أيادٍ عراقية تحضر في مونديال قطر.. بينما تغيب الأقدام

بغداد- مرتضى الحدود

غادر المنتخب العراقي تصفيات كأس العالم في آذار/مارس الماضي وحرم نفسه المشاركة في مونديال قطر لعدم تمكنه من تحقيق الفوز على المنتخب السوري آنذاك، إلا أن خسارة الترشّح لم تمنع العراقيين من تسجيل بصماتهم وحضورهم منذ الساعات الأولى لانطلاق الحدث الكروي العالمي.

اللمسات العراقية في مونديال قطر كانت واضحة المعالم بدءاً من ملعب الجنوب الذي صممته المعمارية العراقية العالمية زها حديد مستوحيةً فكرة بناءه من نشاط صيد اللؤلؤ بالقوارب الخشبية في قطر. 

وافتتح الملعب الذي يبعد عن الدوحة العاصمة 23 كيلو متراً في عام 2019 واستضاف في حينها بطولة كأس الأمير مستوعباً قرابة الـ  40 ألف متفرجاً.

ويعد ملعب الجنوب واحداً من سبعة ملاعب تستضيف مباريات كأس العالم ضمن مرحلة المجموعات ودور الستة عشر ويصنف على أنه من الملاعب مفككة المقاعد، إذ تحدث عبد العزيز آل إسحاق، مدير ملعب الجنوب في حديث صحفي قائلاً إن 20 ألف مقعد سيتم تفكيكها من المدرجات العلوية للتبرع بها لصالح مشاريع رياضية في أنحاء العالم والاستفادة من المقاعد المتبقية في منافسات كرة قدم أخرى.

اللاعب العراقي السابق وكابتن المنتخب في بطولة كأس اسيا يونس محمود وصف ملعب الجنوب بأنه “تحفة معمارية ومبعث اعتزاز للعراقيين”. وأضاف أنه وبالرغم من عدم تأهل المنتخب الى المونديال لكن “العراقيين فخورين بهذا المنجز العراقي فهو بصمة واضحة في الحدث التاريخي الذي يقام للمرة الأولى في العالم العربي”.

هذا الملعب سبق وأن أبهر لاعب الكرة الأسترالية ونادي ايفرتون الانكليزي السابق تيم كاهيل مبيناً خلال حضوره حفل افتتاح الملعب عام 2019 إنه يتمتع بمواصفات خاصة من حيث طريقة تفكيك بعض أجزائه لصالح تحسين البنية التحتية الرياضية في بلدان أخرى.

وبالاضافة إلى تصميم هذا الملعب كانت البصمة الفنية العراقية حاضرة أيضاً في ملعب خليفة الدولي الذي شهد افتتاح المونديال، وأقيم فيه نصب للنحات العراقي أحمد البحراني يتضمن الحلقات الأولمبية.

البحراني البالغ من العمر 57 سنة من مواليد محافظة بابل ومقيم في قطر، وقد كلف مجدداً من قبل حكومة قطر بإنشاء نصب نحتي لملصق بطولة كأس العالم في قطر ليوضع في ملعب لوسيل الذي ستقام فيه المباراة النهائية للبطولة.

وسبق للبحراني الذي يمتلك رحلة طويلة مع الكؤوس العالمية والدولية أن صمم كأس العراق، وهو تصميم مميز يحاكي كأس العالم، جاء على شكل جذع شجرة تحمل كرة وتتفرع فيها أوراق تمثل محافظات العراق متحدة في شجرة واحدة.

ويجد الفنان العراقي ان هذه الاعمال تنقل الانجاز الفني العراقي إلى مصاف العالمية من خلال هذا الحدث الرياضي الضخم الذي يتابعه الملايين حول العالم.

ورغم غياب اللاعبين العراقيين على الأرض إلا أن المونديال شهد حضور نجوم الكرة العراقية في القنوات العربية الرياضية التي تمتلك حق البث والتغطية، ولأبرزها قناة الكأس و الـ Bein Sports القطريتين لإعطاء رؤيا تحليلية للمبارايات، ومنهم اللاعبون نشأت اكرم ونور صبري ويونس محمود نائب رئيس اتحاد كرة القدم العراقية، فضلا عن الدعوات التي وجهت للعديد من الرياضيين القدامى للمشاركة، ومنهم رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال و ليث حسين وحسين سعيد.

أما المشجع العراقي فكان تواجده واضحاً عند مقاعد الملاعب مشجعاً المنتخبات العربية حيث سجل المئات من أبناء الجالية العراقية تواجدهم على المدرجات.

ومن بين أبرز المشجعين نقلت كاميرات البث المباشر صور المشجع العراقي المعروف مهدي الكرخي الذي يصف نفسه بالمشجع العالمي وهو يرتدي اللباس الرياضي ذي اللونين الأخضر والأحمر في إشارة الى المنتخب العراقي والمنتخب القطري.

من ناحية ثانية، حمل المربع الأخضر أسماء لاعبين مشاركين من أصول عراقية كما هو الحال مع بسام الرواي لاعب الدفاع في المنتخب القطري وهو ابن هشام الراوي لاعب المنتخب العراقي في تسعينيات القرن الماضي، والى جانبه في خط الوسط اللاعب محمد وعد البياتي  ذو الأصول العراقية، ووالده حمى مرمى المنتخب العراقي في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي.

وبحسب محللين ومسؤولين رياضيين، فإن العراق يمتلك مستوى عالٍ من الكفاءات الفنية والرياضية التي تؤهله لحجز مكان له في حدث كروي بمستوى المونديال وفي المحافل الرياضية الأخرى.

إلا أن الهجرة غير المسبوقة لأبناء العراق في تسعينيات القرن الماضي هرباً من قمع النظام الحاكم وما تلاها بعد عام 2003 من استهداف مباشر للكفاءات العراقية خلال فترة الحرب الأهلية واحتلال داعش لأجزاء من العراق، فضلا عن غياب التخطيط واعتماد نهج المحاصصة الطائفية، قللت هذه العوامل جميعها من مستوى حضور الدولة العراقية في المحافل الرياضية ليقتصر الأمر على إبداع عراقيين مهاجرين كما هو الحال في مونديال قطر.

وكانت منظمة اتحاد اللاجئين العراقيين وهي منظمة مدنية قد كشفت في حديث صحفي عبر مسؤولها آمانج عبد الله أن الأشهر العشرة الاولى من العام 2022 سجلت هجرة 75 ألف مواطن عراقي من محافظات الوسط والجنوب منهم 38 ألف ألى اقليم كردستان ذو الاستقرار الامني والاقتصادي والباقي إلى خارج العراق. 

كما سجل العراق نسباً عالية في البطالة والفقر وفقاً لإحصائيات أعلنت عنها وزارة التخطيط، فبلغت نسبة الفقر 25% اي بما يعادل أكثر من 10 ملايين عراقي فيما بلغت نسبة البطالة 16.5% اي اكثر من ستة ملايين و 500 الف مواطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى