايراني وأرسلت مذكرة احتجاج إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إلا أن الجانب الإيراني مستمر في نشاطاته اليومية عبر هذه المحطة متخذاً منها نقطة للرصد والمراقبة وبسط النفوذ على حركة السفن الداخلة والمغادرة شط العرب.

ويرى وزير النقل السابق والنائب الحالي في البرلمان العراقي أن “الغرض الحقيقي من وراء بناء المحطة هو التوسع لكن هذا الغرض لم يتحقق لإيران لو لم يكن هنالك إهمال وتغاضٍ وتغافل من الجهات العراقية”.

ويجمل الأضرار التي يخلفها وجود المنصة بشقين “أولا أضرار سيادية فهذا يعد انتهاكاً لسيادة العراق، والشق الآخر أضرار جيولوجية وجغرافية لأن شط العرب ومنطقة دلتا شط العرب تتأثر بعملية الإرساب والترسيب من نهري دجلة والفرات”.

ويضيف “هناك ترسبات لمادة الغرين إضافة إلى عملية النحت والتعرية والتآكل والإضافات والبناء والهدم التي تحصل في منطقة مصب شط العرب والتي أضافت أرضاً جديدة لايران وزحفت الحدود الايرانية باتجاه الحدود العراقية”.

ويُعدّ شط العرب شرياناً مهماً للعراق من الناحية الاقتصادية، وهو القناة الملاحية للسفن المتوجهة إلى موانئ البصرة من الخليج العربي، ومصدر رئيس لري بساتين النخيل في مناطق جنوب العراق.

خبراء يؤكدون أن وجود منصات او قواعد ملاحية قريبة من مدخل شط العرب في الفاو ستؤثر سلباً على حركة الملاحة البحرية العراقية وعلى ميناء الفاو مستقبلاً.

ويرى الخبير الملاحي الكابتن علي العقابي أن وجود منصة بحرية ايرانية في هذا المكان سيدخل ضمن حدود ايران البحرية وهذا مخالف للقوانين الدولية الخاصة بالمنظمة البحرية العالمية التي نظمت الحدود البحرية بين الدول المتشاطئة. 

ويقول لمراسل المنصة” لم يتمكن العراق من انتشال الرافعة الغريقة بسبب  حرب الثمانينات، ثم حُظرت المنطقة بعد غزو صدام للكويت بسبب الحصار الذي فرض على العراق، وكانت الفرقاطات الأمريكية والزوارق الإيرانية والكويتية تشدد وتكثف دورياتها في المنطقة”.

ويقسم خط التالوك شط العرب بين العراق وايران وفق اتفاقية الجزائر لسنة 1973، إلا أن هذا الترسيم  كما يبدو لم يستطع معالجة المشكلة مع الجانب الايراني وفق اتفاقيات تنظيم الملاحة، إذ تم حساب الحدود الايرانية في شط العرب من نقطة خط القعر لكن الحكومات الايرانية لم ترض بهذه الاتفاقية.

يقول العقابي موضحاً “إيران تبحث عن اتفاقية لإعادة ترسيم حدود شط العرب من منطقة الانحدار مما يجعل التوسع في مياه شط العرب ضمن حدود إيران الملاحية، وهو ما ينتج عنه سلب الحقوق المائية في الشط ليكون الجانب الايراني أكبر من الجانب العراقي، وبذلك تكون ايران قد سيطرت على الملاحة في شط العرب”.

ويلقي علي باللائمة على عجز العراق عن تنظيف الشط من المخلفات الحربية والغوارق مما تسبب بتوقف الموانئ المطلة على الشط وخصوصاً ميناء المعقل الذي توقفت فيه الملاحة.

ولتحديد مناطقه السيادية البحرية أصدر العراق قانون 71 لسنة 1958 حدد فيه المياه الاقليمية اذ يمتد البحر العراقي الاقليمي 12 ميلا بحرياً والميل البحري يساوي 1859 متر، يبدأ من ادنى حد لانحسار ماء البحر عن الساحل العراقي باتجاه أعالي البحار. 

يقول الخبير القانوني المحامي طارق الابريسم إن القانون أشار إلى أنه عند تداخل للبحر الاقليمي العراقي مع دول اخرى مجاورة فأنه يتم الاتفاق معها طبقا لمبادئ القانون الدولي أو إجراء تفاهمات ثنائية وتحدد المادة 4 من هذا القانون، حقوق العراق الدولية من المنطقة المتاخمة فيما وراء البحر الاقليمي وفق أحكام القانون العراقي، وتمتد 24 ميلا بحرياً بحسب نص المادة 33 فقرة 2 من القانون الدولي للبحار”.

ويضيف “يحق للعراق ممارسة سيادته الكاملة لمنع أي خرق للقوانين والأنظمة الجمركية والضريبية والمتعلقة بالهجرة والصحة التي تقع داخل إقليمه البري أو البحري اضافة لفرض عقوبات على انتهاك هذه القوانين”.

ويوضح لمراسل المنصة أن “هناك اتفاقية ترسمت بموجبها الحدود الدولية بين الدولتين تمت المصادقة عليها في 9-6-1976، لكن المشكلة أن قانون الجرف البحري الإيراني حدد أن البحر الاقليمي الايراني يمتد 12 ميلا بحرياً، بينما تمتد المياه الاقليمية الايرانية الى 50 ميلاً بحريا كمنطقة صيد أسماك”.

 ويقول” يحصل التداخل خارج الـ 12 ميلا بحرياً بحسب اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 فهذه المنصة وفقا لما سلف تقع ضمن البحر الاقليمي العراقي، ووفق المادة 4 فإن أي استعمال بحري لها يعد انتهاكاً للسيادة العراقية”.

ويقول متابعون إن ضعف الدفاعات العراقية والإرادة السياسية والولاءات والتخندقات الداخلية  لصالح هذه الدولة أو تلك دفعت بدول الجوار إلى استغلال ذلك.  ومع هذا الوضع، يدعو الابريسم إلى حل المشكلة عن طريق الاتفاقات المعقودة والمفاوضات بين البلدين.

بينما ينفي وزير النقل السابق أن يكون للتحرك الايراني صلة بالمواجهة مع الولايات المتحدة، ويقول إن” لإيران سواحل تمتد لحوالي 3200 كم على طول الخليج العربي وخليج عمان والمحيط الهندي فالمساحات المتاحة لإيران اكبر من هذه البقعة الصغيرة التي لا يزيد طولها على 16 كلم”.

ويعزو المراقبون الأمر إلى سعي إيران لإيجاد موطئ قد في  الحدود المائية العراقية بهدف السيطرة على حركة الملاحة في خور العمية وشط العرب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى