فرقة العطار البغدادية في مقاهي بغداد: “نغني ونعزف.. وننشر الثقافة”

مهدي غريب _ بغداد 

ما أن تفتح أبواب مقهى الزهاوي في ساعات الصباح الاولى من يوم الجمعة حتى تبدأ فرقة العطار الغنائية بضبط الآلات الموسيقية واجراء تجارب الصوت لاحياء أصبوحة بغدادية تعيد لأذهان الكثيرين من السمّيعة زمن الفن القديم. 

تتألف فرقة العطار من مجموعة من عازفي ومغنّيي المدينة يحيون معظم الاصبوحات الغنائية في المقاهي الشعبية في شارع الرشيد على حسابهم الخاص، وكذلك الأمسيات الرمضانية التي تقام في شارع المتنبي، وهي جهود ذاتية تبذلها هذه الفرقة “من أجل إسعاد الناس وتعريفهم بالثقافة الغنائية البغدادية” على حد وصفهم.       

هاشم العطار مدير الفرقة هو الأخ الأكبر للمغني العراقي المعروف قحطان العطار الذي قدم في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي الكثير من الأغنيات الرومانسية غناها لاحقاً مطربون عراقيون معروفون.

يروي هاشم للمنصة فكرة تأسيس فرقة العطار الغنائية قبل خمس سنوات قائلاً: “كان الهدف الأول من تأسيس العطار إحياء الماضي بروح معاصرة وتقديم المقام البغدادي للمتذوقين من خلال اغنيات كانت مشهورة سابقاً أو من خلال تقديم بعض الالحان المحبوبة التي مازال يرددها الناس إلى اليوم”. 

ويضيف العطار ” هناك اقبال كبير من الناس على مقهى الزهاوي لان الاغاني السبعينية والثمانينية لها نكهة خاصة ومميزة”.

في يوم الجمعة يمتلئ المكان بالناس فتكون كافة الكراسي محجوزة سواء في مقهى الزهاوي أو في أحد المقاهي المجاورة التي تعزف فيها الفرقة، لكن دوماً في شارع الرشيد . 

منذ تأسيسها احتضنت فرقة العطار العشرات من المواهب الشابة من عازفي كمان وعود وقانون ومؤديي مقام بغدادي، كما انضم عدد من النساء إلى الفرقة. 

مكصد الحلي عضو مؤسس في فرقة العطار أحد أقرباء الفنان الكبير سعدي الحلي يتحدث للمنصة قائلاً: “حاولنا قدر الاماكن صقل القدرات الشابة والآن هم يحيون معنا الحفلات التي تقام في مقاهي بغدادية التراثية”.

ويتابع: “عندما نرى موهبة تستحق الظهور ولديها كل الأدوات الفنية نسوقها من خلال معرفتنا  بالشعراء والفنانين والملحنين، فالهدف لا يكمن فقط بأحياء الفن القديم بل التفكير أيضاً بالمستقبل”.    

ويصف الحلي فرقة العطار بأنها بمثابة “بيت للفنانين الشباب وملاذ للانطلاق نحو الفن الراقي”.

وتنتشر في شارعِ الرشيد الكثير من المقاهي الشعبية، كل مقهى له ذكرى خاصة متعلقة بمطربٍ أو محلنٍ أو شخصية اجتماعية كانت تتواجد به بدايةً من مقهى أم كلثوم التي غنت  بالقرب منه كوكب الشرق أم كلثوم في ثلاثينيات القرن الماضي فسمي بها، أما بقية المقاهي كمقهى حسن عجمي والأسطورة والزهاوي فكانت ملتقى للنخب الفنية والغنائية.  

الا ان هذه المقاهي لا تقيم اصبوحات أو أمسيات غنائية فقط اقتصر الغناء على مقهى الزهاوي لكن بعض الاماكن الفارغة في شارع الرشيد والتي كانت مخازن للكتب تحولت الى مقاهي شعبية وراحت تقام بها أمسيات بغدادية. 

 منذ بداية القرن العشرين ازدادت رغبة البغداديين في الاطلاع على فنون الموسيقى والغناء والرقص والتمثيل والرسم خاصة بعد تأسيس ملاهي ونوادٍ ودور سينما في بغداد.

تأسس أول معهد للموسيقى في بغداد عام 1936 وارتبط بوزارة المعارف فتم استقدام أصحاب اختصاص في الموسيقى وتولى ادارته الموسيقي المعروف حنا بطرس وشكل المعهد فرقة موسيقية كاملة العدد قوامها طلاب دار المعلمين ليقوموا بعد تخرجهم بتدريس الموسيقى في المحافظات.

عدد من النساء المغنيات في بداية القرن الماضي اشتهرن بأصواتهن المتفردة التي صنعت لهن نجومية على المستوى العربي، على رأسهنّ منيرة الهوزوز وسليمة باشا مراد وعفيفة اسكندر ولميعة توفيق وزهور حسين والعديد من الاصوات التي بدأت مسيرتها الغنائية بالمطاعم ودور السينما وحتى في الأحياء الشعبية. 

سهى العطار عضو في فرقة العطار الغنائية وأول مطربة تغني بالفرقة تقول “في كل يوم جمعة اغني للمطربات العراقيات الراحلات، مائدة نزهت زهور حسين وغيرهن، طبعاً بناءً على طلب الجمهور ودون أن أتقاضى ثمناً لقاء ذلك”.

وتضيف العطار “هدف الفرقة إسعاد الجمهور بالأغاني القديمة وتذكيرهم بالطرب الراقي الذي حافظ على لونه رغم بروز بعض اصوات النشاز التي أساءت للفن”.

وتختم كلامها ملخصة عمل الفرقة ورسالتها بالقول: “نحن هنا نغني، نعزف، نعلم.. ونثقف”.               

              

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى