دعاية انتخابية خجولة رغم اقتراب موعد الانتخابات

   علاء كولي- ذي قار

على عكس المواسم الانتخابية السابقة التي كانت الحملات فيها تنطلق قبل أشهر من موعدها، تبدو الدعاية الانتخابية في هذا العام شحيحة، إذ لا يظهر المرشحون في المناسبات الاجتماعية والفعاليات الأخرى إلا في حدود بسيطة وقصيرة المدّة، ولا يلتقون  جمهورهم في الأماكن العامة ولا يقيمون ندوات تعريفية حول برنامجهم الانتخابي. 

الأمر ينسحب أيضاً على مواقع التواصل الإجتماعي، فكل شيء يبدو هادئاً، وصفحات المرشحين لم تنطلق حتى الآن ولم ينوه أغلبهم إلى ترشحهم، سوى من خلال إعلان الأسماء أو نشر خبر مقتضب. 

ولا تزال الدعاية على تلك الوسائل خجولة رغم بدء العد التنازلي ليوم الإقتراع المرتقب في يوم 10 تشرين الأول المقبل. 

مخاوف ومضايقات

يرى المرشح عن “تيار الحكمة” في محافظة ذي قار مظفر الزيدي بأن “الحملات الدعائية للإنتخابات ليست بالمستوى المطلوب مقارنة بالسنوات الماضية، كون الظرف الحالي والتحولات التي حصلت لها تأثير واضح على مجريات الأحداث وعلى وضع الانتخابات أيضاً”.

ويوضح الزيدي خلال حديثه لمراسل “المنصة”، بأن “هناك شقين مؤثرين على موضوع الانتخابات المزمع إجراؤها في تشرين المقبل، الشق الأول له علاقة بتأجيل الإنتخابات والمخاوف بهذا الصدد واضحة، والشق الثاني هو المخاوف من الإستهداف، فالجميع يحاول أن يُنزل الآخر حتى يكون كبش فداء للآخرين”. 

في حزيران الماضي، كانت محافظة بابل قد شهدت مهاجمة لتجمع انتخابي لأحد المرشحين، حيث اشتبك عدد من المهاجمين مع أنصار المرشح بالكراسي مما أدى الى تخريب الحفل وانسحاب الجميع.

ويتفق المرشح عن “التيار الإجتماعي” في محافظة البصرة مقداد أبو الهيل مع ما ذهب به الزيدي، حول حجم المخاوف التي تتعلق بتأجيل الإنتخابات والمضايقات التي قد يتعرض لها المرشحون من خارج الأحزاب التقليدية.

ويضيف أبو الهيل خلال حديثه لمراسل “المنصة”، بأن “الكثير من المرشحين يخشون من تعرض دعايتهم الانتخابية والإعلامية إلى التشويه والتسقيط (إذا ما تم تأجيل الانتخابات) وهي بمثابة حرق أوراق المرشح”.

تسقيط  وتشويه

حتى هذه اللحظة، ذي قار لا تزال خالية من أية دعاية إنتخابية ومن أية تجمعات إنتخابية يقيمها المرشحون من مختلف الكتل السياسية بما فيها الأحزاب المنبثقة من إحتجاجات تشرين، حيث أن الأطراف السياسية التي دخلت في السباق الإنتخابي لا تزال تخشى بعضها البعض والخوف أكثر من الشارع الذي قاري الذي لا يزال غاضباً وقد يندفع نحو الانفجار في أي لحظة لأسباب كثيرة بحسب مراقبين كثر.

وتقول المرشحة عن قضاء سوق الشيوخ نيسان عبدالرضا من جنوب الناصرية لمراسل “المنصة”، بأن “الدعاية الانتخابية ستبدأ قريباً والتأخير  يتعلق بسياسة الحزب تجاه الدعاية الإنتخابية”، فيما تؤكد “عبدالرضا عدم تعرضها لأي حملة تسقيط أو تشويه، لكنها تتوقع أن تحصل خلال إنطلاق الحملة الدعائية بشكل رسمي كون ذي قار لم تعلن فيها أي حركة أو حزب دعايتها حتى الآن.

وفي ذات السياق يؤكد المرشح عن قضاء الشطرة شمال الناصرية فلاح الهلالي، بأنه “قد تعرض للتسقيط منذ إعلانه الترشيح ونشره للبوستر الرسمي الذي يتضمن الكتلة السياسية ورقمه في القائمة، وتضمن حملة التسقيط على أرض الواقع وعلى مواقع التواصل من قبل الأحزاب الأخرى المنافسة وجمهورها أيضاً” ويوضح أنه يعني بالتسقيط تشويه سمعة المرشح وتخريب اللافتات والبوسترات الانتخابية بشكل منهجي ومحاولة تعطيل التجمعات الانتخابية وإثارة الخلافات داخل كل تجمع.

ويوضح الهلالي خلال حديثه لمراسل “المنصة”، بأن “حملة التسقيط متوقع لها أن تتسع خلال الأيام المقبلة وكذلك مع قرب موعد الإنتخابات وحتى في حال تم نشر البوسترات في الشوارع والأماكن العامة فيتوقع لها أيضا أن تتعرض للتشويه والتخريب”.

ولو مقعد واحد

وكان مجلس الوزراء العراقي قد حدد العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021 موعدا جديدا للانتخابات المبكرة، بدلاً من موعدها السابق المقرر في السادس من يونيو/حزيران المقبل، إلا أن الكتل السياسية التقليدية لا تبدو راغبة بتقريب الموعد.

ويرى محللون منهم الكاتب والأكاديمي د.باسم محمد حبيب أن “تقريب موعد الانتخابات أتى من أجل إيقاف التظاهرات التي سببت صداعا كبيراً للحكومة”.

ويضيف حبيب أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي نجح بإعلانه إجراء الانتخابات في الموعد الجديد في جذب كثير من المتظاهرين للمشاركة فيها، إذ كان المتظاهرون آنذاك أمام خيارين، إما الاستمرار في التظاهر أو تشكيل كيانات سياسية والمشاركة في الانتخابات على أمل أن ينجحوا فيها ويحققوا ما فشلوا في تحقيقه من خلال التظاهرات”.

وتحدثت مصادر إعلامية عراقية عن تأكيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعته للانتخابات في حال إقامتها في موعدها الحالي. وقال قصي محسن -النائب عن تحالف “سائرون” بزعامة الصدر في تصريح صحفي إن “هناك انقساماً بين الكتل حول موعد الانتخابات، فالكتل الجديدة التي تشارك لأول مرة تعمل على أن تكون الانتخابات في موعدها، لكي يكون لها تمثيل سياسي داخل قبة البرلمان ولو بمقعد واحد وفي أقرب وقت”.

المفوضية جاهزة

في سياق ذلك يؤكد علي التميمي وهو ناشط في حزب “إمتداد” الذي انبثق عن عدد من المحتجين البارزين في محافظات ذي قار والبصرة وميسان وواسط والمثنى، أن “أحزاب تشرين لديها تأنّ بموضوع الدعاية الإنتخابية فهي لا تريد أن تكشف عن كل أوراقها أمام الأحزاب التقليدية المنافسة والتي لديها السلطة وكل شيء، الأمر الذي قد يؤثر عليها كثيرا في الوقت الحالي”.

يضيف التميمي خلال حديثه لمراسل “المنصة”، بأن “الحقيقة الأخرى، أننا لا يمكن أن نقارن أحزاب تشرين وأحزاب السلطة من حيث المال والدعم الإعلامي، الامر طبيعي هناك ماكينة إعلامية ضخمة تديرها الأحزاب تلمع وجودها وتحاول كسر منافسيها بدرجة كبيرة”.

يتابع التميمي، “التيار الصدري و انسحابه من السباق الإنتخابي أثر بشكل واضح على الإنتخابات وبالتالي هناك شعور بالتكاسل حيال الدعاية الإنتخابية، وكذلك الشعور بأن الإنتخابات قد تتأجل في أي لحظة”.

وفي كلمتها الأسبوعية الأحد 22 آب الجاري، أكدت مفوضية أنها مستعدة لإجراء الإنتخابات المقررة في 10 تشرين الأول 2021، بعد إكمالها كافة الاستعدادات الفنية واللوجستية، مؤكدة على أنها وافقت على إنتشار مراكز الاقتراع والمحطات التابعة إليها وأنها أنجزت أيضا سجل الناخبين الذي يضمّ حوالي 24 مليون ناخباً.