هل ستؤول مقاطعة الصدريين الى انخراط عقد التحالفات وعودة عصر التوافق بين الكتل؟
خروج زيباري من المعادلة وحظوظ اكبر لبرهم:
المنصة – منتظر الخراسان
من جديد يصدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر شركائه وخصومه السياسيين بموقف غير متوقع، فبعد مفاوضات انتهت بتحالف ثلاثي علّق الأخير حضور كتلته جلسة انتخاب رئيس الجمهورية مثلما علّق التفاوض مع بقية الكتل لتبدأ مرحلة من الانسداد السياسي في العراق.
الصدر خرج بتغريدة على حسابه الرسمي على تويتر سبقت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بأربعة أيام دعا فيه نوابه الذين وصفهم بـ”نواب الإصلاح” الى عدم التصويت لمرشح رئاسة الجمهورية من الحزب الديمقراطي الكردستاني اذا لم يكن مستوفيا للشروط، وهي إشارة صريحة الى هوشيار زيباري اقوى منافسي برهم صالح على مقعد رئاسة الجمهورية.
التغريدة اثارت موجة من الاستفهامات واعقبها في اليوم التالي مؤتمرا صحفيا من قبل رئيس الكتلة الصدرية البرلمانية داخل البرلمان حسن العذاري تضمن نقطتين أساسيتين الاولى ان الصدر أمر بتجميد المفاوضات مع الكتل السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة حتى اشعار اخر والثانية عدم حضور الجلسة الخاصة باختيار رئيس الجمهورية مستثنيا من ذلك نائب رئيس المجلس الأول حاكم الزاملي، ولم يسمح العذاري للصحفيين بطرح الأسئلة إذ غادر فور الانتهاء من اعلان النقطتين.
خطوة الصدر كانت بمثابة انقلاب ابيض على الشركاء السياسيين والخصوم أيضا بعدما طرح الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه الأبرز لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري الذي اعفي من منصبه كوزيرا للمالية عام 2016 عقب ظهور وثيقة تؤكد تورطه في هدر المال العام حينما كان يشغل منصب وزير الخارجية بين عامي 2006-2014 وحينها صوت التيار الصدري في البرلمان ضده.
خطوة الصدر الذي يملك تياره منفردا (73) مقعد عطلت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرر انعقادها اليوم الاثنين والتي قد يتم تأجيلها لحين اجراء مفاوضات جديدة بين الكتل.
الدكتور غالب الدعمي يرى ان ما أقدم عليه الصدر فيه مؤشر سياسي الى مفهوم “الثلث المعطل للجلسة” الذي لوحت به بعض الكتل السياسية التي تعارض الصدر والتي اكدت انها ستستخدم عدد نوابها باعتبارهم ثلث عدد أعضاء البرلمان لتعطيل جلسة اليوم وتعرقل انتخاب رئيس الجمهورية فسبقهم الصدر وعطل هو الجلسة بتعليق حضور نواب الكتلة الصدرية.
ويضيف “الكتلة الصدرية انهت هذه الفكرة التي روجت لها الكتل وأيضا حركت الجمود السياسي نتيجة إصرار الأحزاب والكتل على مرشحيها وقد يدفع هذا الامر الحزب الديمقراطي الكردستاني للتخلي عن مرشحه الأبرز هوشيار زيباري.
ووفقا لوثيقة صادرة من محكمة الكرخ موجهة الى المحكمة الاتحادية العليا اكدت محكمة الكرخ انها مازالت تجري تحقيقا وفق الطلب المقدم من قبل نائبين في البرلمان حول قضية الاضرار بالاموال العامة وهدر قرابة اربع مليارات دينار عراقي من قبل وزير الخارجية الأسبق وهو ما دفع المحكمة الاتحادية العليا لإصدار قرار بإيقاف إجراءات انتخاب هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية لحين حسم الدعوى.
مدير مركز الجنوب للدراسات صلاح الموسوي يفسر خطوة الصدر بانها مناورة سياسية جديدة تكشف حجم قدرة كتلته على إمكانية تعطيل الحكومة فضلا عن اظهارها مستوى الضغط الخارجي، فلا يمكن ان تشكيل حكومة من دون الكتلة الصدرية وهي الأكثر عددا داخل البرلمان وأيضا هي محاولة لتحريك الجمود السياسي نحو مفاوضات وطرح رؤى وأفكار مختلفة قد تعيد الامل للعملية السياسية الحالية.ملف زيباري أصبح عائقا سياسيا جديدا امام الكتل السياسية يضاف الى العائق السابق داخل البيت الشيعي ما بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي، إذ لم يتوصل الطرفان الى توافق رغم محاولة أحزاب سنية وكردية رأب الصدع بينهما.
الباحث في الشأن السياسي زياد العرار اكد في تصريحاته لوسائل اعلام محلية ان التيار الصدري اتخذ خطوة مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لمعرفة موقف شركائه بشكل واضح وصريح وتحديد موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني من مرشحه وامكانية الذهاب الى مفاوضات مع الاتحاد الوطني وطرح مرشح توافقي من قبل الاثنين.
وقال “خطوة الصدر هي خطوة سياسية وتشير الى ان خيار تشكيل الحكومة مازال بيده”.
الأمانة العامة لمجلس النواب سبق واعلنت عن ترشيح (25) شخصا لشغل منصب رئيس الجمهورية أبرزهم برهم صالح الرئيس الحالي ومرشح حزب الاتحاد الكردستاني وهوشيار زيباري المرشح عن الحزب الديمقراطي الكردستاني والقاضي السابق للمحكمة الجنائية العليا رزكار محمد امين وهو اول قاضي يتولى محاكمة الرئيس الأسبق صدام حسين حول مجزرة الدجيل وعبد اللطيف محمد جمال رشيد وزير الموارد المائية سابقا.
ويرى الباحث علي البيدر ان قرار مقاطعة الصدر أطاحت بجميع امال المؤيدين لانتخاب زيباري واذا ما استمر الأمر طويلا قد يقود البلاد الى مرحلة جديدة من الفراغ الدستوري.
ويضيف ” الدستور يسمح ان يتولى نائب رئيس الجمهورية المنصب حال انتهاء المدة المقررة للانتخاب وفي حال عدم وجود النائب يتولى المنصب رئيس مجلس النواب وهذا سيثير اعتراضات كثيرة داخل المنظومة السياسية وخصوصا داخل البيت الشيعي من الاطار التنسيقي”.
لكن القاضي رحيم العكيلي الرئيس السابق لهيئة النزاهة حسم الجدل الدائر حول الفراغ الدستوري الذي من المحتمل ان تدخل فيه البلاد اذ يرى ان الرئيس باق لحين انتخاب اخر وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 72 من الدستور.
وقال العكيلي في تغريدة على حسابه على تويتر ان “رئيس الجمهورية يستمر بممارسة مهامه الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد له وان هذا النص يقضي باستمراره كرئيس للجمهورية إلى ما بعد الانتخاب والاجتماع، ولحين انتخاب الرئيس الجديد، ولا اتفق مع من يذهب إلى انتهاء مدة الثلاثين يوما لانتخاب الرئيس خلواً لمنصب الرئيس؛ لان الدستور يبقيه رئيسا لحين انتخاب الرئيس الجديد وليس لحين انتهاء الـ30 يوماً لانتخابه على فرض مرورها دون انتخابه”.
ووفقا للمعطيات السياسية الحالية لا حكومة جديدة تلوح في الأفق القريب الا وقد تحتاج الكتل الى سلسلة مفاوضات تستمر شهورا قبل ان ترى الحكومة الجديدة النور، إذ لا يتوقع الخبراء والمراقبون تشكيل الحكومة قبل بداية الصيف.