الكاهي والقيمر.. لا يكتمل صباح العيد من دونهما
فاطمة كريم _بغداد
في أول أيام العيد يقطع العم سعد علي مسافة 130 كيلومتراً بسيارته، من محافظة ديالى إلى سوق الصدرية العريق في بغداد ليتناول واحدة من أشهر الوجبات التقليدية المرتبطة بهذه المناسبة.
“بعد صلاة العيد مباشرةً أسافر إلى بغداد، إلى سوق الصدرية، أتناول وجبة فطور الكاهي والقيمر وأجلب لعائلتي حصتها”، يقول العم سعد ذو الـ 55 عاماً.
يمتد سوق الصدرية، أحد أقدم أسواق بغداد، على طريق شارع الكفاح حيث الجزء الجنوبي الذي يرتبط بمرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني. وسمّي بالصدرية نسبة الى الشيخ صدر الدين محمد، الجد الأعلى لأسرة آل الصدر المتواجدة خاصّة في العراق ولبنان وإيران، ويقول البعض إن الاسم جاء نسبة الى مستشفى الامراض الصدرية الموجود في الحي.
اشتهرت منطقة الصدرية بوجبات الإفطار الشعبي الشهي ومن بينها الكاهي والقيمر التي اعتاد اهالي بغداد على بدء صباحاتهم بهما في أيام الأعياد الى جانب العديد من الأطباق الأخرى مثل الكليجة (المعمول)، لكن يبقى القيمر الأحب إلى قلوب البغداديين.
والكاهي نوع من المعجنات الهشة يصنع من الدقيق وأحد انواع الزيوت الذي يسمى بـ “الدهن الحر”، أما القيمر فهو القشطة العراقية الدسمة المستخرجة من حليب الجاموس الموجود في أهوار العراق، ويمكن صنعه من أنواع حليب أخرى لكنه بالنسبة للعراقيين الحليب المفضل لإعداد هذه الوجبة.
وشهدت أسعار القيمر ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات القليلة الماضية فوصل سعر الكيوجرام الواحد إلى أربعين ألف دينار عراقي بسبب الجفاف الذي حلّ بأهوار الجبايش وموت الكثير من الجواميس.
فقد كانت أعداد الجاموس في أهوار الجبايش بحدود خمسة وثلاثون ألف رأس العام الماضي بحسب تصريح رئيس منظمة الجبايش رعد الأسدي، وانخفضت الى ما يقارب عشرين ألف رأس في هذا العام.
محمد رسول الذي يملك محلاً صغيراً لبيع القيمر والكاهي في سوق الصدرية يقول في حديثه للمنصة إنه ورغم ارتفاع الأسعار، “يكثر الطلب على القيمر في ايام الاعياد وبالأخص في اليومين الأول والثاني ثم يقل تباعاً وكذلك ايام العطل والمناسبات، فهي عادة عراقية متأصلة منذ عشرات السنين”.
ويصل حجم مبيعات هذا الرجل إلى حوالي ألفين وجبة كاهي وقيمر في ايام العيد ويكون عمل المطعم على مدار الساعة ويتوزع العاملون فيه على شكل ورديات نهارية وليلية.
ليس العراقيون وحدهم من يزورون الصدرية كي يتناولوا الكاهي والقيمر فهنالك المئات من السواح الاجانب والعرب يقصدون منطقة المتنبي ثم يزورون الصدرية لتناول الفطور، ويرجع ذلك إلى تميز وجبة القيمر العراقية عنها في البلاد الاخرى بسبب نوعية الجاموس الذي يتربى في العراق.
“هذا ما جعل القيمر العراقي مختلفاً عن غيره حتى أنه أصبح منتوجاً وطنياً يصدر الى البلدان الاخرى ومنها دولة الكويت” يقول البائع محمد رسول، آملاً أن تنخفض أسعار الحليب في الأشهر القادمة كي تكون وجبة الكاهي والقيمر في متناول كل العراقيين، فقيرهم وغنيّهم.