“جرائم انتخابية” بحق المرشحات النساء
المنصة- رونق جبار حسون
انتهى الموسم الانتخابي وبدأ موسم حساب الأصوات والفائزين، لكن التحديات التي برزت أمام المرأة العراقية المرشحة لا ترتبط فقط بهذا الموسم، بل تتعداه إلى دورها الاجتماعي والنظرة السائدة عنها، وكل هذا يستحق وقفة دراسة وبحث.
فقد واجهت النساء العراقيات صعوبات كبيرة اثناء مرحلة الدعاية الانتخابية لم تنل نصيبها من التغطية الإعلامية، فتم تمزيق صورهن ورميها في الشوارع أو في حاويات النفايات من قبل تيارات منافسة او جهات حزبية تحاول التقليل من شأن مرشحات منافسات او من قبل مواطنين غاضبين.
المرشحة المستقلة نور خوام النعيمي إعلامية وناشطة في حقوق الانسان ومديرة العلاقات العامة في منظمة أثر للأغاثة والتنمية لذوي الاحتياجات الخاصة كما عملت مقدمة برامج خدمية وسياسية في عدد من المؤسسات الأعلامية، تقول عن ظاهرة تمزيق صور المرشحات خلال الحملات الانتخابية: “شهدنا خلال الحملة الانتخابية البرلمانية لهذا العام وحتى في الدورات السابقة تمزيق صور المرشحات من النساء وهي ظاهره تنم عن تخلف الفاعلين سواء كانوا مدفوعين من قبل جهات حزبية أو سياسية أو هو جهل من قبل الفاعلين”.
وأضافت النعيمي “في هذه الدورة تعرضت صور اغلب المرشحات المستقلات لهجمة كبيرة بتمزيق صورهن وأحيانا ازالة تلك الصور من الشوارع وأخفائها، واكثر هذه الحالات ظهرت ضمن الدوائر الانتخابية في بغداد الكرخ التي شهدت حملات تسقيط كبيرة لعدد من المرشحات من قبل ضعاف النفوس أو ممن باعوا ذممهم مقابل مبالغ مالية تدفع لهم من قبل منافسين حزبيين ليس لهم حظوة في الانتخابات بعد أخفاقهم الكبير الدورات السابقة”.
وبينت النعيمي خلال حديثها أنها تعرضت لهجمة كبيرة من قبل جهات سياسية متنفذة ومنافسة لها في نفس الدائرة الانتخابية عملت على رفع صورها وتمزيقها عادّة هذا التصرف بأنه “تنافس غير شرعي وغير اخلاقي”.
وعزت النعيمي أسباب هذه الهجمات إلى أن المرأة في المجتمع العراقي تعاني من ترسبات مجتمعية تحد من ظهورها نتيجة عادات وتقاليد عشائرية وعقائدية دينية سيطرت على عقول الرجال رغم التطورات الكبيرة والنجاحات التي حققتها المرأة العراقية خلال السنوات الماضية .
تسقيط سياسي
المرشحة عن التيار الوطني العشائري في العراق شيماء محمود جليل الكرطاني، وهي أم لثلاثة أطفال، وتحمل بكلوريوس محاسبة من الجامعة المستنصرية ولها خدمة وظيفية في وزارة التجارة لمدة لاتقل عن 24 سنة، تتحدث عن تجربتها في هذه الدورة قائلة “شرائح واسعة من الشعب العراقي لم تعد تؤمن بالتجربة السياسية العراقية لما بعد 2003 نتيجة الاخفاقات الحكومية التي عانى منها الشعب خلال فترات الحكومات المتعاقبة على العراق بعد 2003 لحد الان”.
وأوضحت الكرطاني أن “هناك كتل سياسية عملت على محاربة المرشحات المستقلات خصوصا مستغلين بذلك الثقافة العامة الذكورية التي تحارب المرأة وكل من تروم خوض المجال السياسي بشكل خاص”.
أما بخصوص العقبات التي تعرضت لها كونها أمرأة في تيار سياسي قالت “من الطبيعي أن التنافس الحزبي موجود كوني أمرأة ضمن الكوتا النسائية وقانون الانتخابات العام حدد لنا 25% كنسبة برلمانية مما أعطانا فرصا للفوز”.
واختتمت الكرطاني حديثها عن تجربتها بقولها “انها مؤلمة جدا لما شاهدته من تنافس غير شرعي ذهب بعض الاحيان للتهديد والتسقيط الذي يجبر المرأة عن العزوف عن الترشيح أو العمل السياسي”.
حكومات فاشلة
وفي رأي اخر عن مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية لهذه الدورة افادت المرشحة عن حركة امتداد في ذي قار نيسان عبد الرضا الزاير، بكالوريوس لغة عربية ودبلوم لغة انكليزية اضافة لكونها رسامة تشكيلية تعمل مدرسة في احدى الثانويات ضمن قضاء سوق الشيوخ . قالت: “لم يقتصر تمزيق البوسترات الدعائية للمرشحين هذه المرة على النساء المرشحات فقط بل تعدى ذلك حتى وصل الى كبار رؤساء الكتل المعروفين”.
وعزت الزاير ذلك الى الفشل الكبير الذي رافق العملية السياسية منذ اكثر من 18 عام توالت فيها حكومات لم تقدم للمواطن العراقي شيئا”.
وعن ترشيحها ضمن الدائرة الرابعة تقول الزاير إن “الترشيحات والتوجهات تنوعت فمنها حزبية ومنها نافرة من الاحزاب” على حد قولها، ولم تشهد او تلمس تفرقة في الترشيح كونها كانت ضمن قائمة قريبة من ابناء ذي قار الذين كان لهم دور كبير في التظاهرات التي شهدتها البلاد احتجاجاً على السياسات الخاطئة وسوء الخدمات التي يعيشها المواطن.
وأكدت الزاير انها فازت في انتخابات هذه الدورة لإيمانها بخدمة هؤلاء المتظاهرين من الجماهير التي قدمت الدعم لها خلال الحملة الاعلامية الانتخابية.
واشارت الزاير إلى انه “سيكون للمرأة دور كبير في هذه الدورة لما حصلت عليه من مقاعد كاستحقاق انتخابي وليس كوتا، مما يجعلنا اكثر ثقه في تقديم مايلبي طموحات الناخبين”.
جريمة انتخابية
وعن القرارات التي أتخذتها المفوضية العليا للانتخابات ضد ظاهرة تمزيق صور المرشحين صرحت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي قائلة “بالنسبة للاعتداء على حملات المرشحين فالعقوبة حبس لايقل عن شهر ولايزيد عن سنة وغرامة مليون الى خمسة مليون دينار عراقي على كل من تعمد الاعتداء على حملات المرشحين بحسب قانون الانتخابات رقم 9 سنة 2020 فصل الاحكام الجزائية”.
كما تؤكد الناطقة باسم المفوضية نبراس ابو سودة “أن ظاهرة التمزيق والاعتداء على صور المرشحين بصورة عامة جريمة إنتخابية ضمن القانون الانتخابي فصل الاحكام الجزائية، وبالتالي كل من يثبت عليه أنه قام بهذا العمل تطبق عليه إجراءات قانونية، وشدد القانون الانتخابي على استبعاد اي جهة او مرشح تثبت أدانته من قبل المحكمة”.
هناء ادوارد، الناشطة الحقوقية ورئيس جمعية الامل وشبكة النساء العراقيات التي تضم اكثر من ثمانين منظمة وتجمعا نسويا في جميع أنحاء العراق تحدثت عن دور المنظمات النسوية في توعية المواطنات للمشاركة في الانتخابات وحث النساء على التصويت لمن تعتقد انها ستقدم الافضل خلال الدورة البرلمانية القادمة.
تقول ادورد انها قدمت العديد من الورش والندوات لتثقيف النساء وخصوصا الشابات والنازحات بهدف المشاركة الفاعلة في هذه الانتخابات لما لمسته من تعديل في قانون الانتخابات الذي سيخدم هذه الفئات، ومحاربة خطابات الكراهية التي يطلق ضد النساء ولاسيما الشابات والشباب.
وأضافت “في الانتخابات الاخيرة اتخذت أنا شخصيا موقفا آخر هو المقاطعة أيمانا مني بضرورة كسر نظام الطائفية والفساد والافلات من العقاب والمسألة وجدت أن من الضروري الضغط على القوى السياسية، ليس بالضرورة من خلال المشاركة لآنها اصبحت غير مجدية طيلة السنوات السابقة أنما بوجود نوع من الضغط بضرورة التغيير”.
وترى ادوارد أن “التغيير لن يحدث بانتخابات عابرة تسمى ديمقراطية وتضيف شرعية للنظام الحالي لذلك كان موقفي ايضا مع العديد من المقاطعين كأسلوب مكمل للانتخابات، لكن هذا موقفي الشخصي ولايعني أني أضغط على الاخرين.. بالعكس اضع الموضوع في إطار القناعة الشخصية بالمشاركة او المقاطعة”.
تكتل نسوي
وعن دور المرأة في الانتخابات تحدثت ادورد قائلة: “المرأة العراقية لاتزال مكبلة بقيود كبيرة وقاسية وهذه القيود هي أن المرأة تفتقر لآمنها الشخصي نتيجة النظام العام الذي تسوده الفوضى التي اصبحت فوق سيادة القانون بوجود قوى فوق الدولة سواء من عشائر او قبائل او فتاوى دينية من جماعات مسلحة منظمة”.
وعن الجانب الاعلامي لظهور النائبات تحدثت ادورد بقولها “لا تزال (المرشحة) تفتقد الى خبرة ومهارات التواصل سواء مع الناس أو مع الاعلام ايضا تحت ضغط العادات والتقاليد والاعراف التي تكبلها وايضا تحت ضغط المسؤولية الاسرية التي ايضا تمنعها من الظهور او التواصل على النطاق المجتمعي او النطاق العام”.
وتستدرك قائلة: “مع ذلك أستطيع أن أقول اليوم وخاصة بعد الانتخابات الاخيرة أن المرأة أصبحت رقما مهما في العملية السياسية بوجود ليس فقط 83 أمراة برلمانية، بل تجاوز الامر إلى إمكانية وجود أكثر من مئة إمرأة اليوم ممكن أن تنال عضوية مجلس النواب”.
وتؤكد الناشطة النسورية على ضرورة تكوين تكتل نسوي داخل البرلمان “عابر للمحاصصة الحزبية والطائفية” من أجل التأكيد على قضية حقوق النساء وحقوق الانسان بشكل عام.
أُنجز هذا التقرير ضمن برنامج تغطية الانتخابات العراقية الذي نفذته منظمة “أوان ميديا” بدعم من منظمة دعم الاعلام الدولي (International Media Support )