“سيد الحلويات” في سوق شيخ الله في أربيل

فاطمة كريم- بغداد 

وسط مدينة اربيل وعلى بعد حوالي 700 متر من قلعتها يقع سوق شيخ الله الذي يعد واحد من أكبر الأسواق الشعبية المتخصصة ببيع المكسرات وحلوى السجق.

يقع هذا السوق شرقي القلعة التاريخية ويعد الأكثر شهرة واكتظاظاً بين أسواق المدينة إذ يقصده الآلاف يومياً، بعضهم من محافظات أخرى. ويتألف سوق شيخ الله من ثلاثة شوارع رئيسة تحتوي على المئات من المحال التجارية التي تبيع منتجاتها بالجملة والمفرّق كمحال المأكولات  والمواد المنزلية ومواد التجميل والزجاجيات والدراجات الهوائية والنارية والأصباغ والمعدات الكهربائية ومختلف أنواع الفاكهة والخضار.

لكن أكثر ما يشتهر به السوق هو المكسرات وحلوى السجق المصنوعة من الجوز الملفوف بمزيج من الطحين والسكر والنشاء ومطيبات اخرى. 

العم مصطفى أحمد وهو في السبعينات من عمره واحد من اقدم اصحاب المحال المتواجدين داخل السوق، يعمل في بيع المكسرات والبهارات منذ قرابة ثلاثين عاماً.

يقول “كان والدي يمتلك المحل وكنت اعمل في مجال آخر، لكن منذ وفاته اصبحت أنا من يديره ولم افارق سوق شيخ الله على الإطلاق”. 

يؤكد العم مصطفى أن “عمر هذا السوق أكثر من سبعين سنة وقد مر عليه الكثير من التحولات لكنه بقي محافظاً على إرثه وصورته التي لم يغيرها الزمن”.

ويستمد السوق موقعه المركزي من تواجده إلى جوار  قلعة أربيل، وهي حصن أثري يقع فوق تل ومركز مدينة أربيل مدرج على قائمة التراث العالمي، وتنتظم في هذه القلعة محالّ كبيرة لبيع السجق والمكسرات، إذ لا بد لمن يزور مدينة أربيل أن يمر على قلعتها التاريخية وأن يلفت انتباهه السجق المعلق على شكل قلائد بتلك المحال مع أوانٍ تملئها المكسرات من مختلف الانواع. 

ويقصد السوق آلاف المتبضعين يومياً وخاصة أصحاب ذوي الدخل المحدود الذين بإمكانهم شراء حاجياتهم اليومية من الخضار والفواكه واللحوم والمواد الغذائية الأخرى بأسعار أرخص بكثير من بقية الأسواق والمتاجر. 

ولا يعد السوق في كل الأحوال مقصد الفقراء وحدهم بل يتوافد عليه زبائن من مختلف شرائح المجتمع بحثاً عن الخضار والفواكه واللحوم الطازجة. 

يفتتح العم مصطفى محلة منذ الساعة الثامنة صباحاً لغاية السابعة مساءً، يعرض بضاعته للكثير من الزبائن الذين يقصدونه من أماكن بعيدة طمعاً في جودة بضاعته. “المكسرات التي أبيعها جميعها مستورد من مختلف البلاد كتركيا وإيران والصين، والأسعار متفاوتة حسب جودة المنتج لكنها مقبولة وتتناسب مع دخل الفرد” يقول هذا البائع.

ويكون السوق مزدحماً للغاية خلال فترة الصباح، ما دفع البلدية إلى حظر مرور السيارات فيه باستثناء تلك التي تنقل البضائع للمحال التجارية في السوق.

أثناء التجوال بين أروقة ومحال السوق، يلاحظ المتجول أن أسعار المواد المعروضة فيه أقل بكثير من بقية الأسواق، ما يجعله مقصدا للمتبضعين الذين يقطعون مسافات للوصول إليه.

أرمينا وهي سيدة في الأربعينات من عمرها من سكنة منطقة عينكاوا التي تبعد حوالي 8 كم عن مركز المدينة، أتت للتبضع من سوق شيخ الله، تقول” آتي الى هذا السوق مرتين او ثلاث مرات أسبوعيا لشراء ما أحتاجه. هنا الأسعار تختلف، وأيضا المواد تكون طازجة، والسجق طعمه مختلف”.

ويعدّ السجق من الحلويات القديمة الذائعة الصيت في مدينة أربيل، إذ يقبل الناس، بخاصة السياح، على شراء النوع المحلي الصنع الذي يتميز بنكهة خاصة، ويحتوي على المكسرات والجوز  والطحين والنشاء والسكر ودبس العنب والمستكة والجلاتين وسواها من المطيبات، ويؤكد العم مصطفى أن “السجق يباع في هذه السوق منذ أكثر من 70 عاما”، مشيرا إلى أنه “يصنع هنا من الزبيب الخالص، ويخلط مع الجوز”.

ويضيف أن أهالي المنطقة يصفون السجق بـ “سيد الحلويات”، وكان يصنع في السابق في القرى ويباع في المدينة في منطقة القلعة، “ومع هذه الحلوى تحلو ليالي السمر في الشتاء باجتماع العائلات والأقارب، فضلا عن كونه غذاء صحياً وآمناً حتى للمرضى”.

بينما كنا متواجدين في محل العم مصطفى دخل محمد علي، 34 عاماً، حاملاً حقيبة صغيرة استعداداً للعودة إلى أهله في العاصمة بغداد من أربيل، هذه المدينة التي مكث فيها أسبوعاً مستمتعاً بأجوائها الخريفية بعيداً عن صخب العاصمة واختناقاتها المرورية. 

يقول محمد، إنه وبينما كان يستعد لرحلة الإياب، تذكر أمراً هاماً، إذا لا بد من جلب شيء مميز من المدينة، وحلوى السَّجَق والمكسرات واحدة من بصمات مدينة أربيل وإحدى علاماتها الفارقة.

يتابع محمد: “الأهل والأقارب والأصدقاء أوصوني بأن أجلب لهم السجق والمكسرات من سوق شيخ الله فهي تتميز بمذاقها الطيب والمختلف عن بقية الأنواع في أماكن أخرى، وتعد من أفضل الهدايا التي يمكن جلبها من المدينة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى