تسهيلات حكومية وإقبال متردد على تداول السيارات الهجينة

بغداد – سارة القاهر
على الرغم من التسهيلات الحكومية التي تم تقديمها لتشجيع المواطنين على اقتناء السيارات الهجينة يتردد يحيى كاظم إبراهيم، 35 عاماً، من سكان منطقة الشعب في بغداد، في بيع سيارته “الدوج” التي تعمل على الديزل وشراء سيارة “تويوتا كورولا” الهجينة ولا يزال يحيى يفكر ملياً في هذا القرار.
وكانت الحكومة قد أصدرت قرارها المرقم 415 لسنة 2019، الذي يقضي بتخفيض الرسوم الجمركية على المركبات الهجينة بنسبة 100% للسنة الأولى و50% للسنة الثانية. وفي عام 2022، صدر القرار رقم 13 الذي يعفي السيارات الهجينة والكهربائية من الرسوم المرورية ورسوم لوحات التسجيل، في محاولة لجذب السائقين نحو هذا النوع من السيارات الصديقة للبيئة.
يمتلك ابراهيم خبرة طويلة في مجال بيع وشراء السيارات، لكنه هذه المرة يخشى المغامرة، والسبب يعود إلى عدم قناعته بجدوى سيارات الهايبرد في العراق.
يقول إبراهيم في حديثه “للمنصة”: “هذا النوع من السيارات لا يصلح للطرق الخارجية بين المحافظات بسبب سرعتها المحددة بـ 60 كم/ساعة، وإذا تجاوزتها، سيتحول محرك السيارة تلقائياً إلى البنزين بدلًا من الكهرباء. في حين يتطلب السير على الطرق الخارجية سرعات لا تقل عن 100 كم/ساعة”.
ويشير إبراهيم إلى “عدم توفر قطع الغيار أو وكلاء يمكنهم إصلاح هذه السيارات إذا تعرضت للعطل”، منوهاً إلى أنه “في حال توفرت الأدوات الاحتياطية وقطع الغيار، فستكون أسعارها باهظة وستقتصر على شركات معدودة”.
ويسود اعتقاد لدى شريحة واسعة من أصحاب السيارات بعدم فاعلية السيارات الهجينة في العراق، “لقد صُنعت لبلدان لا تنطبق مواصفاتها على بلادنا”، يرى ابراهيم، موضحاً أن البطاريات لا تتحمل درجات الحرارة العالية، ويجب تشغيل التبريد في السيارة دائماً لتعمل المراوح الموجودة على تبريد البطاريات المثبتة تحت المقعد الخلفي.
كريم لازم، 55 عاماً، أحد أصحاب المعارض في منطقة البياع بالعاصمة بغداد، يخشى هو الآخر مما وصفه بـ “المجازفة” بشراء أعداد كبيرة من السيارات الهجينة وذلك لصعوبة بيعها في معرضه.
ويضيف تاجر السيارات البغدادي أن “هناك تحريكاً لسوق هذه السيارات في الآونة الأخيرة، خاصة بعد ارتفاع سعر البنزين في محطات التعبئة لكن ليس هناك ضمانات أن يستمر الاقبال على شرائها” مؤكداً على أن “هذا النوع الاقتصادي من السيارات مصمم لأغراض خاصة ومحدودة للغاية”.
وبحسب خبراء، فإن سيارات الهايبرد التي تعمل على البنزين والكهرباء تم تصميمها لتقليل استهلاك البنزين، كما أن هناك سيارات أخرى أقل انتشاراً تعمل على الشحن الكهربائي فقط.
وشهدت السيارات الهجينة (الهايبرد) مؤخراً تشجيعاً حكومياُ لحث المواطنين على اقتنائها لأسباب عديدة، منها أنها اقتصادية وصديقة للبيئة وصغيرة الحجم، بالإضافة إلى الرغبة في تخفيف العبء المتزايد في استهلاك البنزين الناتج عن كثرة السيارات العاملة بالبنزين.
وصنّف تقرير أمريكي في آذار (مارس) الماضي العراق كأكثر الدول العربية تلوثاً في الهواء، وجاء في المرتبة ما قبل الأخيرة في التصنيف الدولي.
ولتشجيع المواطنين على اقتناء السيارات الهجينة، أصدرت الحكومة قرارات في السنتين الماضيتين بتخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على المركبات الهجينة و إعفاءات من الرسوم المرورية.
وأوضح المتحدث باسم وزارة التجارة، محمد حنون، في تصريح خاص “للمنصة”: “أن الشركة العامة لتجارة السيارات، بالتنسيق مع شركات القطاع الخاص، قامت باستيراد أنواع عديدة من السيارات الهجينة (الهايبرد) مثل الكامري والكيا سبورتاج وغيرها، وهي تباع حالياً في جميع المراكز التابعة للشركة” مشيراً إلى “الدعم الذي تقدمه وزارة التجارة للشركات بهدف تشجيع المواطنين على اقتناء هذه السيارات، من خلال إصدار إجازات استيراد وتسهيلات أخرى”.
“سيتم الاعتماد على سيارات الهايبرد في العراق خلال الفترة المقبلة، وستكون هذه السيارات هي الأساس في عمليات البيع والشراء في السوق المحلية”
وأعرب حنون عن الأمل في “زيادة أعداد هذه السيارات، كونها تحافظ على البيئة”. وأكد أن “الوزارة تخاطب الوزارات والجهات الحكومية بخصوص توفير حاجتها من سيارات الهايبرد، حيث تقوم الشركة العامة للسيارات بفحص النوعيات المستوردة للعراق بواسطة فرق فنية متخصصة”.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة على إيجابيات استخدام السيارات الهجينة من الناحية الاقتصادية، يرى اقتصاديون أنه لا فرق كبير بينها وبين السيارات الأخرى من ناحية الإنفاق.
وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي علي دعدوش في تصريحات خاصة “للمنصة”: “إنه بغض النظر عما إذا كانت السيارات تعمل بحرق الوقود أو بالكهرباء، فإنه لا يوجد فرق في الإنفاق” مشيراً إلى أن “الإنفاق الحكومي يتم عبر تخصيصات الصيانة وغيرها”.
وأضاف دعدوش: “السيارات الهجينة يمكنها الإسهام في تحسين البيئة، وهو ما يدفع الحكومات لاستيراد سيارات صديقة للبيئة، خاصة مع ارتفاع نسب التلوث ودرجات الحرارة”.
ويهدف استيراد أعداد كبيرة من سيارات الهايبرد من قبل الشركة العامة لتجارة السيارات وشركات القطاع الخاص، لجذب المواطنين لاقتنائها، حيث يستخدمها البعض في خدمات توصيل الأدوية والملابس والطعام وغيرها، رغم ندرة توفر ورش الصيانة وقطع الغيار، وصعوبة بيعها، كما يحذر ميكانيكيون من إصلاح السيارات الهجينة من قبل غير المختصين.
ويلفت مهندس الميكانيك أكرم حسن العاني، 49 عاماً، صاحب ورشة صيانة في بغداد إلى “ندرة وجود ورش أو وكالات صيانة متخصصة بسيارات الهايبرد في العراق، بالإضافة إلى عدم توفر البطاريات والأدوات الاحتياطية الأخرى”.
لكن الحال لن يدوم على هذا النحو في المستقبل بحسب العاني الذي يوضح: “سيتم الاعتماد على سيارات الهايبرد في العراق خلال الفترة المقبلة، وستكون هذه السيارات هي الأساس في عمليات البيع والشراء في السوق المحلية”.
وأضاف أن “القوة الكهربائية التي تعمل بها بطاريات سيارات الهايبرد تبلغ 280 فولت، أي أعلى من قوة الكهرباء المستخدمة في المنازل، ما يتطلب وجود متخصصين قادرين على التعامل معها خلال الصيانة.” مشدداً على ضرورة “توفير محطات شحن عامة في المناطق لتزويد هذا النوع من السيارات بالطاقة الكهربائية، مع أهمية توفير وكلاء لبيع قطع الغيار والأدوات الاحتياطية”.
وعلى الرغم من التسهيلات الحكومية والتوقعات الإيجابية من بعض المختصين بأن السيارات الهجينة ستكون سيارات المستقبل، إلا أن عمليات البيع والصيانة تبقى من أبرز التحديات التي تواجه هذا النوع من السيارات في العراق حالياً.