فرق نسوية تزيل ألغام الموصل: “نعيش بخطر دائم”

ورود صالح -المنصة

“النساء هنا ينزعون الألغام بمهارة عالية ويهتمون بكافة التفاصيل”، يقول سيروان محمد من سكنة أطراف محافظة ديالى عن فريق نسائي يعمل على إزالة المخلفات الحربية التي زرعها تنظيم “داعش” في أرضه، ويكمل “إنها مسألة مهمة جداً في منطقتنا والخطر يطاول الرجال والنساء دون تفرقة”.

بينما يتحدث سيروان تنتشر مجموعة من النساء يرتدين سترات واقية زرقاء اللون، يحملن أجهزة مع حقائب ظهر كبيرة، كنّ قد أتين بعربة حديثة النوع تنقلهن يومياً الى أماكن عانت من سيطرة تنظيم “داعش” وتركه آلاف العبوات والألغام الارضية والقنابل غير المنفجرة بهدف الانتقام من السكان.

خطوة نادرة 

في خطوة نادرة في العراق تشكلت فرق نسائية لنزع الألغام  في عدة محافظات من بينها الموصل، يتكون كل فريق من قسم يختص بإزالة الألغام، وقسم للطبابة، وقسم مختص بتحديد المناطق الخطرة، وقسم للتوعية بالإضافة إلى الأدوار الداعمة مثل مساعد عمليات.

من بين هؤلاء النساء تعمل “نسرين” قاسم ضمن فريق الموصل منذ دحر تنظيم “داعش” إلى اليوم، وتقول إن “دمار جزء من البلاد على يد التنظيم يدفع الكل الى الانخراط  والمساهمة في إعمار ولو جزء بسيط من هذا الدمار الكبير”.

وتضيف “مارأيته في سنجار مثلاً  كان دافعاًَ قوياً لانضمامي إلى فرق إزالة الذخائر الحربية”.

تعترف نسرين أن المهمة الملقاة على عاتقها كانت “مخيفة” في البداية، “حياتك معلقة على كف عفريت، وممكن أن تفقدها في أي لحظة، والأسوأ أن تفقد أحد أطرافك”.

إلا أن هذه الشابة اعتادت على طبيعة العمل بعد فترة، وعلى أشكال أخرى من صعوبات العمل، تقول: “الخطورة لاتكمن فقط في المخلفات وإنما تمتد أحياناً إلى الأهالي”.

وتروي نسرين حادثة تعرضت لها قبل اسابيع هي وفريقها، قائلة: “تعرضنا للضرب من قبل أهالي قرية تقع على أطراف الموصل.. كانت القرية قد فقدت طفلاً في العاشرة من عمره كان يلعب بمخلفات حربية فانفجرت فيه وأدت الى وفاته على الفور”.

تعلق نسرين على الحادثة بالقول، “الموقف كان صعباً ، كنا نخطو باتجاه القرية والعوائل كانت مشحونة بالعاطفة لوفاة الطفل و بالغضب من سوء وضعهم وخطورة مايعيشوه ونحن كنا المخطئين بالنسبة لهم.. خلصنا أنفسنا بإعجوبة”.

أول قائدة فريق    

نور منذر، 29 عاماً، قائدة فريق إزاله ألغام وعبوات ناسفة في منظمة الـFSD، تقول إن ما دفعها إلى الانخراط في هذا النوع من العمل هو “المساعدة على عودة الاهالي بسلام إلى مدينتهم وممارسة الأطفال حياتهم بشكل إعتيادي من جديد وكأن التنظيم لم يكن ولا كان”.

نور الحاصلة على درجة بكالوريوس في القانون، تتحدث لـ “المنصة” عن كيف أصبحت أول امرأة تقود فريق خاص بإزالة المخلفات الحربية، وأيضاً أول امرأة حاصلة على المستوى الثالث في معاجة الذخائر غير المنفلقة.

تقول “دخلت المجال قبل ستة أعوام وعملت أولاً كموظفة ميدانية في مجال التوعية بمخاطر العبوات والمخلفات الحربية، وتدرجت في مناصب عدة ضمن الفريق واتبعت مجموعة من الدورات التدريبية إلى أن وصلت لمنصب قائد الفريق”.

عودة للحياة 

فوزي عبدالنبي صوبالله، المدير العام لعمليات تلعفر في شركة GCS، يؤكد أن الشركات المختصة تدخل الباحثات عن المخلفات الحربية دورات تدريبية مكثفة في هذا المجال.

يقول: “أعمار النساء التي تقبل على هذا المجال يتراوح بين العشرين والأربعين وهناك شروط محددة في اختيار النساء منها ان تكون من اهالي المنطقة وان تكون ذات صحة جيدة أيضاً”.

ويضم الفريق في تلعفر ثماني نساء خمس منهن مختصان كباحثات عن الالغام وواحدة في التطبيب واثنتان من التوعية الخاصة بمخاطر الالغام.

وقام الفريق النسوي في الموصل بتطهير مساحات كبيرة من الأراضي، التي كانت مزروعة بالألغام أو ملوثة بالذخائر سابقاً وغير صالحة للاستخدام من السكان، وباتت هذه الأراضي اليوم تُستخدم للزراعة.

ويمكن للسكان في هذه المناطق الآن أن يعيشوا حياتهم بدون خوف من الموت أو الإصابة من الذخائر المتفجرة، بحسب حديث قائدة الفريق نور منذر، التي أشارت أن مناطق عدة في قضاء سنجار، منها المنطقة القديمة وسوق السراي والقحطانية والعدنانية ومنطقة تل قصب والقيروان والمناطق القريبة على معمل اسمنت سنجار ما زالت تعاني من وجود المخلفات الحربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى