هواة الطوابع القديمة يقيمون المعارض خوفاً من اندثارها
مهدي غريب – بغداد
يتجمع عدد من هواة ومحبين الطوابع والمسكوكات والمطبوعات القديمة بين فترةٍ وأخرى في عدة أماكن في العاصمة بغداد أو في محافظات عراقية بهدف تنظيم أنفسهم والتعرف على ما يملكه كل منهم من مقتنيات نادرة.
بالنسبة لهؤلاء، فإن العملات والطوابع لا تحمل فقط قيمة مادية من خلال بيعها في الأسواق او المزادات، إنما هي بمثابة أرشيف اقتصادي واجتماعي وثقافي يمكن من خلاله معرفة جوانب مختلفة من تاريخ البلاد.
علي سليمان مدير معرض للطوابع هو الأول من نوعه في العراق، نجح في تنظيمه ودعوة عشرات من جامعي الطوابع والمسكوكات، ويعزو هذا النجاح إلى “تضافر الجهود من قبل الضيوف والتجار والهواة في مجال الطوابع والعملات الملغاة”.
ينظّم سليمان المزادات والمعارض منذ سنة 1992 في المعاهد والكليات وفي مواقع تراثية في العاصمة، كبناية القشلة ومنطقة الميدان في سوق هرج ومقهى المدلل التراثي وأماكن ثقافية اخرى، “نحاول لم شمل الهواة والتجار واستقطاب عدد أكبر للتوعية والتثقيف في هذا المجال” يوضح.
يرى سليمان أن “الطابع هو وثيقة للبلد والشعب، ووسيلة للاتصال بين الشعوب، حيث يعد الطابع المرسل مع الظرف والرسائل بمثابة هدية ثقافية تتنقل بين الحدود”.
ويتميز الطابع العراقي بأشكال ودلالات ورموز تاريخية، كرسوم ملوية سامراء أو منارة الحدباء او صور الحكام والملوك.
جواد كاظم عضو الهيئة الادارية لجمعية الطوابع والمسكوكات العراقية يقول للمنصة “ان هذا المعرض مختص بعرض الطوابع والعملات والمسكوكات العراقية والعربية والعالمية” وأن خصوصيته تأتي من أنه “يجمع الهواة من كافة المحافظات العراقية، يعرضون كل ما يمتلكوه من طوابع مهمة”.
ويضيف كاظم “الهاوي لا يقف عن حد معين فهنالك هاوٍ مثلا يحب ان يجمع طوابع الحيوانات أو طوابع الشخصيات، او طوابع القطارات، وفي مجال العملات أيضاً هنالك هاوٍ يجمع عملات عراقية واحيانا تجد هواة يجمعون عملات افريقية مثلاً”.
الطوابع العراقية بدأ إصدارها من 1917، اندر مجموعة بينها في المعرض اسمها مجموعة طوابع بغداد، تأتي بعدها الطوابع الملكية والطوابع الجمهورية والطوابع القاسمية (فترة حكم عبد الكريم قاسم).
ويوضح كاظم أن الدولة تصدر كل عشر سنوات تقريباً مجموعة جديدة من الطوابع، وهي خاصة بالرسائل.
هذه الهواية ظهرت للمرة الأولى في العراق من خلال إعلان تم نشره في جريدة العراق الصادرة سنة 1923، فكتب القائمون على الجريدة أنهم يرغبون بشراء وجمع الطوابع.
وظهرت فكرة انشاء نادٍ او جمعية في العراق للطوابع في بداية خمسينيات القرن الماضي وتم تطوير الفكرة من قبل مجموعة من النخبة سنة 1950 من ضمنهم ضباط عسكريون ومتقاعدون.
هكذا تشكلت أول جمعية في العراق للهواة في نفس السنة، وكان من أبرز الأسماء القائمة على الجمعية اللواء صالح زكي المصلح، والعسكري عبدالكريم محي الدين، والدكتور حمدي عزت وغيرهم من الشخصيات العراقية المعروفة.
وقام هؤلاء الهواة بجمع الأنواط العسكرية (نوط الجريح ونوط الشجاعة) والمسكوكات التذكارية التي كان يتم اصدارها في مناسبات وطنية معينة مثل يوم الطفل وذكرى بناء سد الموصل والثرثار وعيد الزهور العراقي أو عيد نوروز وبطولة كأس العرب وغيرها، والغرض منها تخليد تلك المناسبات.
عبدالكريم صبري نائب رئيس جمعية هواة الطوابع العراقية وهو باحث ومؤلف في هذا المجال يتحدث للمنصة قائلاً إن “هواية جمع الطوابع بصورة عامة نشأت بعد صدور أول طابع بريدي سنة 1840 صدر في بريطانيا وعلى إثرها بدأت المراسلات وبرزت الهواية في أكثر من بلد من بينها العراق”.
ويضيف صبري “انتميتُ الى الجمعية سنة 1964 أي منذ حوالي خمسين سنة، وبعد سنوات طويلة اشتركت في أول معرض دولي في دولة المجر وحصلت على الميدالية البرونزية، وشاركت في كل المعارض التي أقيمت بالعراق، و ذهبت ايضاً الى بلغاريا ومعارض الشارقة ودبي وحصلت في كل المشاركات على ميداليات ما بين الذهبية والفضية والبرونزية”.
ويشير هذا الخبير إلى أن بعض الطوابع في الصالات العالمية قيمتها مساوية لقيمة أشهر اللوحات العالمية، “فالطابع هو عبارة عن لوحة صغيرة يبدا فيها الفنان راسماً لوحة كبيرة ثم تذهب الى الطبع”.
إقبال الشباب على الاهتمام بالطابع تراجع في العقدين الماضيين وهنالك من الهواة من يرى أنها هواية في حالة اندثار نظراً لتراجع الاهتمام بالمراسلات البريدية في السنوات الاخيرة والاستعاضة عنها بالمراسلة الالكترونية.
حسن حمدان 47 عاماً، هاوٍ بجمع الطوابع منذ كان بعمر الست يتحدث للمنصة قائلا: “تخصصت في جمع العملات والطوابع الملغاة رغم ان تخصصي الجامعي هو الهندسة المدنية، وشاءت الظروف ان اغادر العراق لكني أعود إليه دائماً بفضل هذه التجمعات”.
ويرى حمدان أن “هذه الهواية بحاجة الى الكثير من الدعم كي لا تتعرض الطوابع للاندثار” ويطالب المؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام “بتوصيل أسس هذه الهواية إلى الفئات الجديدة من المجتمع”، مؤكداً ان تنظيم هذا النوع من المعارض يساعد على بث الروح في طوابع البلاد الملغاة أو القديمة.