خمس حرائق يومياً في ذي قار.. والمباني تفتقر لشروط السلامة
المنصة- مرتضى الحدود
تعرض مجمع ابو محمد السعيدي في مدينة الناصرية قبل شهرين تقريباً لخسائر تقدر بملايين الدنانير إثر حصول تماس كهربائي في الطابق العلوي من المجمع أودى بأضرار بالغة في جميع المواد المنزلية والكهربائية المعروضة للبيع والمخزونة.
هذا الحريق واحد من بين مئات نشبت في المحافظة خلال هذا العام اغلبها نتيجة تماس كهربائي أو وجود مواد سريعة الاشتعال مع عدم توفر عوامل السلامة.
أبو محمد الرجل الستيني تحدث لـ “المنصة” وهو يجلس وسط مجمّعه بعد ان قام بترميمه من جديد قائلاً: “منذ إنشاء المجمع عملت على أن تكون منظومة الكهرباء سليمة ووزعت مطافئ الحريق الاسطوانية في أماكن متفرقة، فالمكان يضم العشرات من اجهزة التبريد الضخمة التي تحمل غازات سريعة الاشتعال فضلاً عن أجهزة منزلية أخرى”، ويتابع: “لولا ذلك لكانت الخسائر أكبر بكثير”.
تتعدد أسباب الحرائق الناشبة في العراق إلا ان ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق في السنوات الأخيرة نتيجة ظروف التغير المناخي قد تكون سبباً اضافياً في ازياد معدلاتها.
وتتركز الحوادث مع إطلالة من شهر أيار (مايو) وتبلغ الذروة في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) ثم ينخفض منحنى الحرائق مع نهاية أيلول (سبتمبر) وغالباً ما يكون السبب حصول تماس الكهربائي نتيجة قدم توصيلات الكوابل الكهربائية في معظم الأحياء وتداخلها مع اسلاك المولدات الاهلية.
وتتلقى فرق الاطفاء عشرات الاتصالات يومياً بسبب حرائق بعضها لم يكن يحصل لولا تهالك البنية التحتية وإهمال شروط السلامة والأمان سواء كانت الدوائر الحكومية أو المؤسسات الاهلية والدور السكنية.
وبلغ عدد الحرائق في عموم العراق سنة 2022 أكثر من 32400 حريق أي بمعدل 89 حريق يومياً وشمل هذا الرقم المباني التجارية والحكومية والمخازن ودور السكن والاراضي الزراعية والعجلات. وتصدرت بغداد نسبة الحرائق بين بقية المحافظات وشكل التماس الكهربائي قرابة 47% منها بينما سجلت البلاد بعض الحرائق الناتجة عن نزاعات عشائرية.
وأبرز حوادث الحرائق التي تركت أثرا محزناً في نفوس العراقيين كان حريق مستشفى ابن الخطيب في العاصمة بغداد عام 2021 عندما توفي حوالي 80 مريضاً حرقاً واختناقاً وأصيب أكثر من 110 بحروق ذات درجات متفاوتة.
وتبعه في ذات السنة احتراق مركز عزل النقاء لمرضى كورونا في الناصرية الذي راح ضحيته أكثر من 90 مريضاً وأصيب أكثر من 100 بحروق.
وفي نهاية أيلول (سبتمبر) 2023 احترقت قاعة اعراس بمدينة الحمدانية الموصل جراء استخدام ألعاب نارية داخل القاعة مسفرة عن أكثر من 100 قتيل واصابة قرابة 150 من المتواجدين في القاعة.
مدير الدفاع المدني في ذي قار العميد أحمد حسن ذكر للمنصة أن عدد الحرائق التي طاولت محافظة ذي قار في الثمانية الأشهر الماضية بلغ 1183 حريقاً موزعاً بين محال تجارية ودوائر حكومية ودور سكنية وهذا يعني ان معدل الحرائق في المحافظة التي تسجل يومياً يقارب خمسة حرائق بمعدل حريق كل خمس ساعات.
ووفقاً للعميد أحمد حسن فإن “نصف عدد الحرائق تقريباً ينشب بسبب التماس الكهربائي مع عدم وجود وعي كافٍ بكيفية التعامل معها لدى مما يتسبب باتساع رقعتها”.
ويوضح العميد حسن أن أبسط شروط السلامة لا تتوفر في معظم المباني وفي مقدمتها مطافئ الحريق، كما أن طبيعة المبنى قد تكون سبباً في نشوب الحرائق “فبعض المباني يتم تشييدها بطريقة “سندويج بنل” وهي عبارة عن قطعتين من المعدن الخفيف بينهما اسفنج مضغوط سريع الاشتعال فتصعب السيطرة على الحريق فيها عند اندلاعه”.
ويرى مدير مركز الجنوب للتخطيط الستراتيجي صلاح الموسوي في حديثه للمنصة بان هناك عشوائية في تصنيف المباني في الناصرية إذ يتم السماح بتخزين مواد خطيرة سريعة الاشتعال داخل الأحياء السكنية كما تفتقد معظم المخازن التجارية لمنظومة الإنذار المبكر بالإضافة الى افتقار العاملين لكيفية التعامل مع هذه الحوادث”.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الهادي الركابي يرى بأن منظومة البناء العراقي لاجازة المشاريع تفتقر لعنصر مهم وهو عنصر ادارة المخاطر الذي تعمل به اغلب المنشآت الاقتصادية والسكنية في العالم “لذا واجهنا الكثير من الحرائق على صعيد مراكز عزل كورونا والمؤسسات التجارية”.
لكن مواجهة العدد الكبير من الحرائق يومياً سواء في الناصرية أو في عموم العراق يتطلب -بحسب هذا الخبير- عملاً أكبر من قبل الحكومات المحلية وحكومة بغداد على إصلاح البنية التحتية المتآكلة لشبكة الكهرباء والتشديد على شروط السلامة في كافة المباني والمنشآت، فمنع الأسباب المؤدية لنشوب الحرائق تبقى أفضل من السيطرة عليها وإطفائها، يقول الخبير.