كاميرات المرور تغيّر في طبائع السائقين والركّاب في بغداد
فاطمة سمير – بغداد
ما أن يطلع ضوء الصباح حتى ينطلق الرجل الملقّب بـ “جميل السائق” بمركبته إلى تقاطع جامعة بغداد ليركنها بالقرب من التقاطع مناديًا على المارّة: “دورة.. دورة”. وعندما تمتلئ عربته بالركاب ويكتمل عددهم ينطلق بهم إلى منطقة الدورة جنوبي بغداد.
أثناء عمله اليومي على عربته من نوع “كيا” يمر “جميل السائق” البالغ من العمر ثلاثين عامًا بمواقف عدة، فهو يقودها يوميًا من السادسة صباحًا وحتى العاشرة ليلًا، لكن أبرز ما يؤرقه في الفترة الأخيرة هو الكاميرات المرورية التي نصبتها إدارة المرور في معظم مناطق بغداد قائلًا: “بلغ مقدار الغرامات التي دفعتها خلال الشهر الماضي حوالي 600 ألف دينار تقريبًا وهذا الرقم أثقل كاهلي”.
كاميرا مراقبة السرعة أو كاميرا إنفاذ قوانين المرور أو رادار المرور هي كاميرات آلية توضع بجانب الطرق أو في التقاطعات، الغرض منها التقاط حركة السيارات المخالفة لقوانين المرور من حيث تجاوز السرعة المحددة أو قطع الإشارات الضوئية أو السير في مسار الحافلات وغيرها.
وحددت مديرية المرور العامة منتصف آذار (مارس) الماضي موعدًا لبدء فرض الغرامات المرورية عبر هذه الكاميرات في عموم العراق.
يخبرنا جميل أنه وبعد تطبيق القوانين وفرض الغرامات عليه بدأ بالانتباه ولبس حزام الأمان منذ صعوده السيارة وحتى عودته إلى المنزل، ثم يضيف أنه منذ تطبيق القانون أصبح الركاب ينزعجون من الجلوس في المقاعد الأمامية بسبب لبس حزام الأمان بعد أن كانوا يتنافسون فيما بينهم على الجلوس في المقدمة.
مديرية المرور أصدرت بيانًا حمل الرقم (1) لسنة 2024، قررت فيه “المباشرة برصد المخالفات المرورية المنصوص عليها في قانون المرور رقم 8 لسنة 2019 وفرض الغرامات المرورية عليها اعتبارًا من يوم الجمعة الموافق 2024/3/15 عبر كاميرات المراقبة الذكية ورادارات السرعة المثبتة على الطرق الدولية السريعة”.
وحددت المديرية التقاطعات والخطوط السريعة المشمولة برادارات السرعة والمخالفات المقرر رصدها والتي بلغت ٨ تقاطعات في بغداد، أبرزها زيونة وشارع فلسطين والمثنى، وأيضًا الخطوط السريعة كسريع محمد القاسم وسريع الدورة.
طارق أحمد، أحد أصدقاء جميل من سكان منطقة زيونة ولديه طفل صغير، يعمل سائقًا ويقف في الجهة الثانية من الشارع ينقل الركاب من الطلبة والموظفين إلى حيث يريدون، يقول: “في كل يوم أنقل الركاب إلى مناطق مختلفة من العاصمة وأكثرها تكون في أحياء الرصافة وهي الأكثر احتواءً على الكاميرات المرورية”.
يروي طارق أنه قبل أيام جلس أحد الركاب معه في المقعد الأمامي ورفض أن يرتدي حزام الأمان، “اضطررت بأن أطلب منه النزول وعدم نقله إلى المكان الذي يريد” ويتابع: “حتى زوجتي، بعد تطبيق القوانين، صرت أجعلها تجلس في المقعد الخلفي لأنها تضع ولدنا الصغير في حجرها وهذا يعتبر من ضمن المخالفات”.
وأكد المتحدث باسم المديرية العميد زياد القيسي في تصريح صحفي إن المخالفات التي سيتم رصدها من خلال الكاميرات تشمل عدم ارتداء حزام الأمان بالنسبة للسائق والراكب، وعبور الخط الفاصل بين الإشارة الضوئية وإشارة العبور وأيضًا إغلاق المسار الأيمن متعمدًا أمام المواطنين، واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة. كما تشمل لائحة المخالفات أيضًا “القيادة بتهور ورعونة كالانتقال من المسار الأيمن إلى الأيسر أوالمشي بين المسارين”.
ودعت السلطات المرورية سائقي السيارات إلى الإسراع في التسجيل في منصة “أور” الإلكترونية، وهي منصة تم تخصيصها لإرسال المخالفات المرورية عبر رسالة نصية إلى المخالفين لضمان عدم تأخيرهم بالدفع وبالتالي عدم مضاعفة المبلغ.
السائق أبو مصطفى البالغ من العمر أربعين عاماً، والذي يمتلك سيارة أجرة ينقل بها الطالبات من منطقة الدورة إلى جامعة بغداد يتحدث هو الآخر عن تغيرات طرأت على سلوكه وعلى سلوك الركاب منذ صدور القرار الجديد.
“يوميًا عند ركوب إحدى الطالبات في المقعد الأمامي من السيارة أقوم على الفور بتذكيرها بوضع حزام الأمان تفاديًا للمخالفة عند مرورنا بالتقاطعات التي تعتليها كاميرات المراقبة”، ثم يذكر لنا العم أبو مصطفى أبرز المواقف التي يتعرض لها أثناء نقله للراكبين، حيث يتذمر البعض من وضع حزام الأمان فيضطر للجلوس في المقاعد الخلفية أو جتى مغادرة العربة.
فيما تحدث عدد من السائقين للمنصة عن الحاجة الملحة لتوفير شوارع مخططة وعلى ضرورة فتح الطرق المغلقة وتوفير إشارات مرورية عن بعد لكي يتسنى لهم الحيطة والحذر تفاديًا لوقوع أي مخالفة مرورية أو تسجيل غرامة عليهم، “فطريقة تخطيط الشوارع والاختناقات المرورية الكثيرة والبنية التحتية المتهالكة تجبرنا أحياناً على ارتكاب مخالفات مرورية” يؤكد أبو مصطفى.
أما صديقه جميل الذي كان يقف إلى جواره، فيمازحه ويتساءل أيهما أكثر قدرة على تحمل الغرامة قائلًا لأبي مصطفى “لا شك أنك ستحطم الرقم القياسي في ذلك”.