الدراما العراقية تثير جدلاً واسعاً وأبطالها مشاهير السوشال ميديا

بغداد- منتظر الخرسان

أثارت أعمال معروضة في الموسم الدرامي الرمضاني الجاري جدلاً واسعاً بسبب ظهور مشاهير عراقيين في وسائل التواصل الاجتماعي كممثلين بارزين فيها بينما ووجهت أعمال اخرى بانتقادات متعددة كالمسّ بالمقدسات والمعتقدات الدينية أو الإساءة إلى فصائل المقاومة العراقية أو التعدي على حقوق الملكية الفكرية والأدبية.

اللعبة التجارية

يجد نقاد دراميون متخصصون أن لجوء شركات الإنتاج مؤخرا لمشاهير التواصل الاجتماعي وزجهم في الدراما لم يكن نابعاً من موهبة هؤلاء المشاهير ولا من درايتهم بالتمثيل إنما لكثرة متابعيهم ولقدرتهم على تسويق المنتج الفني.

المختص في مجال المسرح ورئيس جماعة الناصرية للتمثيل الدكتور ياسر البراك في حديثه للمنصة يرى أن لجوء صناع الدراما العراقية في شهر رمضان لشخصيات مشهورة على مواقع السوشيال ميديا هو جزء من لعبة تجارية تقف وراءها الجهات المنتجة بهدف تسويق الأعمال والحصول على اكبر عدد من المشاهدات.

يكمل البراك بان “هذه الأعمال الفنية اسوف تعمل على تلميع صورة مشاهير السوشال ميديا حتى لو كانوا ينتجون محتوى هابطاً، وسوف تقدمهم على أنهم فنانين يحملون رسالة”.

ويأسف البراك لانسياق الدراما العراقية خلف هذه اللعبة التجارية على حساب المضامين الفنية وعلى حساب شخصية الفنان نفسه على حد وصفه، وبرأيه “فإن الامر يحتاج الى وقفة ونقاشات لسن تشريعات قانونية تحمي الفن من الابتذال”.

الكاتب المسرحي علي عبد النبي الزيدي الفائز بجوائز مسرحية عربية ودولية عديدة يبيّن للمنصة أن فن التمثيل يرتكز على أمرين هما الموهبة والدراسة العلمية الذي يبذل فيها الفنان جهداً لتعلم أساسيات التمثيل وبعدها يدخل هذا المعترك ويبقى يعمل سنيناً قبل ان يحظى بالنجومية.

لكن هذه الأعراف الفنية بحسب الزيدي بدأت تختفي في السنوات الاخيرة من الساحة العراقية والعربية “فصارت شركات الانتاج تبحث عن أصحاب اللايكات وتنحّي جانباً نجوم الفن الذين أفنوا سنوات من عمرهم في صناعة اسمائهم”.

ويعتقد الزيدي أن الشخصيات التي اكتسبت شهرتها على مواقع التواصل الاجتماعي سرعان ما سينطفئ نجمها “فهم في النهاية أشخاص ذوو مواهب محدودة في التمثيل ولن يمكنهم الصمود أمام أدوار مركّبة تتطلب دراية فنية ومهارة في فنون الأداء”.

المساس بالأديان

ما أن عرضت المحطات العراقية والعربية الحلقات الاولى من مسلسل عالم الست وهيبة (الجزء الثاني) حتى أعربت شخصيات دينية وبرلمانية عن استنكارها لاستخدام أسماء ذات دلالة مقدسة في هذه الأعمال.

المسلسل العراقي كان قد عرض إحدى الشخصيات الشريرة فيه تحمل اسم “مهيدي أبو صالح”، فاعتبر متابعون أن الاسم قريب من اسم الإمام الثاني عشر لدى أتباع المذهب الشيعي (الإمام المهدي الذي يكنى بأبي صالح)، لتخرج تصريحات من القائمين على العمل الفني تؤكد أن التسمية لم تكن مقصودة على هذا النحو.

المسلسل نفسه واجه أزمة أخرى أدت إلى إيقافه بضعة أيام بأمر من محكمة بداءة الأعظمية بناء على دعوى مقامة على الشركة المنتجة وقناة UTV طالب فيها المؤلف صباح عطوان بإيقاف عرض العمل لانه لم يحصل على مستحقاته المالية، واستمر الايقاف لعدة ايام إلى أن تمت التسوية المالية بين الأطراف المتنازعة.

في السياق نفسه خرج أبو جسام الهليجي وهو شاعر شعبي عبر موقعه على التيك توك يكشف عن استخدام اشعار كان قد نظمها في فترة سابقة في مسلسل “وطن 2” دون إذن منه، ورغم محاولته التواصل مع مخرج المسلسل والقناة التي قامت بعرضه لكنه لم يتلق أي رد على حد قوله، مؤكداً أنه سيلجأ إلى القضاء للحصول على حقه.

انتقادات بالجملة 

“وطن2” أثار أيضاً ردود فعل سلبية لدى أصحاب المولدات الكهربائية إثر عرضه مشهد لفنانة تنتقد شخصاً يعمل في مهنة تشغيل المولدة الكهربائية الاهلية، ما دفع النقابة العامة للميكانيك والطاقة للخروج ببيان يحمّل القناة ومنتجي المسلسل الأضرار النفسية التي قد تلحق بأصحاب المولدات معتبرين هذا العمل إساءة واضحة لجميع أصحاب المولدات.  

لم تنته موجة انتقادات “وطن 2” عند هذا الحد، فالمسلسل عرض مشهداً حوارياً بين مواطنة عراقية وشخص يمثل المقاومة الاسلامية في العراق خلال فترة بعد سقوط النظام السابق قالت فيه ان استهداف المقاومة لقوات الجيش الامريكي داخل الاحياء السكنية يتسبب بمقتل الابرياء.

هذا المشهد دفع مغردين لاعتباره اساءة لجيش الامام المهدي التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فهو الذي كان في مواجهة الاحتلال بعد عام 2003 وسط بغداد ومحافظات الوسط والجنوب مما دفع بالمخرج حمزة أبو خمرة في مقطع فديوي لنفي هذه الاتهامات قائلاً إنه لم يقصد الاساءة لجيش المهدي وأن ما تم الترويج كان جزءاً مقتطعاً من سياق أوسع.

ورغم كل الانتقادات التي أثارها الموسم الرمضاني العراقي، وصفت نقابة الفنانين العراقيين زيادة عدد الأعمال الدرامية المقدمة في هذا العام والذي وصل إلى 25 عملاً بـ “الإنجاز الكبير”. أما بخصوص دخول أبطال السوشال ميديا إلى ساحة الدراما فرأى نقيب الفنانين جبار جودي أن ظهورهم  مجرد “أمر عابر” وأن من يملك موهبة حقيقية سوف يبقى و”هناك من سوف يُكتشف زيفه لاحقاً”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى