بعد أكثر من 4500 سنة.. لعبة سومرية تعود إلى العراق من جديد
مرتضى الحدود- المنصة
جمع الآثاري عامر عبد الرزاق عدداً من شباب الناصرية ليعلمهم فك رموز لعبة قديمة عمرها أكثر من 4500 عاماً، كانت في ما مضى اللعبة الشائعة في مدينة أور، عاصمة السومريين.
يصف عبد الرزاق هذه اللعبة آنذاك بأنها بمثابة لعبة “بوبجي” لدى الشباب اليوم (لعبة انترنيت)، اذ تم تداولها بشكل شائع بغرض التسلية والتركيز وتنمية القدرات الذهنية.
قبل مئة عام تماماً اكتشفت بعثة تنقيبية بريطانية عاملة في العراق هذه اللعبة ليتم نقلها بعد ذلك إلى بريطانيا ويفك رموزها باحثون مختصون ثم أودعت في إحدى زوايا متحف لندن الرئيسي وكتب عليها “لعبة أور” دون أن يعلم العراقيون شيئاً عنها.
عامر عبد الرزاق وهو مدير لمتحف الناصرية يتحدث عن اللعبة وهو جالس في إحدى القاعات الآثارية في المتحف، مع شاب يتعلم منه كيفية ممارستها. وتبدو اللعبة بينهما بشكلها المستطيل، مصنوعة من الخشب، وتحوي خانات مربعة وفي كل خانة رسم أشبه بالنجوم.
يقول عبد الرزاق “حصلنا على “لعبة أور” ذات النسخة الخشبية بعد أن صممها مختصون أوربيون وتم عرضها في سوق الأمازون الأمريكي ليتم شراءها من قبل إحدى الجاليات العراقية ووضعها في متحف الناصرية كنوع من الإرث السومري”.
أما اللعبة الاصلية، فيقول مدير المتحف إنها كانت مرصعة باللازورد والأحجار الكريمة وقياسها لا يتجاوز الـ 50 سم طولاً و 25 سم عرضاً، مقسمة الى لوحين أحدهما يضم 12 خانة ومثلها في الجانب الآخر بـ 6 خانات ويربط بين اللوحين خانتين في المنتصف. وتضم الخانات رسوماً على شكل نجوم مع ثمانية قطع من النرد كانت في السابق ذات شكل هرمي.
ويتم اللعب فيها من قبل شخصين كل واحد يمسك أربعة من قطع النرد ويرميها ويبدأ باحتساب مجموعها ليقوم بنقل أقراص خشبية داخل هذه الخانات.
وتشبه لعبة اور تشبه الى حد ما لعبة “الطاولي” أو طاولة النرد المتواجدة لدى العديد من المقاهي.
ويلفت عبد الرزاق إلى أن البريطانيين لم يكتفوا بوضع اللعبة داخل متحفهم بل صنعوا نسخاً منها، كما أنهم رسموها على إحدى الأرضيات وصنعوا نسخة الكترونية على أحد حواسيب المتحف ليلعب بها زائروه كنوع من الترويج والتشجيع على زيارة المتحف.
ويصف عبد الرزاق اللعبة بأنها “استراتيجية خاصة بالذكاء والتركيز وتبين المستوى الفكري لدى شعب مملكة السومريون آنذاك”.
هذه القطعة الخشبية الموضوعة داخل علبة من الورق المقوى تضمنت أيضاً خارطة تبين طريقة استخدامها باللغة الإنكليزية.
“عامر” شاب من الناصرية، عازم على إحياء هذا التراث بتدريب الشباب على معرفة أسرارها واللعب فيها فضلاً عن تواصله مع نجارين لصناعة نماذج مشابهة لها لتكون أقل كلفة وبالتالي يتم شراؤها وتداولها بين الشباب والمقاهي والمنتديات.
ويرى عامر أن “اللعبة إذا ما انتشرت وتعلمها الشباب ستكون أقدم لعبة في تاريخ العراق منذ نشأته”.
ويضيف أنها “بشكلها غير المألوف وقطعها الخشبية الجميلة ورسوماتها تكشف لنا عالما جديداً من الغرائب والعجائب لدى مملكة اور السومرية لتكون بذلك دليلاً على هوايات كان يمارسها ذلك الشعب”.