للمرة الأولى في ميسان: ملتقى لأصحاب الحيوانات الأليفة

ميسان- مهدي الساعدي

تقف هند (28 عاماً) بجانب إحدى الشجيرات في متنزه النخيل العائلي في مدينة العمارة، تحضن قطتها الشقراء “فلّة” كثيفة الشعر، تمنعها من محاولة القفز والاتجاه نحو القطط الأخرى التي تجمعّت هنا بأعداد كبيرة وأشكال وألوان متنوعة. 

هند واحدة من عشرات المشاركين في “مهرجان الرفق بالحيوان” السنوي الأول الذي شهدته مدينة العمارة (جنوب شرق العاصمة بغداد) مطلع الصيف الحالي، والذي نجح بأن يكون أول ملتقى من نوعه لمربي الحيوانات الأليفة، يتبادلون فيه الخبرات حول طرق تربية هذه الحيوانات وكيفية الاهتمام بها.

حسين صادق صاحب فكرة إقامة المهرجان يقول في حديثه للـ “منصة” أن “الفكرة أتت من خلال مشاهداتنا المتكررة لحالة الإهمال وعدم الاهتمام بالحيوانات الأليفة، ونقص التوعية عموماً بمسألة الرفق بالحيوان، بالقطط وغيرها من الحيوانات”.

ويتابع صادق أن “الحيوانات الأليفة في مجتمعاتنا تتعرض للتعذيب، وهناك انتشار لظاهرة الحيوانات السائبة التي تعيش هي الاخرى ظروفاً قاسية وتعاني من الإهمال والتعنيف، بخلاف ما يحصل في الدول المتقدمة حيث يقدم لها الطعام المناسب والرعاية الصحية وتتوفر لها بيئة مناسبة لحمايتها”.

عشرات المربين تجمعوا في المتنزه بعد اطلاق الدعوات من قبل صادق ورفاقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحضور المهرجان الذي نجح باستقطاب المئات من مربي الحيوانات الاليفة، تنوعت بين القطط والكلاب والأحصنة والطيور، وشكلت بمجموعها ما يشبه حديقة حيوانات، لكن حيوانات أليفة.

وبحسب حسين، فإن عدد الحيوانات المسجّلة مشاركتها في المهرجان ناهز الـ 150 حيوان اليف، تنوعت بين الكلاب والقطط والاحصنة والطيور، فيما وصل عدد المشاركين إلى أضعاف الرقم بعد أن حضرت مئات العوائل الميسانية لمتابعة الحدث والتقاط الصور مع الحيوانات الأليفة.

محمد أحد المشاركين في المهرجان برفقة كلبه يؤكد لـ “المنصة” أن “فكرة المهرجان هامة وجميلة”، فقد استطاع من خلال مشاركته التعرف على العديد من مربي الكلاب، وتبادل بعض الخبرات حول تربيتها، وأسفر المهرجان في نهايته عن إنشاء ملتقيات الكترونية لمربي الكلاب لتبادل المزيد من المعلومات.

ويضيف: “أتمنى أن يتطور المهرجان ويضم المزيد من المشاركين، وأن يتوسع إلى محافظات عراقية أخرى”.

أما منظم المهرجان حسين صادق فقد رصد هو ورفاقه تفاعلاً كبيراً من المشاركين والمتابعين، مؤكداَ أن “ردود أفعال الزوّار كانت ايجابية، بعضهم طالب بإعادة تنظيمه مرة أخرى هذه السنة وبصورة أكبر، كما تواصل معنا أخوة من بقية المحافظات منها بغداد لإقامة تجمعات مشابهة”. 

هواية تربية الحيوانات الاليفة اخذت بالاتساع في الآونة الأخيرة بين أبناء المحافظة التي شهدت افتتاح مشاريع خاصة بالهواة والمربين، منها محال بيع مستلزمات وأطعمة القطط والكلاب، وهناك محال أكثر اتساعا تتضمن توفير الرعاية الصحية و التلقيحات اللازمة.

الطبيب البيطري د. علي محمد يؤكد زيادة أعداد الحيوانات المنزلية في ميسان بشكل لافت في السنوات الأخيرة، “هذا ما لمسناه خلال عملنا، إذ نستقبل العشرات من المربين يوميا لطلب الرعاية الطبية لحيواناتهم”. 

لكن ليس السهل على حد قوله التكهن بأعدادها في المحافظة، “كون الأعداد قابلة للزيادة والنقص عن طريق التكاثر أو الشراء من محافظات أخرى ولعدم توفر سجل بأعداد الحيوانات المنزلية وأنواعها كما هو معمول به في دول أخرى”.

حيدر كامل، أحد هواة تربية الحيوانات الاليفة يقول لـ “المنصة”: “قمت بتربية العديد من القطط بأنواع مختلفة، وتتوفر في مدينتي خدمات متنوعة لتلك الحيوانات من خدمات تنظيف وفندقة وتزاوج وتربية صغار، شرط استيفاء الشروط الصحية المطلوبة وأهمها التلقيح والتطعيم ضد الأمراض”، ويعتبر حيدر أن تربية القطط “هواية جميلة ولكنها في نفس الوقت تجارة مربحة”.

فضلا عن القطط والكلاب، كان لمربي الاحصنة في المهرجان حضورهم المميز، “كون الحصان يمثل أحد أهم الموروثات الشعبية للمحافظة، ولا زالت العديد من العشائر الميسانية تحتفظ باسطبلاتها وتفتخر بخيولها، خصوصاً الأصيلة منها”، يقول حسين صادق.

ويضيف أن المهرجان الذي تنوعت أنواع وأشكال الحيوانات فيه حظي بحضور طيف ميساني من العوائل صحبة أطفالهم، وأعضاء من منظمات المجتمع المدني المهتمة بالحيوان، خصوصاً أنه النشاط الأول من نوعه على أرض ميسان.

يقول صادق: “وصلتنا الكثير من عبارات الترحاب وكلمات الإعجاب والثناء، ليس من العوائل المشاركة فحسب بل من غالبية أبناء المحافظة بعد رواجه على مواقع التواصل، ولم نرصد تعليقات سلبية او رفض من قبل المجتمع بل العكس، ويطالبنا كثيرون بإعادة تنظيم المهرجان”.

أما هند التي أتت بصحبة قطتها، فلم تعد من المهرجان خالية الوفاض على حد قولها، بل كان المهرجان فرصة بالنسبة لها للتعرف على أصدقاء جدد يشاركونها نفس الهواية، وللحصول على معلومات طبية مفيدة لها في تربية قطتها المدللة “فلّة”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى