طالبة الإعلام “طفوف حسين” .. الإعاقة ليست بالجسد
فاطمة سمير- بغداد
في أروقة كلية الإعلام الجامعة المستنصرية تتجول فتاة على كرسيٍ متحرك وعلى وجهها ابتسامة لا تفارقها. إنها طفوف حسين، 19 عاماً، الطالبة التي تنشر البهجة أينما حلت كما تصفها إحدى زميلاتها في الكلية، أو “الفتاة التي أثبتت أن الإعاقة ليست بالجسد” كما وصفتها زميلة أخرى.
أثناء حمل والدتها بها تناولت أدوية منتهية الصلاحية، الأمر الذي أدى إلى ولادة طفوف وهي تعاني من قيلة سحائية في الظهر، وهو شق مفتوح في العمود الفقري يحصل عندما لا تكون عملية إغلاق العمود الفقري سليمة ويسبب العديد من الأضرار البدنية للطفل منها العجز عن السير والحركة، دون أن يؤثر على الناحية العقلية.وبالرغم من خضوع جسدها إلى سبع عمليات جراحية حتى اليوم وعشرات جلسات العلاج الطبيعي، لم تنجح كل المحاولات في إعادة الحياة إلى أقدامها المشلولة ولا من تخليصها من هذا الكرسي المتحرك الذي يرافقها أينما ذهبت.
تروي طفوف أنها عانت منذ دخولها المدرسة من التمييز من قبل اقرانها لأنها كانت تمشي في ذلك الوقت على عكازات، وتتذكر كيف كانت تختلق المشاكل مع زميلاتها كي تفرض عليهن المديرة الإعتذار فيما بينهن ثم يصبحن صديقات، “بهذه الطريقة كنت أكسر الحاجز بيني وبينهن”.
تقدر نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة بحسب إحصاءات غير رسمية بنحو 13 في المائة من أصل عدد السكان الذي يزيد عن 40 مليون نسمة.
وفي تصريح سابق للمتحدث بإسم وزارة العمل والشؤون الإجتماعية نجم العقابي فإن الوزارة تهتم اهتماما خاصاً بذوي الاحتياجات الخاصة، “لذلك سعت لتعديل فقرة مع فقرات القانون متعلقة بالراتب المخصص لهم بحيث تتم زيادته من 170 إلى 260 ألف دينار عراقي وقد أرسلت هذه الفقرة إلى مجلس الوزراء لتعديل القانون بما يصب بمصلحة هذه الفئة”.
وأضاف أن “الوزارة تعمل على إصدار هوية تعريفية لذوي الإعاقة يستفيدون منها في مجال الرعاية الصحية بتقديم العلاج مجاناً، فضلاً عن تخفيض أجور السفر بنسبة 50% على الخطوط الجوية العراقية إضافة إلى منحهم رقماً مرورياً، فمن يحصل على سيارة من ذوي الإعاقة سيكون معفى من رسوم الجمرك والرقم”.
وتشير بيانات الوزارة إلى أن عدد الذين قدموا على النافذة الإلكترونية من ذوي الإعاقة بلغ ما يقارب 500 ألف أسرة، والآن يجرى عرض حالتهم على اللجان الطبية للكشف عن نسبة العجز، فإذا كانت نسبة العجز من 75 بالمئة فما فوق يحصل المتقدم بالطلب على امتيازات قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
إلا أن حلم طفوف لا يقتصر على تلقي المساعدات الحكومية، فقد سعت طفوف منذ صباها إلى تغيير النظرة المجتمعية عن ذوي الاحتياجات الخاصة، وان تبدّل تلك الصورة التي تصفها بالعاجزة، فانضمت إلى فرقة كشفية في مرحلة الدراسة الثانوية وشاركت بأكثر من 25 نشاط كشفيّ رياضيّ وحصلت على المركز الأول في بغداد.
وانضمت طالبة الإعلام بعد ذلك إلى صفوف المنتخب الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة لألعاب القوى وحصلت على المركز الرابع في لعبة رمي الثقل والرمح. ولكي تتمكن من تمويل دراستها ونشاطاتها الرياضية أسست طفوف صفحة في موقع الأنستغرام خاصة ببيع الاكسسوارات.
كان الإعلام حلم طفوف منذ صباها، “طموحي ليست فقط أن أصبح صحفية، فأنا أسعى لتغيير نظرة المجتمع نحو ذوي الإعاقة”، تقول للمنصة، ثم تضيف أنها تسعى إلى تنظيم حملات وطنية بهدف تهيئة الشوارع والمنشآت والبنى التحتية لتكون مناسبة لهذه الفئة، ولكي تسهل عليهم الحركة والاندماج في المجتمع.
وتختم طفوف برسالة إلى أصحاب الاحتياجات الخاصة تقول فيها “يجب علينا أن نتحلى بالصبر والإيجابية وأن نصنع من الكلام السلبي دافعاً لنحقق أحلامنا.. مثلنا مثل سائر البشر!”.
انجزت هذه القصة ضمن سلسلة مقالات بدعم من برنامج قريب، وهو برنامج اقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية (CFI)