حناء الفاو.. مشروع فردي ذو فائدة إقتصادية ومناخية

البصرة- نغم مكي 

لطالما أثارت اهتمامه شجيرة الحناء في حديقته المنزلية، يتأمل اوراقها الخضراء وجمال ثمارها ثم ينهمك بقراءة مقالٍ كتبه مهندس زراعي يمني عن إنتاج الحناء وتجارتها. تومض برأسه فكرة إنشاء مشروع لإكثار زراعة هذه النبتة.

لم يحالف الحظ زين العابدين الموسوي في الحصول على فرصة عمل مناسبة بعد تخرجه في كلية الهندسة، فالعمل في إحدى الشركات الاهلية بصفة إداري لم تلبي طموحه، بينما بقي حلم تأسيس مشروع تجاري فردي يراوده دون أن تتوفر القدرة المالية لإنشائه على أرض الواقع.

يتابع زين العابدين، الشاب العشريني، أن تزايد الطلب على الحناء في قضاء الفاو منبع زراعة الحناء والنخيل في البصرة، وقلة العرض بسبب الحروب وموجات الجفاف التي قللت من أعداد أشجار الحناء، هي الأسباب التي حفزته على البدء في هذا المشروع.

“لم تكن تنقصني المعرفة، فأنا مهندس زراعي لدي خبرة في التعامل مع النباتات والمحاصيل الاقتصادية، لكن التحدي الذي واجهني هو تأمين المبلغ الكافي للبدء بالعمل” يقول زين العابدين.

والحناء شجيرة شبه دائمة الخضرة تحب أشعة الشمس والحرارة والطقس الرطب و تتساقط بعض أوراقها في الشتاء شديد البرودة وتزهر في الربيع والصيف لتعاود نموها الخضري وإنتاجها. 

وتعتمد هذه الشجيرة على السماد الحيواني فقط ويزداد انتاجها بالقرب من المياه العذبة أو باستخدام الري المقطر بينما يقل في المياه المالحة.

“بسبب الشبه بين  بيئة قضاء الزبير وبيئة قضاء الفاو القريبة من البحر تمكنت من زراعة أشجار الحناء” يتابع زين العابدين مشيراً إلى أنه اشترى نصف الكمية من الفاو و”النصف الاخر كاثرته بنفسي من الشجرة التي لدي بطريقة التكاثر بالأقلام”.

وصل عدد شجيرات زين العابدين حالياً الى الألف وبتزايد بمعدل إنتاج يقارب 300 كيلوغرام في كل موسم. يقول: “أصدر انتاجي للمحافظات فقط ويكون الحصاد ثلاث مرات سنوياً كل 3 أشهر”.

ويؤكد على أن “جودة حناء الفاو تعادل جودة الحناء اليمنية والسعودية والهندية لأنها طبيعية مئة بالمئة من دون إضافات كيميائية وأصباغ اصطناعية وذات فائدة صحية وجمالية للشعر والجسم وتدخل في الصناعات التجميلية”.

المهندس الزراعي الشاب يشير إلى فوائد نبات الحناء للبيئة العراقية، فأشجار الحناء تزرع ويتم إكثارها بالآلاف “وهذا يؤدي الى تغيير واضح في مناخ المناطق المزروعة بها”.

حسين فالح عبد الكريم وهو متخصص بتكنولوجيا المياه يذكر في حديث إلى “المنصة” أن إغلاق نهر الكارون (شرقاً) الذي يصب في مياه شط العرب في السنوات السابقة أدى إلى ارتفاع  تركيز الأملاح في تربة الفاو  بنسبٍ غير مسبوقة.

هذا التركيز سبب ضرراً للمزروعات وبحيرات الأسماك ، “ليس فقط الحناء من تأثر بالمياه المالحة وإنما باقي المزروعات وفي مقدمتها أشجار النخيل”، يقول الخبير المائي.

لتجاوز مشكلة الملوحة يلجأ بعض المزارعين إلى استخدام منظومات تحلية، يلفت الخبير، مشيراً إلى أن “زراعة الحناء سهلة لكنها تحتاج الى مياه ذات أملاح لا تتجاوز ألفي جزء بالمليون حتى تنمو بشكل جيد”.

وكان رافد نهر الكارون يسهم في دفع المياه المالحة القادمة من الخليج العربي نحو الجزء الجنوبي من شط العرب وقد أدى إغلاقه من قبل الجارة إيران د إلى تدمير الزراعة ونفوق أسماك  عدد من البحيرات. 

ويتفق المتخصص بتكنولوجيا المياه ومدير زراعة البصرة هادي حسين مع عبد الكريم أن الحروب المتعاقبة على البلد، وخصوصاً فترة الحرب العراقية-الإيرانية، قد قلصت مساحات الحناء بشكل كبير في منطقة الفاو.

ويؤكد أن مديرية الزراعة “بدأت منذ العام الماضي تنفيذ برنامج علمي لاعادة هذه الشجيرة الى مناطق الفاو ونجحنا بزراعة مساحات كبيرة منها، كما تم تكثيف عقد الندوات لتشجيع أهالي الفاو على زراعتها”.

من جهته يطمح الشاب زين العابدين بيوم تستطيع فيه محافظة البصرة تصدير الحناء إلى دول الجوار، ويقول: “زراعة الحناء قد تنقذ آلاف الشباب البصريين من البطالة، وتسهم بالوقت نفسه في في تقليل تأثيرات المناخ المتفاقمة عاماً بعد عام”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى