مصابون بـ”كورونا” يتحفظون خوفا من العار وهاربون من الفحص يخشون العزل

ذي قار – علاء كولي

“لا أريد أن أموت وأدفن في الصحراء، أرجوكم، أتركوني”، هذه أخر كلمات قالها شاب مشتبه بإصابته بفايروس كورونا، خلال ملاحقته من قبل الشرطة، بعد هروبه من التشخيص الأولي في أحدى مستشفيات محافظة ذي قار، والتي قررت عزله لحين التأكد من خلوه من الإصابة.
“طوال الطريق ونحن نركض خلفه، نحاول أن نطمئنه بأنه غير مصاب بالمرض، حتى تخرج نتائج الفحص، لكنه كان يصر على الهرب، أخبرناه بأنه قد يؤذي غيره، وعليه الالتزام بالإجراءات الصحية، كان يخاف دخول المستشفى” يقول أحد المنتسبين الذين طاردوا الشاب الهارب.
يضيف علي عماد وهو منتسب أمني لـ”المنصة” ان “الكثيرون من المشتبه بإصابتهم بالمرض، نشاهد الخوف على وجوههم لحظة دخولهم المستشفى، لأنهم يبقون بالعادة يوم كامل لحين ظهور النتائج، حيث يتم عزلهم في أماكن خاصة لا يمر بها أحد وتبدو موحشة”.
ويؤكد بأن “المضحك في الأمر كله، ونحن نحاول استعادة الشاب المشتبه به ومخاوفنا من احتمال وجود الإصابة لديه، لكن نتيجة فحصه كانت سالبة ولم يكن هناك داع للذعر الذي سببه في المدينة”.


محافظة ذي قار سجلت وفاة سيدة تبلغ من العمر (56) عاما، مصابة بفايروس كورونا، سبق وأعلن عن إصابتها مساء الخميس، ليٌعلن عن وفاتها صباح الجمعة، بسبب خوفها وهلعها من الإصابة، بحسب ما أكده مصدر طبي.
وحتى يوم الجمعة، سجلت محافظة ذي قار خمسة حالات إصابة بفايروس كورونا، شٌفي إثنان وتوفي آخران، وحالة وحيدة، تخضع للعلاج في مكان الحجر بمستشفى الحسين التعليمي، فيما أجرت فحصا لأكثر من مئتي مشتبه بإصابته بالفايروس منذ ظهور أول إصابة في العراق.
وانتشر فيديو مسربا حول عملية دفن الموتى المصابين بالمرض لفرقة صحية وهم يجرون جثة متوفي لوضعها في حفرة عميقة، لتشكل صدمة هائلة حول طريقة الدفن، حيث زاد من مخاوف المواطنين الذين بالعادة يمتلكون مقابر خاصة بهم في النجف ولديهم عادات في التكفين والتشييع وإقامة العزاء.
ويشعر الناس في ذي قار، وبقية المدن في الجنوب، بالطمأنينة لدى دفن موتاهم في مقبرة وادي السلام في مدينة النجف، لما تمثله هذه المدينة من قيمة روحية ، إضافة للمكانة الدينية التي تحظى بها، ووجود مرقد الإمام علي دافعا لأن تكون الأجساد في وادي السلام بأمان، بحسب اعتقادهم وإيمانهم بهذه الفكرة.
وتشكل فكرة الدفن في الصحراء بسبب الإصابة بفايروس كورونا، بعيدا عن مقبرة وادي السلام، نذير شؤم للعائلات العراقية، ممن تفقد أحد أفرادها بالوباء، ولهذا يحاول الناس التملص من الإجراءات الصحية في حال الإصابة،، لا أن تكون بهذه الصورة والذي يعتبره الكثيرون شكلا من أشكال العيب الاجتماعي، كما يقول الباحث النفسي أمير العبادي لـ”المنصة”.


ويضيف، أن “التركيبة الاجتماعية هنا معقدة، وتنظر للكثير من الأحداث والقضايا بمثابة عار تخشى الإفصاح عنه، ولهذا، تجدهم يخفون المصاب ويعرضون أنفسهم لخطر الوباء على أن لا يشمت بهم إجتماعيا الناس أو القبائل أو يكونوا حديث الساعة في المجتمع”.
ويتابع، “هذه النظرة الاجتماعية ظهرت مع المرض، بسبب طبيعة الإجراءات الصحية المتبعة، التي يعتبرها المجتمع هنا بمثابة إهانة، بسبب طبيعة العادات والتقاليد والأعراف السائدة التي تكون عادة مزاجية في التعامل مع الأزمات”.
ويوضح، “هناك شق نفسي يتعلق بالمصاب، حيث يتمنى أن يصاب أكبر عدد لكي لا يشعر أنه منبوذ ويحاول إشراك أكبر جماعة معه بالإصابة”.
ويبيّن العبادي، “مما زاد من الإرهاب النفسي هو أماكن الحجر الصحي التي توفرها الصحة، حيث يخشون الذهاب إليها بسبب طبيعة التعامل مع المصابين، ولهذا كانت نتيجة طبيعية مشاهدة أكثر من حالة تهرب من المستشفيات”.
ويرفض مصاب شُفي من فايروس كورونا، الحديث عما حصل معه خلال فترة الحجر الصحي، حيث أخبر أقربائه مراسل “المنصة”، بأن قريبهم بدأ يتحسس لدى الحديث عن إصابته بالفايروس، بسبب الضجة الإعلامية التي حصلت خلال إعلانه مصابا، مفضلا عدم الاختلاط مع الناس في الوقت الحالي.
بابتسامة عريضة، خرج الشاب الذي هرب من المستشفى بعد يوم من العزل، بعدما ظهرت نتيجته بأنه غير مصاب بفايروس كورونا، قائلا، “لم أخشى الموت، بقدر خوفي في أن أموت وأدفن في حفرة عميقة في الصحراء وليس في مقبرة أهلي وأجدادي في النجف”.

مقالات ذات صلة

‫84 تعليقات

  1. My family members always say that I am wasting my time here at net, but
    I know I am getting knowledge everyday by reading such
    nice posts.

  2. I’m not sure where you’re getting your info, but great topic.
    I needs to spend some time studying much more or figuring out more.
    Thank you for great information I was on the lookout for this information for my mission.

  3. Excellent blog you have here.. It’s hard to find good quality
    writing like yours these days. I really appreciate people like you!
    Take care!!

  4. It’s perfect time to make some plans for the future and it is time
    to be happy. I have read this post and if I could I want to suggest
    you few interesting things or suggestions. Perhaps you can write next articles referring to this article.
    I want to read even more things about it!

  5. I’m no longer sure where you are getting your information, however good topic.

    I needs to spend some time studying more or working out more.
    Thank you for fantastic info I was searching for this info for my mission.

  6. Every weekend i used to visit this web page,
    as i wish for enjoyment, as this this web site conations genuinely pleasant funny information too.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى