رحلة شاب في تعلّم النقش على الزجاج 

الناصرية-مرتضى الحدود

من مقطع فيديو على الإنترنت تعرف الشاب الثلاثيني “علي” على هوايةٍ سوف تصبح علامة مميزة في مسيرته الشخصية.

 

اهتم “علي” المقيم في مدينة الناصرية بفن التمثيل وشارك في عروض مسرحية عديدة، إلى أن شاهد قبل سنوات على هاتفه الذكي مقطعاً متداولاً لأحد الفنانين ينقش بالخط العربي ويرسم حيوانات ونباتات على ألواح وكؤوس زجاجية ملونة.

“كانت الرسوم جميلة والتقنية جديدة بالنسبة لي، تجمع بين الرقّة في الرسم وبين قسوة الزجاج، فقررت قررت أن أجرب” يقول.

بدأت رحلة “علي” مع النقش على الزجاج في العام 2013 مع آلة حفر صغيرة تسمى “الفرطونة” تستخدم أيضاً للنقش على الحجر، تلقاها هدية من والده، وباشر منذ تلك اللحظة العمل على ألواح الزجاج.

“في البداية لم تخلُ رحلة التعلم من أخطاء في الرسومات كنت أضطر لاصلاحها من خلال الرسم فوقها أو البدء مع لوح جديد” يوضح علي. ويتابع أن النقش على الزجاج بالنسبة للمبتدئين عملية لا تخلو من خطورة، ومن الشائع جداً أن ينكسر  اللوح في يد الهاوي أو أن يصاب ببعض الجروح.

ويوضح أن “التخطيط على الزجاج أصعب بكثير منه على الورق، فالزجاج مادة حساسة وتتطلب حذراً وخبرة في التعامل معها”.

يتذكر “علي” أن أولى أعماله كان أيقونة دينية استغرقت منه سبعة أيام لإنجازها، ثم اكمل مستعيناً احياناً بأصدقاء له فنانين كي يعلموه أصول الرسم والخط العربي، ثم تابع مجرباً اكثر من تقنية وطريقة في العمل، حتى أن أصدقاء له صاروا يطلبون منه نقش أسماء ورسم صور لأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم على الزجاج كهدية يقدومونها لهم في مناسبات مختلفة.

ورشته الصغيرة الموجودة في إحدى زوايا غرفة نومه التي يشترك بها مع أخوته الاثنين أخرجت اعمالاً ناهز عددها الخمسين، معظمها اقتناها أصدقاء له وزملاء كتحف في بيوتهم او مشاغلهم الفنية.

وبالرغم من أنه ما زال في مرحلة التعلم ولا يعد نفسه محترفاً في هذا المجال، إلا أنه شارك في العديد من المعارض الدولية والمحلية بمساعدة أحد المراكز الفنية في الناصرية، فوصلت أعماله إلى مصر وأمريكا اللاتينية فضلاًَ عن معرضين في داخل البلاد.

“علي” وهو جالس خلف منضدته ينقش كلمة على كوب من الزجاج تحدث عن خمول أصابه منذ سنتين تقريباً بعد حراك تشرين 2019 والفاجعة التي أصابت مدينة الناصرية لمقتل العشرات وجرح المئات من المشاركين في التظاهرات.

“تركت النقش على الزجاج واتجه تركيزي في تلك الفترة نحو التظاهرات والمشاركة بها” يقول، ثم يوضح أنه عاد إلى نشاطه الفني من جديد مع إطلالة 2021.

ويحصل “علي” على المواد اللازمة لعمله من مدينة النجف المشهورة بتجارة الأحجار الكريمة والزجاجيات، بحكم أنها عاصمة دينية يرتادها آلاف الزائرين وعادة ما يرغبون بنقش آيات قرآنية أو عبارات دينية على تلك الأحجار كهدايا لذويهم وأصدقائهم.

ويطمح علي أن يطور هذه الهواية لتصبح حرفة، خصوصاً أن مدينة الناصرية تخلو من فنانين أو صناع يمارسون هذه المهنة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى