في حلبجة.. نساء كاكائيات في مناصب قيادية
المنصة- رنكين سلام
قبل شروق الشمس تنطلق الطبيبة البيطرية “دلينا” إلى مذبح الحيوانات العام في المدينة لفحص الأبقار والأغنام التي يذبحها القصابون وتباع بعدها في أسواق حلبجة.
تسكن دلنيا فاروق ابراهيم في محافظة حلبجة منذ 14 عاماً، بدأت عملها في مذبح الحيوانات كموظفة، وهي الآن مديرة المؤسسة وواحدة من النساء الكاكائيات اللواتي يتولين مناصب قيادية في اقليم كردستان.
تحرص الطبيبة البيطرية منذ تسلمها منصبها على التواجد باكراً قبل كل الموظفين العاملين في المؤسسة وتؤكد على أنهم جميعاً يعاملونها بجديّة واحترام “فاذا أرادت المرأة العمل وصممت على ذلك لن يقف في طريقها أي عائق” تقول.
والكاكائية أقلية دينية تعيش شمال العراق وإيران وتشتكي من التهميش حال معظم الأقليات الأخرى.
ووفقاً لآخر إحصائية غير رسمية لمنظمة ميثرا، يبلغ عدد أتباع هذه الديانة في العراق أكثر من 120 ألف نسمة، يتوزعون على مناطق سهل نينوى والسليمانية وأربيل وخانقين وكركوك وديالى ومدن أخرى من بينها حلبجة التي يعيش فيها ثلاثة آلاف كاكائي.
وبموجب قانون إدارة حلبجة في اقليم كوردستان العراق يمتلك أتباع الكاكائية مقعداً في برلمان الإقليم ويمثلون في مجلس المحافظة لكن لم يتم تشكيل المجلس بسبب الصراع السياسي في المحافظة.
بالرغم من شكاوى التهميش ارتفع في العامين الماضيين عدد السيدات الكاكائيات اللواتي تقلدن مناصب رفيعة بحسب الطبيبة البيطرية ونساء قياديات قابلهنّ موقع “المنصة”.
“جيا قاسم حمة سليم” سيدة كاكائية تتولى هي الأخرى منصب المديرة العامة للسياحة في حلبجة تؤكد أن النساء قادرات على شغل كافة المناصب التي يحتلها الرجال بنفس الكفاءة، “بل إن المرأة في مجتمعنا تتولى مسؤوليات أكثر من الرجل بما فيها تدبير المنزل وهي قادرة على إدارتها”.
وفي السياق نفسه ترى “كانياو رفعت غفار” وهي عميدة المعهد التقني في حلبجة ومن الأقلية الكاكائية أن حضور المرأة الكاكائية تميّز في الآونة الأخيرة على مستوى المواقع الإدارية والقيادية.
تقول غفار: “ليس من المتاح بسهولة ان تتسلم المرأة العراقية منصباً رفيعاً لكن محافظة حلبجة أتاحت الفرصة لكثير من النساء كي يثبتن قدراتهن القيادية ويبدعن في مجالات العمل المختلفة” مشيرة إلى أن “النساء هنا في حلبجة لعبن تاريخياً دوراً قيادياً في المجتمع بخلاف مدن أخرى في إقليم كردستان”.
إحدى النماذج النسائية الكاكائية في المحافظة هي “ئاواره نوروز” مديرة مركز التوحد، والتي كرست نفسها منذ سنوات للعمل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
تعتبر نوروز الدور الذي تقوم به من الأعمال الشاقة والمسؤوليات الحساسة، “فعائلات الأطفال من أصحاب التوحد تثق بنا وترسل أولادها إلى مركزنا كي نرعاهم ونهتم بهم، وهي مسؤولية كبيرة تتطلب تأهيلاً وخبرة ودقّة في التعامل”.
بخلاف هذه النماذج التي يعرضها التقرير تشتكي نساء كاكائيات أخريات من التمييز بحقهن في الحصول على المناصب فقط لأنهن كاكائيات، لكن نوروز تختلف مع هذا الرأي مؤكدة أن النساء هنا لم يستلمن مناصبهن بسبب ديانتهن بل بسبب تفانيهن في العمل.
تقول مديرة مركز التوحد “أنا استلمت هذا المنصب عن طريق ارسال سيرتي الذاتية ودخلت منافسة شرسة مع عدة شخصيات مؤهلة ، لكن كانت سيرتي الذاتية هي الأنسب لهكذا منصب”.
في نفس الاتجاه تذهب عميدة المعهد التقني في حلبجة كانياو رفعت غفار التي ترى أن “الديانة لا تلعب دوراً في تولي المناصب وعلى السيدات أن يثقن بأنفسهن ولا يضعن مخاوف مسبقة تحد من طموحهن”.
أما الطبيبة دلنيا فاروق ابراهيم، مديرة المذبح التي تتولى أيضاً مسؤولية اللجان المشتركة في قائمقامية حلبجة وتذهب كل يوم للتفتيش في الاسواق و المحلات على الاطعمة المنتهية الصلاحية، فهي لا تختلف في رأيها عن الآراء السابقة، تقول: “كوني كاكائية أو مسلمة أو مسيحية، لا فرق، المهم أن تعرفي كيف تتقنين عملك”.
أنجزت هذه القصة ضمن سلسلة مقالات بدعم من برنامج قريب، وهو برنامج اقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية (CFI)