دعاء علي طالب الموسوي: أول امرأة تقود مؤسسة إعلامية في ذي قار
المنصة – ذي قار
منذ صغرها كانت دعاء تقلب الصحف الرياضية وتستمع إلى البرامج الإذاعية المحلية التي تلتقي بوالدها الكابتن الدولي علي طالب الموسوي كانت تعلم انها ستصبح جزءاً من عالم الإعلام، فالطموح بأن تكون هي من يجري اللقاءات ويسلط الضوء على الأحداث الرياضية التي كانت تشغل كل تفكيرها كان يرافقها لمدة طويلة.
اليوم أصبحت تلك الشابة أول امرأة تقود مؤسسة إعلامية مؤثرة في محافظة ذي قار فهي اليوم تجلس في مكتبها المزدحم بالاوراق والاتصالات والشاشات المتعددة، تتابع عن كثب سير العمل في المؤسسة التي تديرها بكل كفاءة متحدية الصعاب ومتحلية بالحكمة والقدرة على إدارة فريق عمل من عشرين موظفاً.
تقول دعاء “كان والدي اكبر الداعمين لي، وكنت اجري معه ومع والدتي لقاءات افتراضية استخدم فيها مشط شعري كمايك، انها ذكريات لا تمحى من ذاكرتي، حتى حينما كبرت واحترفت الاعلام كان يستمع الي ويناقشني في البرامج التي اقدمها ويقدم لي النصائح”.
بدأت دعاء رحلتها الإعلامية منذ بداياتها الأولى عندما كانت تطالع الصحف الرياضية وتستمع إلى البرامج الرياضية فكان لديها ولع كبير بالرياضة لدرجة أنها حفظت أسماء اللاعبين الأجانب واطلعت على أدق التفاصيل وكانت تحاكي مقابلات إذاعية باستخدام “مشط” شعرها كـ”مايك”، حيث كانت تجري حوارات خيالية مع أفراد عائلتها.
كان صوتها المميز هو المفتاح الذي فتح لها باب الإعلام بدأت تجربتها كمستمعه في إحدى الإذاعات المحلية، قبل أن تتطور تدريجياً إلى مذيعة، لتقدّم برنامجاً صباحيا، وهو أول ظهور لها على الهواء ورغم أنها كانت مبتدئة، أظهرت دعاء تميزاً واضحاً منذ البداية، ما جعلها تترك بصمة مميزة في الإذاعة.
بين عامي (2006-210) كانت ذي قار تحتضن ثلاث إذاعات محلية، شملت مواضيع اجتماعية، سياسية، وثقافية ومع مرور الوقت، في ذلك الوقت عملت الشابة الجنوبية مع إذاعة الحبوبي التي عملت بها قرابة ثلاث سنوات انتقلت بعدها إلى إذاعة الناصرية، حيث بدأت في 2011، لتغطّي في حينها أكبر الأحداث الأمنية التي وقعت هناك وهي حادثة التفجير الذي استهدف عددا من زائري مرقد الحسين المتوجهين من الجنوب الى كربلاء.
وتقول عن تلك الحادثة “كانت نقطة فارقة في حياتي حيث بقيت لأكثر من ساعة ونصف في بث مباشر من موقع الحادث، انها أيام لا تنسى ابدا، ان تواجدي بين الناس جعلني قريبة منهم دائما”.
كانت دائماً ما تكون قريبة من الناس فهي تتواجد في الأسواق والدوائر الحكومية ضمن ميدان عملها وتجتمع مع افراح العوائل وآلامهم ومشاكلهم وآمالهم كل هذا جعلها صورة حية للواقع المحلي، وقريبة من هموم المواطنين.
التحدي الأكبر في حياتها الإعلامية، عندما اختارها مجلس إدارة إذاعة وتلفزيون الناصرية لتكون أول امرأة تتولى الإدارة التنفيذية منذ عام 2018، بدأت دعاء بمواصلة مسيرتها القيادية والإعلامية، محققة نجاحات جديدة في الإشراف على البرامج وخلق محتوى إعلامي مبتكر، بهدف منافسة المؤسسات الإعلامية الأخرى.
لكن التحدي الأكبر جاء خلال تظاهرات تشرين 2019 التي كانت مركز مدينة الناصرية ايقونتها وكان عليها نقل الحقيقة بكل حياد ومهنية وسط الوضع السياسي الصعب كانت دعاء قادرة على التعامل بحكمة مع الأحداث، وتمكنت من نقل صورة حقيقية للمحتجين، دون تمييز أو تحيز وعينها الامينة على كادرها فسلامتهم هو الاهم من نقل الخبر، هذا النجاح جعل مؤسستها الإعلامية تكون من المؤسسات الوحيدة الموثوق بها، حيث اعتمدت القنوات الفضائية على معلوماتها للتحقق من الأخبار.
ادارة الموسوي للمؤسسة الإعلامية لم تمنعها من الانغماس في جميع جوانب العمل الإعلامي، بل جعلتها تتنقل بين الأدوار المختلفة بكفاءة عالية فهي لا تكتفي بالإشراف على سير العمل، بل تقتحم أحيانًا عالم تقديم البرامج بشكل مباشر، وتخوض اللقاءات مع الضيوف بقدرة على التأثير والإقناع وإذا اقتضت الحاجة، تخوض تجربة الإخراج لتظهر بمهارات فنية وإدارية متميزة، ما يجعلها أكثر من مجرد مديرة، بل شاملة في أدائها.
ورغم أن شهادتها الأكاديمية ليست في مجال الإعلام، فإن شغفها الكبير بهذا المجال وحبها له كانا المحركين الرئيسيين وراء طموحها هذا العشق دفعها لتصبح امرأة تطمح إلى النجومية، وتساهم في تطوير مهاراتها الإعلامية لتصبح من الأسماء اللامعة في هذا المجال في مدينتها فهي اول سيدة تدير مؤسسة اعلامية.
وأكثر من ذلك، أصبح مكان عملها مركزًا لتدريب طلبة كلية الإعلام، حيث تقود المحاضرات التدريبية داخل المؤسسة، منتقلة من موقع المديرة إلى موقع المعلمة التي تزرع في أذهان الشباب المهارات العملية اللازمة للعمل في مجال الإعلام، خاصة في مجالات التقديم. وبذلك، تواصل دعاء الموسوي ترك بصمتها الإعلامية والفنية في كل مجال تعمل فيه.
أنجزت هذه القصة ضمن سلسلة مقالات بدعم من برنامج قريب، وهو برنامج اقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية (CFI)