رحلة مريم صلاح: إصرار وتفوق في عالم الريشة الطائرة

المنصة – غدير الخنجر

في قاعة تدريب النادي الآثوري في منطقة الكرادة ببغداد، تعلو صرخات التشجيع لمريم صلاح، الفتاة العشرينية التي تمارس لعبة كرة الريشة منذ كانت في الثامنة من عمرها، حين بدأت التدريب على يد والدها الذي ما زال يدعمها حتى اليوم.

تتمايل مريم يمنةً ويسرى مع مضربها لتصد الضربات التي يسددها لها والدها وتغير مكانها بسرعة كبيرة لتتغلب على مدربها العنيد الذي أوصل ابنته إلى مكانة متميزة، حيث حصدت جوائز محلية ودولية عدة بتشجيعه وتدريبه.

تقول مريم للمنصة وهي تمسك بالريشة والمضرب في استراحة قصيرة قبل أن تباشر تدريبها مرة أخرى: “حصلت على تشجيع كبير من أهلي، وكان والدي يساعدني كثيراً في التدريب. كما حصلت على تشجيع زملائي وزميلاتي في الجامعة، وهذا الأمر دفعني للتقدم أكثر”.

بدأ والد مريم بتدريبها على لعب كرة الريشة وهي في الخامسة من عمرها، وتألقت مريم في هذا المجال حتى تمكنت من حصد العديد من الجوائز المحلية والدولية، فحصدت المركز الأول في بطولة غرب آسيا في لبنان عام 2022، ودورة الأولمبيات العربية في الجزائر عام 2023، وبطولة الفجر في إيران عام 2022، كما حصدت ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في بطولات عراقية وأخرى تُنظَّم على مستوى الجامعات. 

ورغم قلة عدد النساء اللواتي يدخلن عالم الرياضة في العراق، فإن نشأة مريم العائلية ساعدتها كثيراً على الوصول إلى هدفها، فقد مكنها دعم أسرتها من المشاركة في بطولة بغداد لكرة الطائرة وهي في الثامنة من عمرها وأحرزت المركز الأول.

تقول مريم: “بدأ الاتحاد العراقي للريشة يركز على موهبتي مبكراً، وذهبت إلى معسكرات تدريبية خارج العراق. وكان أول معسكر لي في ماليزيا. واجهت الكثير من الخوف والتعب، لكن في النهاية استطعت التغلب عليه”.

يذكر صلاح، والد مريم، أن شغفه برياضة الريشة بدأ منذ كان في الرابعة عشرة من عمره، وقرر أن يكرس حياته لهذا الشغف إلى أن أصبح لاعباً محترفاً ومن ثم مدرّباً، فكرس وقته لتدريب ابنته منذ صغرها. ويشير إلى أن مريم أظهرت موهبة فريدة منذ التحاقها بالنادي في سن مبكرة، حيث ساعدها تركيزها العالي على تحقيق الألقاب وحصد الميداليات.

أما الرياضية الشابة فتعلق على كلام والدها بالقول إنها تطمح إلى المشاركة في المزيد من المعسكرات التدريبية لرفع لياقتها البدنية وتركيزها في صد وضرب الريشة، وتسعى لتحقيق المزيد من الجوائز والكؤوس. كما تطمح لدراسة الرياضة لتصبح مدربة مثل والدها، وتساعد الفتيات على دخول مجال الرياضة النسوية وتشجيعهن على ذلك.

وتوضح مريم أن ضعف دعم العائلات لبناتهن في مجال الرياضة النسوية يشكل عائقاً كبيراً أمام اكتشاف المواهب الرياضية النسوية. بالإضافة إلى القيود الاجتماعية المفروضة على النساء والبنات وعدم توفر أماكن ملائمة لتدريبهن. 

إلا أنها تشير إلى أن العديد من النساء تمكنّ من تجاوز هذه التحديات والتفوق في هذا المجال، وحصلن على جوائز دولية، وتقول إن “نجاح المواهب النسوية ما زال حاضرا في الساحة الرياضية العراقية، رغم التحديات المجتمعية التي تعرقل تطور الرياضة النسوية في البلاد”.

صلاح، الذي يشعر بالفخر تجاه ابنته مريم، يسترجع ذكرياته الطويلة وآلاف الساعات التي قضاها في تدريبها، مشيراً إلى أصعب التحديات التي واجهتها كانت إصابتها خلال بطولة الفجر الإيرانية. 

“لم تتمكن مريم آنذاك من التدرب بشكل كافٍ قبل البطولة بسبب الإصابة، لكنها أظهرت إصراراً لا مثيل له، وشاركت في البطولة رغم ألم يدها وبفضل عزيمتها حققت المركز الأول”. ويضيف صلاح أن إيمانه الكبير بقدرات ابنته، إلى جانب دعم ناديها، كانا مفتاحين لتجاوز تلك الصعوبات وتحقيق هذا النجاح.

مريم من جهتها تؤكد أنها لن تكتفِ بهذه الإنجازات، بل تطمح للاستمرار في التدريب وبذل المزيد من الجهد لحصد المزيد من الجوائز في المستقبل. 

طموحها لا يقتصر فقط على مسيرتها الشخصية، فهي تريد ان تكون مصدر إلهام ودعم للفتيات اللواتي يرغبن في دخول عالم الرياضة النسوية. “آمل أن أساهم في تشجيع المزيد من الفتيات على الانخراط في هذا المجال، ليساعدن في تطوير الرياضة النسوية في العراق، رغم التحديات المجتمعية التي نواجهها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى