شاب بغدادي يأوي 170 قطة معاقة تعرضت للتعنيف
بغداد – سارة القاهر
في هذا المكان قطط بعيون مفقوءة وأخرى بأذرع أو أرجل مبتورة، ولاتعدم أن تشاهد أخرى مقطوعة الذيل والبعض منها أوصلته إصاباته للإعاقة التامة.
هذا المشهد المؤلم سرعان ما يتحول إلى شعور مختلف عندما ترى هذه الكائنات المسكينة تتجمع باطمئنان حول ميثاق العبيدي، الشاب الثلاثيني الذي أنقذ حياتها ووفر لها الحماية، تقترب منه وتلاعبه بينما يناولها حصتها من طعامها المفضل.
المبادرة الفريدة من نوعها التي أطلقها الشاب البغدادي تهدف إلى إيواء القطط والحيوانات السائبة التي تعرضت للتعنيف حيث يقوم بعلاجها ومداواتها باشراف أطباء بيطريين.
أكثر من 170 قطة مصابة وعدد آخر من الكلاب آواها هذا الشاب منذ العام 2016 بجهد فردي يؤهله للدخول الى عالم الأرقام القياسية.
يقول العبيدي عن مبادرته: “كنت أتألم حين أشاهد أحدًا يؤذي قطة أو يضربها أو يقوم بتعذيب حيوان، فأهرع لالتقاط الحيوانات المصابة، وخاصة القطط، آتي بها إلى البيت من أجل علاجها وإطعامها”.
ويضيف: “حين أصبح عدد القطط والحيوانات كبيرًا لم يعد هناك متسع في البيت، فقمت بتأجير شقة بمساحة 150 مترًا مربعًا، وأعددت أماكن وأطعمة مناسبة لهذه القطط والكلاب”.
مهمة العبيدي تبدو ثقيلة مع هذا العدد من الحيوانات المصابة، خاصة أن بعضها بحاجة إلى عمليات جراحية لربط أذرعها المكسورة، وهناك منها ما لا تجدي العمليات الجراحية معها نفعًا، مما يضطر الأطباء البيطريين إلى بتر أذرعها أو أرجلها المصابة.
يقول العبيدي “أغلب الحيوانات التي آويتها كانت من القطط وعدد قليل من الكلاب السائبة”، مبينًا أن “أغلب الإصابات التي تتعرض لها هذه الحيوانات الضعيفة تكون عن طريق ضربها بحجارة صلدة في الرأس فتُصاب بنزيف داخلي، مما يجعلني أهرع سريعًا لأخذها إلى أقرب عيادة بيطرية، وبعد ذلك أعود بها إلى الشقة وأبدأ بمعالجتها وفق توصيات الطبيب”.
أن يكرس أحد جهوده لهذا العدد من القطط والكلاب فهذا أمر فريد واستثنائي، لأن هذه الحيوانات تستنزف كثيرًا من الوقت والمال، خاصة وأن صاحب الـ170 قطة لا يتلقى دعمًا حكوميًا أو من منظمات معنية، باستثناء دعم محدود من بعض متابعيه على صفحات التواصل الاجتماعي كما يؤكد.
فهل ما يقوم به العبيدي هواية تستحق هذا الجهد والمال، أم ثمة هواجس إنسانية حبيسة داخل نفسه تجاه هذه المخلوقات، تدفعه بشدة للاهتمام بها وتحمل جميع هذه النفقات المالية التي تترتب على إطعامها وعلاجها وتنظيفها؟
يوضح العبيدي، “لقد كرست نفسي لهذه الحيوانات وأنا أشعر بالسعادة تفيض في داخلي حين يغمرني المتابعون بدعمهم المعنوي لي”.
ويواصل، “أتمنى أن ألقى دعمًا حكوميًا بتخصيص قطعة أرض كبيرة لجمع أكبر قدر ممكن من الحيوانات المعنفة”.
يؤكد العبيدي أن مبادرته “تنهض على أسس إنسانية بحتة” وأن “الرحمة مزروعة في دواخلنا، لكن ثمة من يحسن ترجمتها ضمن سلوكيات أو مبادرات تخرجها إلى العلن”، يقول.
ويشير إلى أن الحيوانات تحتاج إلى اهتمام ومراقبة طوال اليوم، “أقوم بتبديل الرمال لها وإطعامها 3 وجبات في اليوم، وهناك قطط مصابة بإعاقة تامة أقوم بتلبيسها حفاظات خاصة بها وبتبديلها 4 مرات في اليوم”.
أما القطط والكلاب التي جلبها فتتسلم رسالة الحنو والطريقة الرقيقة التي يعاملها بها، فترد إليه الجميل بهز ذيولها وبالاستجابة السريعة لما يطلب منها.
يشعر العبيدي ببهجة غامرة حين يسمع الناس يدعون له ولوالدته بالموفقية والنجاح، ويقول: “هذا الدعاء يكفيني ويجعلني في حصن من جميع المكاره، ويغمرني بسعادة كبيرة”.
نسأله كيف يحمي نفسه من الأمراض وهو يعيش مع هذه الحيوانات، فيؤكد على عدم وجود أي خطر صحي عليه أو مرض انتقالي بينه وبينها، “فجميع نزلاء هذا المكان خضعوا لفحوصات طبية ويتلقون طعومًا ولقاحات دورية تحميهم من الأمراض”، يقول.
بينما يتجول بين حيواناته المعاقة يطعم هذه ويلاعب تلك، يوجه العبيدي رسالة إلى الجهات المعنية بضرورة تفعيل قانون حقوق الحيوان ووقف إبادة الحيوانات السائبة، معربًا في الوقت نفسه عن أمله في أن تتسع مبادرته هذه وتتبناها جهات عديدة في عموم البلاد.